بعد فتح الكنائس أبوابها لطلاب الثانوية العامة.. أولياء الأمور: "أنقذتنا وقت انقطاع الكهرباء"
في مشهد يجسد روح التكافل والتضامن المجتمعي، تحولت دور العبادة والمقاهي والمكتبات إلى واحات من الأمل والعلم لطلاب الثانوية العامة، ففي ظل الظروف الصعبة التي فرضها انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، فتحت هذه المؤسسات أبوابها على مصراعيها، مشعلة شموع المعرفة في وجه الظلام.
وكأنها قصة من قصص ألف ليلة وليلة، تحولت الكنائس والمساجد من أماكن للعبادة إلى فصول دراسية مؤقتة، حيث تعانقت الكتب المقدسة مع كتب الفيزياء والرياضيات، وفي زوايا المقاهي، استبدلت رائحة القهوة العطرة برائحة الحبر والورق، لتصبح هذه الأماكن ملاذًا للطلاب الساعين وراء حلمهم رغم كل الصعاب.
هذه المبادرة الفريدة جاءت استجابة لخطة تخفيف أحمال الكهرباء، وأثبتت أن روح المجتمع أقوى من أي انقطاع كهربائي، فها هي المدينة تتحول إلى خلية نحل، يسعى فيها الجميع لدعم جيل المستقبل في معركتهم مع الامتحانات، مؤكدين أن العلم والتضامن هما السبيل الوحيد لإنارة الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
وعن ذلك، تواصلت "الدستور"، مع عدد من أولياء الأمور الذين اضطر أبنائهم للذهاب إلى تلك الأماكن التي فتحت أبوابها أمام طلبة الثانوية العامة، وذلك لمواجهة أزمة الانقطاع الكهربائي التي تواجهها مصر في الآونة الأخيرة، وذلك بالتزامن مع امتحانات الثانوية العامة، التي بدأت في 10 يونيو الجاري، وتنتهي في 20 يوليو القادم، والتي يؤديها أكثر من 745 ألف طالب.
هدى: نلجأ للمقهى المجاور إذا انتهت بطاريات "الموبايلات"
قالت هدى ناصر، إحدى أولياء الأمور، من محافظة الإسكندرية، إن ابنها "خالد" يدرس في الشعبة الأدبية، طامحًا أن يلتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لذا يحاول قدر استطاعته الاجتهاد ليصل بمجموعه إلى كلية أحلامه، إلا أن انقطاع التيار الكهربائي قد يحول دون ذلك، فللأسف رغم الإعلان عن أن فترة الانقطاع هي 3 ساعات محددة إلا أن الانقطاع يحدث بشكل متقطع ولا يوجد وقتا محددا.
وأوضحت "ناصر"، في حديثها مع "الدستور"، أن عدد من الأماكن فتحت أبوابها لطلبة الثانوية العامة للاستذكار فيها خلال فترة الانقطاع، باستخدام المولدات الكهربية التي لديهم، مع توفير الجو المناسب لهم، موجهة الشكر لهم على تلك المبادرات، مشيرة إلى أن "خالد" يلجأ إلى المقهى المجاور لمنزلهم إذا تعثر الحال وانتهت بطاريات الهواتف المحمولة لديهم.
كمال: فتح الكنائس أبوابها للدراسة أنقذ أبنائنا
وتابعنا الحديث مع كمال نور، أحد أولياء الأمور، من محافظة بورسعيد، قائلا إن ابنته "هادية" تدرس بشعبة العلمي رياضة، فهي تطمح لدخول كلية الهندسة، لتكون مهندسة معمارية مرموقة، وهي تحدد عدد ساعات معينة خلال اليوم للمذاكرة، لكن بسبب انقطاع التيار الكهربي، فهي تعجز عن ترتيب وقتها، وأقصى ما نستطيع أن نقدمه لها هو وضع كشافات هواتفنا متجاورة لتتمكن من رؤية أوراق مذاكرتها.
وأوضح "نور"، في حديثه مع "الدستور"، أن فكرة فتح الكنائس أبوابها للطلبة هي فكرة عظيمة، حيث أتاحت فرصة جديدة للتغلب على عجزنا بتوفير الجو المناسب ليتمكن أبنائنا من المذاكرة وتحقيق حلمهم.
دعاء: "قد التحدي" مفتوح لأبنائنا الطلبة من 5 إلى 10 مساءً
وتواصلنا مع عدد من الأشخاص الذين قرروا فتح مقراتهم لتكون في استقبال الطلاب التي تحتاج إلى مكان للمذاكرة، فكانت البداية مع دعاء الشابوري، مديرة مركز "قد التحدي" لتأهيل وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة بمحافظة دمياط، قالت إنها بدأت مبادرتها منذ السبت الماضي، وأن المكان يتسع لـ40 طالبا، وهو أقل من المساحة الاستيعابية للمكان، لكن لتوفير المساحة وتهيئة الأجواء المناسبة للاستذكار.
وأضحت "الشابوري"، في حديثها مع "الدستور"، أن المركز يقع ضمن منطقة لا ينقطع الكهرباء فيها، بالتالي فالمكان مناسب في أي وقت للطلاب، ولكن عليهم الاتصال مسبقًا لفتح المركز لهم إذا كان في غير أوقات العمل، محددة الوقت من الخامسة وحتى العاشرة مساءً لاستقبال الطلاب.
هدى: "أحلى حياة" يقدم "واي فاي" مجاني للطلبة
ومن دمياط إلى البحيرة، تحدثنا مع الدكتورة هدى طلال الطايع، رئيس مجلس إدارة مركز تأهيل "أحلى حياة" للتخاطب وتنمية مهارات الأطفال، والتي قالت إن مسجد ناصر التابع للمركز مفتوح طوال اليوم لطلبة الثانوية العامة للمذاكرة، وأيضًا يمكنهم الذهاب لمقر المركز، فالمركز يقع ضمن منطقة لا ينقطع الكهرباء فيها، ومجهز بأماكن للمذاكرة و"واي فاي" مجاني لهم.
وأضحت "طلال"، في حديثها مع "الدستور"، أن المسجد غير تابع لوزارة الأوقاف، إنما هي جمعية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، مؤكدة أن المكان مفتوح دائمًا، وأن الطلاب الذين يريدون التفضل بزيارة مكانهم للدراسة التواصل مع المركز مسبقًا.
المنوفية تتكاتف لدعم طلاب الثانوية وسط أزمة الكهرباء
كما شهدت محافظة المنوفية مبادرات مجتمعية واسعة لدعم طلاب الثانوية العامة خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي، منها فتح مسجد أبو جبل بشنوان أبوابه للمذاكرة، بينما أكدت وزارة الأوقاف جاهزية المساجد لاستقبال الطلاب، من الفجر إلى العشاء، وفي حالة كان المسجد مغلقًا يمكنهم التواصل مع "الأوقاف" لفتحه.
وفتحت نقابة الأطباء مقرها لأبناء الأطباء، وأعلنت مقاهٍ وقاعات أفراح في أشمون والباجور عن استقبال الطلاب مجانًا مع تقديم مشروبات لهم.
كنائس بورسعيد تفتح أبوابها لجميع طلاب الثانوية العامة
وفي مبادرة تعكس روح الوحدة الوطنية، أعلنت مطرانية الأقباط الأرثوذكس ببورسعيد عن فتح أبواب كنائسها لجميع طلاب الثانوية العامة، بغض النظر عن ديانتهم، للمذاكرة خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي.
وأعلن القس أرميا فهمي، المتحدث الإعلامي للمطرانية، في تصريحات سابقة، أن ثلاث كنائس رئيسية ستستقبل الطلاب طوال فترة الامتحانات، مؤكدًا على توفير بيئة مناسبة للدراسة.
الإسكندرية تتحد لدعم طلاب الثانوية العامة وسط أزمة الكهرباء
أيضًا أطلقت مؤسسات الإسكندرية مبادرات لدعم طلاب الثانوية العامة، حيث فتحت كنائس أبوابها، مقدمة أماكن مكيفة للمذاكرة مع خدمات مجانية.
كما فتحت مكتبة الإسكندرية قاعتها الكبرى لاستيعاب 2000 طالب، مع استعداد لتوسيع المساحة عند الحاجة، وذلك بحسب تصريحات أحمد زايد، مدير المكتبة، مناشدًا الطلاب بالالتزام بقواعد المكان.
"مرسال" تنضم للمبادرة
كما أعلنت مؤسسة "مرسال" عن فتح فروعها لطلاب الثانوية العامة مجانًا، وذلك وقت انقطاع التيار الكهربي لديهم.