جميلة والحب غير المشروط
كنت خرجت لتوى من معركة حامية مع نزلة برد، وأردت تعويضى بشىء محبب لروحى، فهيأت نفسى كما يليق بالمسرح لحضور افتتاح المهرجان الختامى لفرق قصور الثقافة فى دورته الـ٤٦، ولمشاهدة عرض الافتتاح «جميلة» لفرقة بورسعيد القومية للمؤلف والشاعر طارق على وللمخرج أحمد يسرى.
وأحمد يسرى، مخرج بورسعيد الشاب، هو أحد المخرجين المتميزين والمشغولين بقضية الوصول للجمهور، ولديه القدرة، كما فى عرض «جميلة»، على تقديم عرض منضبط متوازن بأقل الإمكانات.
ويدور عرض «جميلة» حول الملك إيثان، الملك الشرير الذى حكم مملكة «راموس» بعدما دبر مكيدة لاغتيال أبيه الملك وأخيه فى رحلة صيد، كما خدع الساحرة راما باسم الحب، وهى ملكة «مملكة الغابة المسحورة»، وسرق أجنحتها لتفرض على مملكتها حزنًا مقيمًا وسوادًا وحدادًا.
ويخشى إيثان أن ينجب ابنًا من صلبه فيطيح به مثلما فعل هو، وفى محاولة لإرضاء زوجته المتطلعة للأمومة يخطف طفلًا حديث الولادة ويعلنه ابنه، لكن المفارقة تكمن حين يتبين أنها طفلة، ويسمونها جميلة.. تدفع جميلة ثمن شرور إيثان، حيث يظن أعداؤه أنها ابنته حقيقة، فتلعنها الساحرة راما بلعنة تصيبها فور تمامها الـ١٦ عامًا، حيث تروح فى سبات عميق لا يوقظها منه إلا قبلة من شخص يحبها حبًا غير مشروط، ودون غرض، كما يحاول سليم ابن الملك المغدور الذى قتله إيثان وسلب ملكه أن يغتالها عدة مرات ويفشل.
تهربها الملكة مع وصيفاتها بعيدًا عن القصر- فى الغابة المسحورة- أملًا فى إفساد اللعنة، حيث يعيش سليم، الذى تقع جميلة مع الوقت فى حبه، وحين تصيبها اللعنة يكون الاختبار الأقوى، هل يوجد حقًا من يحب حبًا غير مشروط، حبًا منزهًا عن الأغراض؟ لقد حاولوا جميعًا إنقاذ جميلة التى أحبوها حتى الساحرة راما، لكنهم يكتشفون أن لديهم أسبابهم وأغراضهم فى حبها، ولا توقظها إلا قبلة سليم، فسليم كانت لديه أسباب ودوافع للكره لا للحب، لذا حين انتصر الحب داخله انتصر انتصارًا غير مشروط.
فى صراعات العوالم المتضادة: عن الصراع بين الخير والشر، بين الحب والكراهية، عالم الواقع والفانتازيا، الإنس والجن، تنتقل أحداث المسرحية من عالم لعالم بألوان ملابس وهيئة ديكور وأزياء ومكياج يناسب كل عالم من تلك العوالم، تنتصر المسرحية للخير، فيسعد الجمهور بنجاة جميلة وزواجها من الأمير سليم والقضاء على شر الملك إيثان، واسترداد راما أجنحتها وعودة مملكة الغابة المسحورة لمرحها، فى عرض استطاع بتضافر عناصره إخراجًا وكتابة وتمثيلًا وتشكيلًا للفضاء المسرحى وبخلطة بسيطة من الكوميديا والاستعراض والغناء أن يحقق بامتياز معادلة العرض العائلى الصالح لكل أفراد الأسرة، حيث تتعدد مستويات التفسير وتجد كل شريحة من الجمهور ما يناسب وعيها ويمتعها، فتحية لفرقة بورسعيد القومية، ونأمل أن يقدم العرض على مسرح قصر ثقافة بورسعيد فترة كافية ليجذب شرائح الجمهور المختلفة، بعيدًا عن سخف ما يعرض على التيك توك والسوشيال ميديا.