نصر حامد أبوزيد: يجب أن نعطي "العيش لخبازه" أو نعود لمحاكم التفتيش
تحل اليوم ذكرى رحيل المفكر الكبير نصر حامد أبو زيد، والذي رحل في مثل هذا اليوم من عام 2010، تاركا مجموعة من المؤلفات الثرية.
العيش للخباز
وفي مقال له تحت عنوان "إعطاء العيش لخبازه أو العودة لمحاكم التفتيش"، نشر في مجلة أدب ونقد عام 1991، يقول نصر حامد أبو زيد: “الأخطر من الحكم على الاعمال الأدبية والفنية وفق مقاييس خارجة عن طبيعتها، بل ومتناقضة مع تلك الطبيعة إن رجل الدين يعمم حكمه على الأديب والفنان، فلا يكون العمل هو وحده المدان والملعون، بل تكون اللعنة والإدانة من نصيب صاحب العمل، فيوصف الكاتب بانه كذوب، وهذا الانتقال من العل الفني أو الأدبي إلى صاحبه يتجاهل أن الفن والادب نتاج نشاط تخيلي، ومن هنا لا يصح أن يوصف – فضلا عن أن يوصف صاحبه- بالصدق والكذب”.
الصدق والكذب
يضيف: "الصدق والكذب مقاييس أخلاقية يصح أن يوصف بهما الكلام العادي ذو الطبيعة الإخبارية والإعلامية المباشرة، لكنها لا تصلح للحكم على الفن والأدب، ولو كان مشايخنا قد قرأوا عبد القاهر الجرجاني قراءة واعية خاصة في كتابه إعجاز القرآن لأدركوا أن وصف العمل الأدبي - والشعر خاصة – وفق مقاييس الكذب والصدق إنما هو وصف لا يعتد بطبيعته الخاصة، أي لا يكون وصفا له من حيث هو أدب وشعر".
محاكم التفتيش
ويكمل نصر حامد أبو زيد: “بعبارة أخرى تكون الأحكام الصادرة أحكاما لا يعتد بها، إن مشكلة تصدي رجال الدين للحكم على الفنون والآداب ليست في مدى مشروعة كما رأينا، لكنها رغم ذلك تمثل خطرا يجب التصدي له، لما يتمتع به رجل الدين في ثقافتنا من مكانة تعطي لأحكامه قوة الدين ذاته، ولأن هذه المكانة تمثل مسئولية فادحة فعلى علماء الدين أن يتعلموا أولا ما يريدون تعليمه للشباب المتطرف، أي يتعلموا ترك العيش لخبازه فغن لم يفعلوا صح عليهم حكم التطرف الذي يحكمون به على الشباب، ولأننا لسنا مغرمين بالتطوع بإصدار الأحكام، نكتفي هنا باستدعاء قول الشاعر
يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم".