رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطيب الجامع الأزهر: العلم طريق الرقى والتقدم للأفراد والمجتمعات

الدكتور عبد المنعم
الدكتور عبد المنعم فؤاد

ألقى الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام علي الأنشطة الدينية والعلمية بالجامع الأزهر الشريف، خطبة اليوم الجمع.

وأكد خلال الخطبة، أن الإسلام  أعلى من شأن العلم والعلماء ويتجلى ذلك من خلال المكانة الرفيعة التي منحها الله تعالى إياهم في قوله تعالى  ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾، وقد حظي العلماء بشرف ذكرهم إلى جانب الملائكة، مما يدل على عظم قدرهم ومكانتهم، فذِكر العلماء بجوار الملائكة دلالة عظيمة على قدْر ومكانة العلماء، ففي الآية الكريمة شهد الله تعالى بوحدانيته وهي شهادة يقينية بأنه لا إله إلا هو، ثم تأتي بعد ذلك شهادة الملائكة بوحدانية الواحد، فالأولي شهادة الذات للذات، والثانية شهادة الملائكة وهي شهادة المشهد، ثم يأتي دور أولي العلم لكي يصطفوا في صفوف الملائكة بشهادة التوحيد "لا اله الا الله محمد رسول الله".

وأضاف المشرف على أروقة الأزهر: إن مكانة  العلماء في الإسلام استثنائية وفريدة، إذ حظيت بتقديرٍ عظيمٍ من الله تعالى ورسوله الكريم ﷺ. ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، تتوالى الآيات والأحاديث التي تُشيد بفضل العلم والعلماء، وتُؤكد على دورهم المحوري في بناء المجتمع وتوجيهه نحو الخير والرشاد، ولم يقف الأمر في الإسلام عند التكريمات اللفظية بل جعل الإسلام للعلم مكانة عملية ملموسة، لذلك جعل طلب العلم فريضة على كل مسلم، وجعل العلم مفتاحا للقيادة وتولي أمر المسلمين، وهو الأمر الذي اتخذتها الحضارة الإسلامية منطلقا لتقدمها ورقيها.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن طريق طلب العلم قد جاء في مشاهد قرآنية عظيمة، منها ما جاء في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر، حيث خاض موسى عليه السلام رحلة طويلة طلبًا للعلم بعدما أعلمه ربه أن هناك من هو أعلم منه، فذهب موسي عليه السلام عند مجمع البحرين والتقى بالخضر عليه السلام.

ودار بينهما حوار يوضح آداب طالب العلم  وما ينبغي عليه من الأدب في حضرة معلمه وفيه إشارة إلى تحلى طلاب العلم  بما جاء في كتاب الله والاقتداء برسل الله تبارك وتعالى في ذلك؛ قال له موسي في حواره ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾، فالمتحدث هنا موسي عليه السلام، كليم الله الذي ضرب البحر بعصاه لينشق إلى نصفين، يقول أنه يريد أن يجد جلسة علم مع معلم وأستاذ أتاه الله من لدنه علما.

قال موسى ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ﴾ فالسؤال هنا فيه تلطف وجمال وحياء واستحياء لأنه يعلم أنه تلميذ في هذه الحالة مع مقام أستاذه وهو الخضر عليه السلام، وقوله {أَتَّبِعُكَ﴾ تدل على أن طالب العلم إذا أراد أن يأخذ علمًا من أستاذه عليه أولًا أن يترك إرادته وشخصيته وعزيمته وكل شيء يتعلق به لكي يقف متعلمًا أمام أستاذه، وهنا وقف الأستاذ الذي يعرف مقامه يتكلم بالحق، وأن يكون حازما في الحق منذ البداية، وأن يكون قاسيًا من أجل الحق، ولا يكون قاسيًا من أجل الباطل، ولا يميع العلم والدين، وقال له أتريد أن تتبعني فأنا أعلم أنك أستاذ ونبي وكذا وكذا ولكن قَال{ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} فإذا علم الأستاذ مقامه أدى الأمانة التي عليه، وإذا علم التلميذ مقامه تعلم واستفاد من أستاذه حين يعلمه.

وفي ختام الخطبة، أشار المشرف على الأروقة، إلي أن كل طالب علم يأتي من شتى بقاع العالم لينهل من العلوم ويتعلم فهو يسير على نهج موسى عليه السلام ويصل إلى مقام كبير يستغفر له فيه من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، فطلبُ العلم يحتاج إلي سهر ومشقة وتعب وسفر.