رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حرمة الدماء والأموال والأعراض" موضوع خطبة الجمعة اليوم 14 يونيو 2024

 خطبة الجمعة
خطبة الجمعة

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 14 يونيو 2024م، الموافق 7 ذو الحجة 1445هـ، والتي جاءت تحت عنوان "حرمة الدماء والأموال والأعراض في ضوء خطبة حجة الوداع".

وأكدت وزارة الأوقاف على جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة على عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة.

نص خطبة الجمعة 14 يونيو 2024

“حرمةُ الدماءِ والأموالِ والأعراضِ” في ضوءِ خُطبةِ حجةِ الوداعِ
الجمعة 8 ذو الحجة 1445هـ – 14 يونيو 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائِلِ في كتابِهِ الكريمِ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا)، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:

فلا شَكَّ أنَّ خُطبةَ حجةِ الوداعِ خُطبةٌ عظيمةٌ في تاريخِ الإنسانيةِ، حيثُ وقفَ نبيُّنَا ﷺ في جمعٍ مهيبٍ مِن الصحابةِ رضي اللهُ عنهم يومَ عرفةَ؛ لِيُلقِي على مسامعِهِم خطبةً جامعةً مانعةً تُعَدُّ مِن جوامعِ كلمِهِ وفصاحتِهِ ﷺ، وتؤسسُ أوّلَ ميثاقٍ عالمِيٍّ لحقوقِ الإنسانِ؛ لِمَا حَوَتْهُ مِن قيمٍ نبيلةٍ تحفظُ الكرامةَ، وتؤصلُ للتعايشِ السلمِي.

إنَّ أولَ ما يُطالعُنَا مِن دروسِ خُطبةِ حجةِ الوداعِ: حرمةُ الدماءِ والأموالِ والأعراضِ، حيثُ قالَ نبيُّنَا ﷺ: (… فإن دماءكُمْ وأموالكُمْ وأعراضكُمْ بَيْنَكُمْ،حرامٌ، كحرمةِ يوْمِكُمْ هذا في شهرِكُمْ هذا، في بلدِكُم هذا)، ففِي هذا الموقفِ العظيمِ لفتَ نبيُّنَا ﷺ انتباهَ أصحابِهِ، واستحضرَ أذهانَهُم ليشدّدَ على عظمِ حرمةِ الدماءِ، والأموالِ والأعراضِ وعصمتِهَا، فكلُّ الدماءِ حرامٌ، وكلُّ الأعراضِ مصانةٌ، وكلُّ الأموالِ محفوظةٌ، فيتأسسُ بذلك مجتمعٌ حضاريٌّ مستقرٌ، تسودُهُ الألفةُ، وتُراعَى فيه الحرمةُ، ويأخُذُ فيهِ كلُّ ذِي حقِّ حقَّهُ، يقولُ ﷺ: (كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حرام دمه وماله، وعِرْضُهُ).

تابع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف
وقد شدّدَ دينُنَا الحنيفُ على تحريمِ قتلِ النفسِ بغيرِ حقٍّ، بغضِّ النظرِ عن الدينِ أو الجنسِ أو اللونِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)، ويقولُ سبحانَهُ: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ )، ويقولُ جلَّ وعلَا: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)، ويقولُ (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ): (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْل مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَق).

وكمَا حرّمَ الإسلامُ الاعتداءَ على الأنفسِ، فقد حرّمَ كذلك الاعتداءَ على الأموالِ بأيِّ صورةٍ مِن صورِ التعدِّي، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (من ظلم قيد شيرٍ مِن الأَرْضِ طَوَّقَهُ الله إيَّاه يوم القيامةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ).

ويدخلُ في أكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ كلُّ ما جاءَ مِن سحتٍ أو غشٍّ أو استغلالٍ أو احتكارٍ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إِنَّهُ لا يَرْبُو لَحْمُ نَبَتَ مِنْ سُحْتِ إِلا – كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بهِ) ويقولُ ﷺ: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا)، ويقولُ (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ): (مَنْ دَخَلَ فِي شَيءٍ مِنْ أَسْعَارِ المُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ حَقًّا على الله تبارك وتعالى أن يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ)، ويقولُ ﷺ: (… وَالمُحْتَكِرُ مَلْعُونَ).

تابع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف
وتشتدُّ حرمةُ المالِ ويعظمُ إثمُ الاعتداءِ عليهِ إذا كانَ مالًا عامًّا تتعلقُ بهِ حقوقٌ واسعةٌ لكثرةِ الذممِ المتعلقةِ بهِ.

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلينَ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

لقد حرّمَ الإسلامُ الاعتداءَ على الأعراضِ أو النيلَ منهَا بأيِّ وجهٍ مِن الوجوهِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)، ويقولُ سبحانَهُ: ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ ويقولُ تعالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

ولقد أرستْ هذه الخطبةُ العظيمةُ

كثيرًا مِن المبادئِ الأخلاقيةِ والقيمِ الإنسانيةِ

وأخصهَا حفظُ الدماءِ والأموالِ والأعراضِ

بمَا يؤكدُ عظمةَ دينِنَا الحنيفِ

وأنَّهُ دينُ الإنسانيةِ في أسمَى معانِيهَا.

نسألُ اللهَ (عزَّ وجلَّ) أنْ يوفقَنَا لأحسنِ الأخلاقِ والقيمِ
وأنْ يحفظَ مصرَنَا العزيزةَ ويرفعَ رايتَهَا في العالمين.