خالد إسماعيل: لو استمر الإخوان في الحكم لوقعت الحرب الأهلية الدينية (حوار)
تحتفل مصر هذه الأيام بذكرى ثورة 30 يونيو التي أنقذت المصريين من حكم جماعة الإخوان والتي كادت أن تطمس الشخصية المصرية وتمحو هوية المصريين.
في هذا اللقاء يتحدث الروائي خالد إسماعيل عن عام من حكم الجماعة الإرهابية وأين كان وقت انطلاق اليوم العظيم وغيرها من المحاور.
أين كنت يوم 30 يونيو 2013؟
فى يوم 30 يونيو 2013 كنت فى منطقة كوبرى القبة بالقاهرة مع الناس، كنا مجموعة من الأصدقاء المبدعين، وكانت لدى الثقة فى أن حكم الإخوان ساقط ومنته، لأن الناس كانوا مصرين على الخلاص منهم، بعد أن تعشموا فيهم وفوجئوا بأسلوبهم الفج، ولن أنسى طريقة "سلق الدستور" التى فعلوها، الأمر الذى أزعجنى شخصيا، لأننى أقرأ عنهم منذ نعومة أظفارى، وأعرف عنهم أنهم تيار انتهازى، لكن طريقة كتابة دستور الإخوان، والرغبة فى السيطرة على السلطة، فضحت هذه الفرقة التى كانت تقود الجماعة، فكان الغضب الشعبى صادقا وكبيرا ضد هذه الجماعة ذات التاريخ الدموى.
هل وقعت علي استمارة تمرد؟ وهل شاركت في جمع التوقيعات عليها؟
وقعت استمارة تمرد، وشاركت فى جمع التوقيعات عليها، لأننى رأيت الهلع فى عيون جيرانى الأقباط، ورأيت المديرين الإخوان فى المدارس والهيئات وهم ينتقمون من الناس، فزاد خوفى على مستقبل هذا الوطن.
كمبدع، ما السيناريو الذي تتخيله لو كان الإخوان استمروا في حكم مصر؟
السيناريو الذى توقعته فى حال بقاء الإخوان فى الحكم، هو زيادة اضطهاد الأقباط، وزيادة الاحتقان الدينى، واستقبال الملايين من أصحاب اللحى، من كل جنسيات العالم، كما حدث فى السودان، وازدياد التضييق على الإبداع، لأن الإخوان فى مصر، لم يكن "العنصر البشرى" الذى اعتمدوا عليه سوى "العنصر الفقير" من حيث الوعى والذكاء،فلم يكن من اهتمامات الجماعة الاعتماد على الفن، حتى لو من باب حشد الجماهير، فالرسم حرام والموسيقى مزمار الشيطان، وصوت المرأة عورة، ولو بقوا فى الحكم، كانت الحرب الأهلية الدينية ستقع لامحالة.
ما رؤيتك للحكم الديني الثيوقراطي لأي بلد مقارنة بأي شكل من أشكال الحكم الأخرى؟
الحكم الدينى، هو حكم يقوم على استبعاد الآخر المخالف، وبالتالى هو حكم غير إنسانى، لأنه ينطلق من قاعدة الحكم نيابة عن الله، وبالتالى ليس هناك مجال للمعارضة من أى نوع، وكل تجارب الحكم الدينى فشلت.
هل يفرز العيش تحت حكم ديني إبداع حقيقي؟
العيش تحت الحكم الدينى، رأيناه فى برلمان الإخوان عندما وقف نائب وأذن للصلاة أثناء انعقاد الجلسة، فكانت هذه اللقطة كافية للتدليل على التخلف العقلى، لأن الأذان بهذه الطريقة، إهانة للصلاة نفسها، فلكل مقام مقال، وكان من الجائز أن يقول مديرالجلسة "ترفع الجلسة للصلاة" مثلا، لكن النائب المؤذن، تعامل مع الموقف دون وعى بمعنى البرلمان، ودون وعى بأن الجلسة مذاعة على الهواء مباشرة وأن البرلمان مختلف عن المسجد.
والعيش تحت الحكم الدينى عرفه الأشقاء فى السودان، ومن آثاره تقسيم السودان، والحرب الأهلية التى لم تضع أوزارها حتى اليوم، رغم سقوط "البشير" ورجاله ويكفى أن يعرف الناس أن "إخوان السودان" أخرجوا السيدات المحكومات بعقوبات فى قضايا "الدعارة" من السجون، وجعلوهن مسئولات عن "شرطة الأخلاق" التى تتولى ضبط السيدات اللاتى لا يضعن الحجاب أو يتخلفن عن الصلوات المفروضة!
جماعة الإخوان فى مصر، فشلت لأنها اعتمدت على "الكذب" الذى هو الأسلوب الأساسى والفلسفة التى قامت عليها منذ تأسيسها تحت مسمى "التقية" ولم تكن قيادات الجماعة تمتلك البرنامج الاقتصادى الذى يرضى الشعب، لكنها امتلكت التنظيم، وامتلكت القبول لدى الأمريكان، وهذا ما جعلهم يقبلون القيام بمهمة إجهاض ثورة 25 يناير بدخولهم على خط الثورة معتمدين على التنظيم، وفرض قاعدة الانتخاب أولا، وهم يعلمون أنهم سوف يسيطرون على الحكم بما لديهم من تنظيم وخبرات فى لعبة الانتخابات، وبعيداعن فشلهم السياسى، الإخوان والبرنامج المتأسلم، انتهى وانكشف أمره، والأجيال الجديدة غير مهيأة لقبول هذا الخطاب الذى يفرق بين الناس على أساس العقيدة الدينية.