رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قُسطَا بن لوقا" صاحب أول دليل إرشادات صحية في الحج

عماد توماس
عماد توماس

الرسالة في تدبير سفر الحج، كتاب ودليل إرشادات صحية كاملة قدمها قُسطَا بن لوقا، المسيحي العربي صاحب الدليل الصحي الأول للحج إلى مكة، والذي يكشف لنا الباحث عماد توماس عن الدليل ومدى أهميته للحجاج.

من هو قُسطَا بن لوقا صاحب الرسالة في تدبير الحج؟

وفي بداية حديثه لـ"الدستور" قال توماس معرفا بـ"قُسطَا بن لوقا" (820-912م)، إنه مسيحي نسطورى، من مواليد بعلبك بلبنان، فيلسوف ومترجم وطبيب ومهندسا، أسس لعلم الهندسة بكتابه «المدخل إلى علم الهندسة». 

وكان طبيبًا ماهرً وضع 55 مؤلفًا طبيًا، استندت بصورة أساسية إلى جالنيوس وأبقراط، إلا أنه صاغها على نحو يتطابق وظروف الحياة السائدة فى العالم العربى. كما إنه كان فلكيًا ترك لنا العديد من المؤلفات فى علم الفلك منها «المدخل إلى علم النجوم وتركيب الأفلاك».

وفي الترجمة يُعد من شيوخ المترجمين العرب، ذكره «ابن النديم»، فى جملة النقلة من اللغات إلى اللسان العربى، ووصفه بكونه فصيحًا باللسان اليونانى والسريانى والعربى، ونقل أشياء وأصلح نقولًا كثيرة، وقام بترجمة نحو 18 كتابًا من اليونانية إلى العربية.

كتاب «الرسالة فى تدبير سفر الحج» 

وأوضح "توماس" عن كتاب "قُسطَا بن لوقا"، الرسالة في تدبير الحج، أن هذا الكتاب يعتبر نموذجًا فى التعايش المشترك بين أتباع المسيحية والإسلام، ونموذجًا فريدًا فى العلاقات المسيحية الإسلامية، التى تميز بها العصر العباسى، وإسهامًا واضحًا للمسيحيين العرب فى ازدهار الحضارة العربية الإسلامية.

 ووصف الأب سمير خليل اليسوعى، هذا الكتاب بأنه الدليل الصحى الأول، ولربما الوحيد، للحج إلى مكة، وفيه بليغ الدلالة على اتساع شهرته فى العالم الإسلامى.


وقصة الكتاب تعود إلى أن «الحسن بن مخلد» كان قد اعتزم أداء فريضة الحج. ورغب قسطا بن لوقا في مرافقة ابن مخلد، لكن ذلك لم يتم له، فآثر أن يكتب هذه الرسالة في تدبير سفر الحج، ويبعث بها إلى الأمير الذى خدم في بلاط المتوكل (847- 861 م) ثم وزيره المعتمد (892 م) مرتين. وقد نشرت الرسالة مع ترجمتها وحواشيها في ليدن سنة 1992. 

وتتناول رسالة "قسطا" للحسن بن مخلد، التى تعتبر دليل صحى للحجاج فريدًا من نوعه، أنواع الأمراض التى يمكن أن يتعرض لها المسافر للحج، مع توضيح أسبابها وطرق الوقاية منها. 

وتبدأ الرسالة بتمنى ودعاء "قسطا" لله أن يحل ببركته على الحسن بن مخلد ويرزقه السلامة ومحمود العاقبة ويجزل له الثواب، مؤكدًا له أنه كان يتمنى أن يرافقه فى سفره للحج  للقيام بخدمته والسعى فى حوائجه لكنه لم يجد إلى ذلك سبيلًا- ولم يذكر السبب صراحة -  لذلك رأى "قسطا" أن يضع جميع ما يحتاج الحسن فى كتاب ينوب عن حضور "قسطا" فى وصف التدابير التى يحتاج إلى استعمالها فى سفره للحج، شارحًا ذلك فى أربعة معانٍ يجب عليه أن يعلمها ويعمل بها:


المعنى الأول: العلم بالتدبير في وقت الراحة والطعام والشراب والنوم والباه، والثاني: العلم بأصناف الأعياء والشيء الذي يذهب بكل صنف منه، والثالث: العلم بالعلل التي تعرض من هبوب الرياح المختلفة وعلاجها، والرابع: العلم بالتحرز من الهوام وعلاج آفاتها إذا وقعت.


وقسم "قسطا بن لوقا" كتابه "الرسالة في تدبير الحج"،  إلى 14 بابًا: تناول في الباب الأول طبيعة السير والأوقات التي يطيب فيها، وحالة الجسم والطريقة التي يتبعها كي يمنع البدن من الاهتزاز في أوقات الحركة الدائمة، والأوقات الصالحة لتناول الطعام والشراب، والمبادرة إلى الراحة والنوم ساعات النزول.
 

وفي الباب الثاني: عرّف الإعياء، وذكر أنواعه. وفي الباب الثالث: عد أصناف الغمز ودلك القدم، وذكر في أي الأحوال يحتاج إلى كل صنف من أصناف الغمز، وفي أيها يحتاج إلى ذلك القدم في الأسفار.


أما الباب الرابع فقد تناول فيه العلل التي تتولد من هبوب الرياح المختلفة المفرطة البرد أو الحر أو الغبار الكثير، وكيف ينبغي أن يحتال لإصلاحها. 

والباب الخامس في وجع الأذن الذي يعرض كثيرًا من هبوب الرياح المختلفة، وكيف ينبغي أن يحتال لإصلاحها.


والباب السادس في الزكام والنوازل والسُعال، وما شابه ذلك من الأشياء التي تعرض من اختلاف الأجواء، وذكر كيفية التوقي منها وعلاجها. وأما الباب السابع فكان في علل العين التي تحدث عن اختلاف الهواء والغبار والرياح وغير ذلك، وذكر علاجها.


وكان الباب الثامن في امتحان المياه المختلفة، ليعلم أيها أصلح بدليل أبقراط أن يبرد سريعًا، ودليل خفة الوزن، فضلًا عن الدلائل المحمودة.


وفي الباب التاسع تناول كيفية إصلاح المياه الفاسدة، وهي: أن يغلى على النار، وأن يمزج مع ما يغير طعمه، وأن يصفى مرارًا بالأسوقة، وذكر تفاصيلها. 

والباب العاشر في العطش، فقد عرفه بأنه جفاف الفم، وذكر طريقة معالجته، وأورد منافع شرب الماء.
وأما الباب 11  فكان في جملة الهوام والتحرز منها. والباب الثاني عشر: كان في علاج عام من لسع الهوام، بواسطة مص الموضع بالفم او بالحجم حتى خروج دم صالح، ثم يضمد بالأدوية، ويسقى الملسوع أنواعًا من الشراب ذكرها.


وأما الباب الثالث عشر ففي تولد العرق المديني، وبماذا يتحرز من تولده، وذكر سبب تسميته، لأنه يتولد كثيرًا في المدينة. وأرجع أسباب تولده إلى الأجواء، وأنواع الغذاء كالتمور، وقلة غسل الجسم.


وآخرها الباب الرابع عشر وفيه وصف العلاج من العرق المديني. وعرج على تاريخ المرض ومعرفة الأطباء له، وذكر طريقة علاجهما لهذا المرض.