30 يونيو.. حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء
مر 11 عاما على يوم 30 يونيو، الذي خرج فيه المصريون إلى الشوارع في كل محافظة ومدينة ومركز، ليعلنوا رفضهم استمرار حكم الإخوان لمصر، خرجوا وكان من بينهم في هذا اليوم المجيد خلال فترة حكم الإخوان وما قبلها لا يرون فيهم إلا البراءة والوطنية والصدق والعمل من أجل الناس والبسطاء والخوف على الوطن.
ولكن خلال عام واحد فقط من السلطة، اكتشف الكثير من المخدوعين زيف كل ما ادعاه الإخوان يوما، اكتشفوا أن ثياب الحملان التي ارتدوها منذ نشأتهم، وأضافوا الكثير من التطوير و«المكياج» في يناير 2011، لم تكون إلا أقنعة متعددة الأوجه بحسب الوقت والمصلحة والغاية والوسيلة التي يستخدمونها للوصول إلى غايتهم الأولى والأخيرة.. «الحكم والسلطة» ولو بالمخالفة لكل ما ادعوه أو أذاعوه عن أنفسهم في يوم من الأيام.
في 30 يونيو 2013 توحد المصريون خلف هدف واحد فقط، هو استعادة مصر من قبضة التطرف والغلو واسترجاع هويتها وصوتها وصورتها التي تتسع لكل أبناء مصر على اختلاف أطيافهم وطبقاتهم ومستوياتهم، توحد المصريين وقتها كان هو الحل والإجراء الأخير وقتها فلم يكن من السهل أن يرموا وراء ظهورهم كل مشاعر اليأس والإحباط وقلة الحيلة، والخوف من مجهول لا يعرفونه.
فالأشهر القليلة التي قضتها «الجماعة الإرهابية» أظهرت كل مساوئها ومثالبها فالسلطة هي الهدف الأول والأخير وكما كانوا يقولون وقتها فإن الشرعية دونها الرقاب، وهذا ما جعل المصريون يفكرون إذا كانوا بعد سنة واحدة يقولون دونها الرقاب فماذا سيكون الأمر لو استمروا عدة سنوات واستتبت لهم الإمكانيات وتهيأت كل الظروف، كانت المخاوف مرتفعة والسيناريوهات ليس لها سقف.
فمن عاش أو قرأ عن ما حدث بعد ثورة الخميني في إيران، العشرية السوداء في الجزائر من قبل تيارات التأسلم هناك، كان يدرك أن تمكن «الجماعة» من مفاصل الدولة المصرية واستكمال مخطط «الأخونة» يعني أن أي محاولة لتغييرهم أو استبدالهم بأي طريقة ديموقراطية، أو من خلال الانتخابات وعبر صناديق الاقتراع سيؤدي بالضرورة إلى وقوع صدام وسيلان دماء قد لا يتوقف لفترة طويلة، وهو ما حدث بالفعل ولكن الله لطف بمصر فإرهابهم وعنفهم حصر أكثره في سيناء والمناطق الحدودية مع بقية جماعات التطرف والإرهاب، وما طال داخل الوطن كان من فضل الله قليلا، ومكننا الله بفضل الصبر وبفضل قواتنا المسلحة الباسلة وجيشنا العظيم من الانتصار على الإرهاب ودحره والقضاء عليه.
حشود الشعب المصري العظيم في 30 يونيو 2013، خرجت لأن هذا كان السبيل الوحيد «لنعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»، كما قال الزعيم الراحل محمد أنور السادات في خطاب النصر يوم 16 أكتوبر 1973 أمام مجلس الشعب، ففي هذا اليوم وضعنا أقدامنا على أول هذا الجسر وبدأنا السير لنعبر باتجاه «الرجاء» وهو أن نرى مصر كما حلم بها كل منا يوما في داخله بقلبه قبل عقله، دولة متقدمة تحيا بالعلم والقانون والدستور، قوية لا يجرؤ أحد أن يضع لها شروطا أو يفرض إرادته عليها أو يحدد لها طريقها إلا شعبها وجيشها وقيادتها التي تضع مصلحتها وأمنها القومي نصب أعينها وتقدمه على كل وأي شيء.
واليوم في الذكرى الـ 11 لثورة 30 يونيو، فإننا ما زلنا على الجسر نستكمل العبور في طريقنا إلى الرجاء، وسط تحديات ومصاعب جديدة وكبرى تحيط بنا في الداخل والخارج، وعلينا أن ندرك أن الطريق لم يكتمل ولم ينته ولم نصل إلى وجهتنا المنشودة، فشعب مصر تحمل الكثير خلال السنوات الـ 11 إيمانا منه بأن البناء يحتاج للكفاح والتعب ومواصلة العمل ودعم الحكومات المتعاقبة وقيادة البلاد في كل خطواتها وفوت الفرصة على من أراد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو يفرض بالضغط على مصر ما لا يمكن أن يوما في مصلحتها.
واليوم ينتظر الشعب من الحكومة المقبلة أن تشاركه هي أيضا خطواته على نفس الجسر وأن تتحمل معه كمل تحمل، وأن تعمل لتخفف عليه من وطأة التحديات والأزمات المتعاقبة خلال السنوات الأربع الماضية لم يكون له يد فيها، وسعى لتجاوزها وتحمل آثارها حتى وصلنا إلى الكثير من الإنجازات التي حققتها الجمهورية الجديدة، وبقي بعض من الحواجز والعقبات لنعمل على تجاوزها.
الذكرى الـ 11 للثورة تفرض على الحكومة أولا ثم الشعب أن يسيرا جنبا إلى جنب للتغلب على أي عقبة أو تحد أو يأس وصولا إلى الرجاء، ليحققا سويا ما قاله «السادات» بطل الحرب والسلام.. «سوف يجئ يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا في موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ساد فيها الظلام ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»، ونتمنى أن نحتفل في الذكرى المقبلة لثورتنا المجيدة وقد وصلنا إلى تحقيق أمنيات الرجاء جميعها جنبا إلى جنب شعب وجيش ودولة كما كنا في 30 يونيو 2013.