بهجت العبيدى: صعود الأحزاب اليمينية فى أوروبا كان متوقعًا
قال بهجت العبيدي، الكاتب المصري المقيم فى النمسا، إن النتائج النهائية لانتخابات البرلمان الأوروبي عكست صعودا واضحا لأحزاب اليمين، مؤكدا أن المراقب للوضع في القارة العجوز لم يصب بالدهشة، حيث جاءت النتائج كما كان متوقعا لها، فالعقد الأخير يشهد اكتساب الأحزاب اليمينية في أوروبا مساحات جديدة، ويؤكد ذلك وصول بعض هذه الأحزاب إلى سدة الحكم في بعض البلدان الهامة كما هو الشأن في إيطاليا على سبيل المثال.
وأضاف العبيدي، لـ"الدستور"، أن هذا الصعود المتوقع لأحزاب اليمين له أسباب موضوعية، يأتي في مقدمتها موجات النزوح في العقد الأخير، والتي كان الغالبية العظمى لأبنائها من سكان الشرق الأوسط القريب، والذي لا يفصله عن القارة الأوروبية سوى البحر المتوسط.
وأشار إلى أن صعود اليمين في أوروبا هو صدى لما حدث في المنطقة العربية من أحداث، وما أطلق عليه الربيع العربي، والتي دفعت ملايين من أبناء هذا العالم العربي الإسلامي- في معظمه- إلى الهجرة بأعداد كثيفة للقارة الأوروبية.
وأوضح أن هذا الوضع يلاقي استنكارا من الشعوب الأوروبية التي تخشى على ثقافتها التي تتباين بوضوح مع ثقافة اللاجئين، بالإضافة إلى العامل الاقتصادي الحاسم في هذا الملف، فهناك قطاع من الأوروبيين يرى أن الأجانب يقلصون فرصهم في العمل، كما عزز الخوف المبرر للأوروبيين سلوك بعض هؤلاء المهاجرين السلبي، الذي يتم تسليط الضوء عليه بشكل كبير في وسائل الإعلام الأوروبية.
عرب يدعمون اليمين
ونوه "العبيدي" بأن قطاعا من المهاجرين المجنسين بجنسية الدول الأوروبية انتقل إلى دعم الأحزاب اليمينية، وهو ما يعكس رفض هؤلاء أيضا سلوك قطاع من المهاجرين الجدد، وخوفهم على مستقبل أبنائهم حال استمرت الهجرة بمعدل العقد الأخير، خاصة أن ما يصدر من أعمال وتصرفات سلبية من المهاجرين يعمم على صورة الأجانب عموما.
ورفض ما يذهب له كثير من المحللين من أن صعود أحزاب اليمين في أوروبا يمكن أن يهدد كيان الاتحاد تهديدا حقيقيا، وإن كان يذهب إلى أن إظهار تعزيز السيادة الوطنية ربما يكون هو المعادل الموضوعي للحفاظ على ما حققته القارة العجوز في سبيل الوحدة والتعاون الذي يصب في مصلحة الجميع.
وأكد أن العقلية الأوروبية هي عقلية برجماتية بامتياز، وهو ما يجعلنا نذهب إلى أن مشكّلي الرأي العام في أوروبا من مفكرين ومثقفين وساسة، ولأنهم يعملون لمصلحة بلدانهم وفقط، سيتدارسون الأسباب التي أدت إلى صعود أحزاب اليمين ليتم الاستفادة من نتائجها، والبناء على أسس موضوعية للحفاظ على ما تحقق من وحدة وتعاون.
ويرى أنه رغم الصعود الملفت للأحزاب اليمينية في أوروبا فإن تأثير ذلك على الحرب في أوكرانيا، رغم ما تعلنه هذه الأحزاب من انحياز لروسيا، سيكون محدودا بشكل كبير، لأن العامل الرئيس في التصويت لهم لم يكن انحيازهم لبوتين، الذي تراه غالبية شعوب أوروبا ديكتاتورا يحكم بلاده بالحديد والنار.
واختتم العبيدي بالقول: إن صعود الأحزاب اليمينية جاء على طائرة الهجرة غير الشرعية كسبب رئيسي يهدد كيان القارة وثقافتها وسياستها في منظور داعمي هذه الأحزاب، وهم كثر.