رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"معاداة السّامية".. قصة الكذبة الإسرائيلية الأشهر للنيل من الداعمين لفلسطين

الإعلامية قصواء الخلالي
الإعلامية قصواء الخلالي

"عندما يكون هجوم الظالم وسامًا".. شرف ناله الإعلام المصري مؤخرًا، بعد الحملة الممنهجة التي قادها “ميمري” وهو مركز بحثي أمريكي مساند للاحتلال الإسرائيلي، اعتراضًا على مواقف الإعلاميين المصريين المناهضة لجرائم الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين لتلصق بهم جريمتها المعلبة وهي"معاداة السامية".

وفي تحليل سابق، نشره المركز لما أسماه "بروتوكولات حكماء صهيون" وصف هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على المواطنين الإسرائيليين بأنه "قد صاحبه أفظع ما أمرت بها قيادة حماس"، وذلك - دون النظر إلى ما ارتكبته قوات الاحتلال في حق أطفال فلسطين ونسائها - إذ يصفه بأنه ذلك "الهجوم" متجذرًا في الكراهية العميقة لليهود وإسرائيل.

وتابع المركز خلال تحليله، أن تلك الكراهية تنبع من مصدرين الأول ينظر إلى إسرائيل على أنها زرعة أجنبية، نتيجة غزو الكفار لأراضي الوقف "أي الوقف الديني الإسلامي"، ولا يجوز أن يملكها إلا المسلمون. 

أما المصدر الثاني -حسب المركز- فهو الكراهية المعادية للسامية لليهود أينما كانوا، متهمًا مصادر الإسلام القديمة (القرآن والحديث وتفسيراتهما، بالإضافة إلى الروايات التاريخية عن حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم) بأنها من وراء تلك الكراهية.

ولم يكتف هذا المركز بإلقاء التهم على الإسلام فيما أسماه معاداة السامية وكراهية اليهود فقط، بل وجه اتهامه أيضًا إلى عالم المسيحية والغرب واصفًا أن هذا العالم يعادي السامية هو الآخر، وبذلك أظهر ذلك المركز في ادعاءاته أن العالم كله ضد اليهود، ولم يظهر أي ولاءً لما يدعمونهم حاليًا من عالم المسيحية والغرب، فهم في نظره "معادين للسامية" أيضًا، ليس ذلك فقط فحسب المركز أيضًا هناك مؤامرة معادية للسامية الأصل فيها أوروبي.

وعن اتهام مركز ميمري للإعلام المصري فتلك لم تكن المرة الأولى التي فيها يتهم ذلك المركز إعلام مصر بما يسميه المعاداة للسامية، حيث سبق أن اتهم ميمري عام 2018 الإعلام المصري بمعاداة السامية كذلك، واصفًا إياه "ناكرًا إنكارًا مثير للاشمئزاز" "للهولوكوست".

وفي هذا التقرير نكشف كيف أن تهمة “معاداة السامية" في حد ذاتها محاولة للتدليس والكذب لتشويه صورة الإعلام المصري، وقلب كافة الحقائق، وذلك  في الوقت نفسه الذي لا يلقى مركز ميموري وأمثاله بالًا إلى الجرائم التي تعجز عن وصفها الكلمات والحروف عن وصفها، التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في حق أطفال ونساء فلسطين فجعلت ضمير العالم يصيح رعبًا وفزعًا من أكبر ظلم تفشى في العصر الحديث.   

"العداء للسامية" هو مفهوم يهودي صهيوني معناه الحرفي "ضد السامية"، ويترجم أحيانا إلى العربية "بالمعاداة للسامية"، و"اللاسامية"، و"كراهية السامية". 

أما عن وصف "السّاميون" تقول كتب التاريخ إنهم المقصود بهم حرفيًا هم سلالة سام بن نوح عليه السلام "العرب"، وهو أيضًا مصطلح توراتي حيث تقسم الأجناس البشرية إلى ثلاثة أقسام هي: الساميون، وينسبون إلى سام بن نوح عليه السلام، وعادة ما يشار بهم إلى الشعوب الساكنة في شبه الجزيرة العربية، وفي العراق، وفي المنطقة السورية "سكان سوريا ولبنان وفلسطين"، والحاميون، الذين ينسبون إلى حام بن نوح عليه السلام، ويقصد بهم الشعوب الساكنة في القارة الإفريقية بلونهم وملامحهم المعروفة، وكذلك اليافثيون، والذين ينسبون إلى يافث بن نوح عليه السلام وهم أصل الشعوب الهندوأوروبية الساكنة في منطقتي الشرق الأقصى وأجزاء من بلاد فارس والشعوب الأوروبية.

وهكذا يقصد بالعداء للسامية عداء الشعوب اليافثية والحامية “الهندوأوروبية والإفريقية” للشعوب السامية، وقد تم اختزال "العداء للسامية" في اليهود وإخراج بقية الساميين من حظيرة السامية.

وكان الصحفي “الغربي” وليام مار هو أول من استخدم مصطلح معاداة السامية عام 1879 وذلك لتمييز الحركة المضادة لليهود.

لذا يلاحظ أن اليهود الأوروبيين الذين اخترعوا هذا المصطلح هم في الأصل لا ينتمون إلى الساميين "العرب"، بل هم أوروبيون يعيشون في أوروبا منذ عام 70م بعد أن طرد الرومان اليهود من فلسطين وشتتوهم في كل بلاد العالم فيما يعرف بالشتات اليهودي العام.

 

السؤال هنا.. كيف يتهم العرب بمعاداة السامية وهم في الأصل ساميون؟

توجيه هذه التهمة ينطوي على العديد من المغالطات التاريخية والإثنية العرقية، ومن أهم هذه المغالطات هي أن العرب "ساميون" ويمثلون الأصل الأول للساميين ولا يمكن للعرب أن يكرهوا أنفسهم كساميين أو يضطهدون أنفسهم ويعادون جنسهم.

كذلك فإن توجيه التهمة إلى العرب معناه إنكار سامية العرب وأن اليهود هم فقط الذين يمثلون الساميين، كما يذكر التاريخ أن العرب لم يسبق وأن اضطهدوا اليهود بسبب عرقهم ولا بسبب دينهم بل كان الغرب هو من فعل ذلك. 

صورة تعبيرية لأبناء نوح عليه السلام

حيث تثبت معطيات التاريخ اليهودي واعترافات المؤرخين اليهود أن البلاد العربية والإسلامية كانت دائما ملاذا لليهود يفرون إليه من الاضطهاد الأوروبي لهم سواء لأسباب دينية أو لأسباب عرقية كما يدعي اليهود، كذلك فإن اتهام العرب بالعداء للسامية يدخل ضمن إطار تعميم نظرية معاداة السامية لتشمل العالم كله كما سبق وأوضحنا.

وتعد مؤسسة “ميمري” هى مؤسسة معنية بمتابعة وتحليل اتجاهات الإعلام المصري والعربي والإقليمي تجاه قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقائم عليها ضباط سابقين في أجهزة الأمن الإسرائيلية، بل إن المتابع لمواقفها سيتأكد أننا لسنا أمام مركز أو مؤسسة بحثية، بقدر ما نحن أمام كيان أسس بهدف واحد ألا وهو الدفاع عن السياسات الإٍسرائيلية.