فى حضرة الأحباب.. العيد بطعم آخر بمدافن باب الوزير (صورة)
بمكان يطغى عليه مظاهر التاريخ والعمارة الفاطمية، تحديدًا في مقابر باب الوزير بالقاهرة، يتوافد المصريون لزيارة الأحباب، في ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، فهناك من يزور أبناءه وهناك ومن يزور الآباء والأجداد، والمشترك بينهم الألم الذي يعيشونه من فقدان الأحباب.
تتجمع العائلات بالمقابر على غرار العادات والتقاليد المصرية القديمة والتي يتوارثها الأجيال عبر الزمان، فيحرص الكبار على زيارة المتوفين بأيام العيد بحضور أبنائهم ليزرعوا فيهم الاهتمام بالمتوفين والدعاء وتلاوة القرآن الكريم لهم، ومشاركتهم فرحة العيد.
عند التجول بين المقابر تسمع القرآن الكريم يتلى في كل مكان، وترى آلام وأوجعاع الآخرين، فها هنا امرأة مسنة تبكي على فراق ابنتها، وهناك ابن يدعو لوالده، وعلى ناحية أخرى أخ يحكي لأخيه ما يجري معه (هو يثق أنه يسمعه)، وهناك عائلة لم تتجمع منذ وقت بعيد هاهم يرحبون ببعض بسعادة بالغة، ويجلسون يستعيدون الذكريات، وأطفال لا يعلمون شيئا سوى وعود الآباء بالتنزه بعد زيارة الأجداد، فيلهون هنا وهناك.
وعلى الرغم من هيبة ورهبة هذا المكان، إلا أن وجود الأطفال يضفي له روحا جميلة، حيث إن الأطفال يخففون من حدة الموقف بخفة ظلهم وبراءتهم.
يحرص الكبار على جلب الصدقات أو ما يسمى بـ"رحمة ونور" وهو إما أن يكون "قُرص" أو فاكهة، وإعطاء المساكين الصدقات، ويشترون الورود من الباعة على أبواب المقابر لنثرها على المقبرة؛ ويتجول آخرون بين المقابر لتلاوة القرآن والدعاء للموتى وجمع الرحمات والصدقات.
وتسمع الحكايات من كبار السن، فأب يحكي لأبنائه عن ذكرياته مع عائلته بهذا المكان قديمًا، حيث كانوا يقضون أيام العيد كلها بالمقابر من يوم الوقفة حتى آخر أيام العيد يبيتون بالمقابر، والأمهات يطبخن لهم الطعام على الباجور والأبناء يلهون ويلعبون بكل مكان، وآخر يحكي لأبنائه عن ذكرياته مع أخيه، وأم تحكي قصص لأطفالها عن نعيم القبر، وحكايات لا حصر لها.