رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتاب " المشترك الإبراهيمي  و الحواري الحضاري"

"سالم": الانتصار لحرية التعبير على حساب حق الاعتقاد لا يمثل جوهر الموقف التنويرى

الكاتب صلاح سالم
الكاتب صلاح سالم

صدر مؤخرًا عن دار العين للنشر كتاب "المشترك الإبراهيمي" والحوار الحضاري " للكاتب والمفكر المصري  صلاح سالم، عبر 466 صفحة من القطع المتوسط. 

يعد صلاح سالم واحد من أبز المفكرين المصريين المعاصريين، حصد العديد من الجوائز اخرها كانت جائزة الدولة التقديرية  في العلوم الاجتماعية عن مجمل مؤلفاته. 

يأتي كتاب"المشترك الإبراهيمي..والحوار الحضاري" امتدادا للمشروع الفكري لصلاح سالم والذي تجاوز 25 مؤلفا، وقد جاء عبر مسارين أولهما الهوية وتحولاتها، وثانيهما الدراسات المستقبلية.

صلاح سالم 

يأتي كتاب "المشترك الإبراهيمي والحوار الحضاري " ليكون واحدًا من أهم وأبرز الكتب التي تبحث في المشترك الديني والتطور الأخلاقي، يؤكد سالم  فيه على ذلك الفارق الحاسم الذي لابد من  استعادة تفكره ووعيه بين الحدس الباطني والإدراك المعرفي فيما يتعلق بقضية الاعتقاد الديني. 

يقدم عبره تطواف معرفي  وتاريخي  وفلسفي بين الأديان التوحيدية  الثلاثة التي تنهض علاقتها على مزيج من المشابهة والتي تفرض نوعا من التجانس. ويطرح عبره العديد من القضايا مستخدمًا النص "المقدس" مرجعًا رئيسيًا، وذلك عبر طرح رؤى آخرين  أمثال الحبر اليهودى "جنتر بلاوت " محرر آخر طبعة من التوراة، كارل بارت، صمويل هنجتون  وغيرهم.

يناقش المؤلف العديد من القضايا والتي جاءت في هيئة أبوابا رئيسية لكتابه وهي: المشترك الديني والتطور الأخلاقي، المشترك الثقافي والتعايش التاريخي، المشترك الحضاري والوضع الراهن. 

 يرى سالم إذ كان الدين، وليكن "أ" لدى المؤمن، به هو حدس باطني، جزء من هويته الداخلية، لا يمكن الانفصال عنه، فالشعور باليقين إزاءه  يبقى أمرا طبيعيا، ولكن هذا الدين نفسه، بالنسبة إلى شخص آخر يتبع الدين "ب" أو لا يتبع أي دين، فمجرد حقيقة خارجية، يسعى إلى التعرف إليها باعتبارها موضوعًا  لإدراكه، يحق له أن يطرح حولها أسئلة ويفترض إجابات، لكن دون الجزم بصحتها.

ويؤكد سالم على أن وجود الدين حقًا؛ لتمكين الإنسان من الاستنارة الوجودية، العقلية والروحية، ولكن هذه الغاية تظل مستحيلة مالم يعكس الدين بأمانة تنوعات الضمير البشري، يصغى إلى  توتراته، فعندها فقط  تصير الأديان طرائق معبدة إلى الله، لا انصالًا حادة في يد الشيطان، كما جرى كثير في التاريخ، ولا يزال. 

يعتقد سالم أن هناك شروطًا أساسية لترسيخ وتجذير وقبول ذلك التنوع اجملها في ثلاثة الأول منها: قبول  كل طرف للآخر كما هو، واحترام فهمه لذاته لأن كل دين لديه نقاط جوهرية صلبة، لا يمكن أن تطرح للمناقشة وغير قابلة للحسم والمساومة أو التنازل، لذا يصبح انتقاد المسيحيين للإسلام والعكس يصبح نقدًا ذاتيًا صرفًا. 

وثانيها: الاعتراف بوجود أشكال مختلفة للجوهر الألهي الواحد، يعنى تجاوز مفهوم الشكل الثابت أو الوحيد للدين، والقبول بمبدأ الأشكال المختلفة للمقدس ولطرائق التعبير عنه. أما عن الشرط الثالث فهو أن يفرق كل مشارك في الحوار بين رسالته الإيجابية وبين حججه الدفاعية.

ويؤكد في خاتمة كتابه على أن الانتصار لحرية التعبير على حساب حق الاعتقاد لا يمثل جوهر الموقف التنويري، الذي يحترم مفهوم الحقيقة ولا يدعي امتلاكها "أ" إذ يراها متعددة، ويلفت  إلى أن هذا ما يتجاهله هؤلاء المتعصبون عندما يحاولون فرض المعايير الأوروبية على الثقافة الإسلامية.

ويؤكد سالم على أن المتعصبين العلمانيين يقفون على  الشاطيء الموازي للتعصب الديني، فعلى حد سواء تنقصهم المعرفة بمسيرة الأديان، ومسيرة التنوير.