كيف عمّقت مجزرة ود النورة من أزمة دفن الجثث بالسودان؟
وضع مأساوي يعيشه السودان خلال الفترة الحالية، بعد أكثر من عام على حرب منتصف أبريل التي بدأت العام الماضي وما زالت مستمرة، وخلفت آلاف القتلى والمصابين وبات القطاع الصحي على وشك الانهيار.
وكل يوم تقع مجازر جديدة في مناطق مختلفة داخل السودان، فلم يعد هناك مكان لدفن الجثث، ويتداول رواد مواقع التواصل صور المقابر الجماعية التي يتم فيها دفن الجثث بسبب امتلاء المقابر وعدم قدرة البعض على الوصول لها.
مجزرة ود النورة
اتساقًا مع ذلك، وقعت مجرزة في مدينة ود النورة بولاية الجزيرة، وأسفرت عن مقتل 100 شخص، فنحو 40 شخصًا قتلوا في قصف مدفعي عنيف من قوات الدعم السريع على أم درمان ضاحية الخرطوم.
وقالت تنسيقية لجان مقاومة كرري، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي، إن قوات الدعم السريع قصفت أم درمان، والحصيلة حتى الآن 40 قتيلًا وإصابات فوق 50 بين طفيفة وحرجة.
واتهم مجلس السيادة قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ نحو 14 شهرًا بارتكاب مجزرة بشعة بحق المدنيين العزل في ود النورة، وأن المقابر امتلأت ولم يعد هناك مكان صالح لدفن الجثث.
مدير لجنة أطباء السودان: «وضع الجثث بات مأساويًا»
د. محمد أحمد علي، مدير لجنة أطباء السودان المستقلة، يقول إن هناك مئات الجثث التي دفنت في الشوارع وباحات المساجد، بسبب كثرة القتلى خلال الحرب واستمرار القصف العنيف ما يعوق السير إلى مسافات طويلة من أجل دفن الجثث والضحايا.
يوضح لـ«الدستور» أن من لم يستطيع دفن ذويه في المقابر الخاصة، يضطر إلى دفنهم في باحات المنازل أو الحدائق، وفي أوقات أخرى تركه في الشوارع حتى تتحلل جثته وهو أمر غير إنساني على الإطلاق.
يضيف: «يقوم ذوو الضحايا بعمليات بحث مضنية عن جثث ذويهم من أجل دفنها فقط، حتى لا تتراكم في الشوارع، وتحاول اللجنة مساعدتهم في عمليات الدفن تلك، لا سيما أن مشارح المستشفيات لم يعد لديها قدرة على استيعاب تلك الأعداد».
وأعلنت الأمم المتحدة عن أن أكثر من 50 ألف شخص قُتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان منذ أبريل الماضي، فيما أصيب نحو 26 ألف شخص ونزح ما يزيد على 7.6 مليون من منازلهم ولجأوا داخل السودان وخارجه.
نقابة الأطباء: «المشارح تخرج عن الخدمة»
هناك 29 مشرحة خرجت عن الخدمة، وفق د. أحمد عباس أبوشام، عضو نقابة الأطباء بالسودان لـ«الدستور»، والتي تكشف عن سوء الأوضاع في السودان خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تراكم الجثث بها بينما هناك عدد قليل من المشارح تخدم العاصمة.
جانب آخر للأزمة يتحدث عنه أبوشام وهو الخطر البيئي الذي يحدث نتيجة تراكم الجثث دون دفن بالشوارع والطرقات: «جنوب الخرطوم تحديدًا به مقابر جماعية، لا سيما أنه لا أدوات هناك للتعامل مع مثل تلك الحالات».