رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المشاط": العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية تعد مثالًا يحتذى به

 الدكتورة رانيا المشاط
الدكتورة رانيا المشاط

ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، كلمة مصر خلال فعاليات القمة الكورية الإفريقية، التي تُعقد بالعاصمة سيول.

تُشارك «المشاط» كرئيسة للوفد المصري نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ ويرأس فعاليات القمة الرئيس يون سوك يول، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، والرئيس محمد ولد الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبمشاركة 48 دولة إفريقية ممثلة على مستوى رؤساء ورؤساء حكومات دول القارة.

وفي مستهل كلمتها، نقلت وزيرة التعاون الدولي تحيات  الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، للقادة والزعماء المشاركين في القمة، كما تقدمت بخالص الشكر لحكومة جمهورية كوريا على حفاوة الاستقبال، وهنأتهم على التنظيم الناجح لهذه القمة، والتي ترحب بها جمهورية مصر العربية كخطوة هامة نحو تعزيز التعاون الكوري الإفريقي.

وأوضحت وزيرة التعاون الدولي أن العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية تعد مثالًا يحتذى به في قوة ومتانة الروابط الثنائية التي تمتد عبر الزمن، حيث قامت جمهورية كوريا بدور بارز في تنفيذ العديد من المشروعات الناجحة في مصر، خاصة بعد تصنيف الحكومة الكورية مصر دولة شريكة ذات أولوية في مجال التعاون الإنمائي وضخ مزيد من التمويلات المتنوعة لتعزيز فرص التعاون الاقتصادي والتنموي والاستثماري بين البلدين، ووصل إجمالي محفظة التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى 1.3 مليار دولار، مؤكدة تطلع مصر لاستكشاف آفاق جديدة لتوسيع وتعزيز شراكتنا الاستراتيجية، مما يسهم في تحقيق التقدم والازدهار المشترك لشعوبنا.

القمة الكورية الإفريقية

وذكرت وزيرة التعاون الدولي أن القمة الكورية الإفريقية الأولى تأتي في ظل منعطف مهم على مستوى العمل الإفريقي، سواء على مستوى الإنجازات التي تحققت أو التحديات التي تواجهها القارة. ففي الوقت الذى انتهت فيه القارة من اتخاذ الكثير من الخطوات لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، وكذلك الانتهاء من الخطة العشرية الأولى لتنفيذ أجندة التنمية ٢٠٦٣ خلال العام الحالي، والتي تركز على الإسراع بمعدلات تنفيذ الرؤية الاستراتيجية للقارة الإفريقية لتنفيذ أولويات التنمية، فإن القارة لا تزال تواجه العديد من التحديات السياسية والأمنية مثل النزاعات الداخلية، والإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وكذلك التحديات الاقتصادية والتنموية على رأسها تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاديات دولها، وتداعيات تغير المناخ، والتصحر، والفقر المائي على الأمن الغذائي والاقتصادي في عدد كبير من الدول الإفريقية.

ونوهت بأن مصر تحرص على لعب دور محوري في إطار التعامل مع التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية على مختلف الأصعدة، سواء الاقتصادية التجارية منها أو السياسية والأمنية، لاسيما فيما يتعلق بمحور تحقيق التنمية والاستقرار وإعادة الإعمار، وهو ما انعكس في السياسات التي تتبعها مصر في إطار تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئيس رئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية وريادته لملف إعادة الإعمار في القارة الإفريقية.

وذكرت أن اهتمام مصر بالتعاون الاقتصادي بين دول الجنوب بصفة عامة وإفريقيا بصفة خاصة، ينبع من إيمان راسخ بأن الدول التي تتشابه ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، تكون أكثر قدرة على تعزيز التعاون فيما بينها من خلال مشاركة أنجح السياسات والممارسات التي أثبتت فعاليتها في مواجهة التحديات التي تواجهها، وعلى رأسها التغير المناخ وتداعياته، وتراجع البقعة الزراعية، الأمر الذي يؤكد ضرورة العمل سويًا على دعم آليات التعاون لتحقيق الأمن الغذائي وتوفير المياه والتكنولوجيا الحديثة للري والزراعة، وهو ما يعتبر مجالًا حيويًا للتعاون المشترك ما بين الجانبين الكوري والإفريقي.  

كما لفتت إلى أن الحكومة عازمة على مواصلة تبادل الخبرات مع الدول الإفريقية على صعيد مجال البنية التحتية من خلال القطاع الخاص، إذ انخرطت مصر في تجربة تنموية رائدة في بناء بنية تحتية حديثة، على مدار الأعوام الثمانية الماضية، والمثال الأبرز في هذا الصدد هو سد "جوليوس نيريري" في تنزانيا، الذي يعد نموذجًا يحتذى به، للتعاون بين الدول الإفريقية في المجال التنموي، ويتم تنفيذه بأيادٍ مصرية وتنزانية.

فضلًا عن التوسع في إقامة برامج وورش عمل للمسئولين رفيعي المستوى والتنفيذين الأفارقة، وذلك بهدف تبادل المعرفة والخبرات بين الدول الإفريقية في مجالات حيوية مثل صياغة السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية الرامية نحو التحول الأخضر، وتدعيم ابتكار التقنيات لمكافحة التغير المناخي.

وشددت على أن التعاون الجنوب- الجنوب يعد بمثابة إطار واسع للتعاون بين الدول الناشئة والنامية في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتقنية، كما يعبر عن قدرة ورغبة الدول الناشئة والنامية في تجاوز النمط التقليدي لتلقي المساعدات الإنمائية الرسمية من الدول المتقدمة، ولكنه في الوقت ذاته لا يعد بديلًا للتعاون بين الشمال والجنوب وإنما مكمل لهذا التعاون، الذي يعد أمرًا أساسيًا لسد الفجوة التكنولوجية والمعرفية بين دول الشمال والجنوب.

ونوهت بأن الشراكات الدولية سواء بين بلدان الجنوب وبعضها البعض أو من خلال التعاون الثلاثي بين دول الجنوب ودول الشمال من أهم آليات التعافي الاقتصادي العالمي، لاسيما في إطار التوجه العالمي نحو التعافي الأخضر.

وتطرقت، في كلمتها، إلى ما قامت به وزارة التعاون الدولي من خلال الشراكة مع "النيباد" بإطلاق "استراتيجية التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي لتعزيز التكامل الاقتصادي" خلال شهر مايو 2023، على هامش الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقي.

واتصالًا، قالت وزيرة التعاون الدولي إن مصر تؤكد على ما يلي في إطار الشراكة الكورية– الإفريقية:

أولًا: أهمية دعم جهود القارة الإفريقية في تنفيذ الخطة العشرية الثانية وتحقيق أهداف أجندة التنمية للاتحاد الإفريقي ٢٠٦٣، وتعزيز جهود تعبئة الموارد لتحقيق التنمية الشاملة في القارة الإفريقية، ودعم وكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية– النيباد لمساعدة الدول الإفريقية من أجل تحقيق التنمية وتعزيز التعاون في المجالات ذات الأولوية في القارة الإفريقية.

ثانيًا: التعاون لإيجاد موارد تمويلية جديدة وغير تقليدية في ظل ما يشهده العالم من أزمة اقتصادية تؤثر سلبًا على جهود التنمية، وكذلك العمل على تحقيق إصلاح شامل للنظام المالي العالمي لمساعدة النامية في كفاحها من أجل سد الفجوة التمويلية وتلبية احتياجاتها لتحقيق التنمية المستدامة، والسعي لإيجاد حلول لأزمة الديون المتراكمة في إفريقيا، بما يمكن القارة من استعادة وتيرة التعافي الاقتصادي، وتشمل برامج مبادلة الديون من أجل التنمية والتحول الأخضر.

ثالثًا: دعم تمويل مشروعات القارة التنموية، وأهمية مواصلة تطوير مشروعات البنية التحتية في إفريقيا باعتبارها العامل الرئيسي نحو تحقيق التكامل القاري الاقتصادي والتجاري، والاستفادة من تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية لدفع عجلة التبادل التجاري بين الدول الإفريقية. ونتطلع في هذا الإطار إلى تصميم المزيد من برامج المشاركة المعرفية Knowledge sharing  بين كوريا والدول الإفريقية لما لها من مردود إيجابي لرفع القدرات الفنية لموظفي الدول المتلقية لهذه البرامج.

رابعًا: أهمية دعم القطاع الصحي في القارة، وإيجاد آليات للعمل الجماعي لتحسين الوصول إلى اللقاحات وتحقيق الأمن الصحي في إفريقيا، والعمل على توطين الصناعات الطبية في إفريقيا وتحفيز مجالات البحث العلمي بها.

خامسًا: تهيئة المناخ اللازم لجذب المزيد من الاستثمارات في إفريقيا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص عمل مستدامة، والعمل على زيادة معدلات النمو في الدول الإفريقية.

سادسًا: فيما يتعلق بقضايا السلم والأمن، فإنه يتعين علينا العمل على تعزيز وتفعيل الرابط بين السلام والتنمية ودعم مركز إعادة الإعمار التابع للاتحاد الإفريقي، مع ضرورة احتواء أي آثار سلبية نتيجة التوترات والنزاعات الدولية على القارة الإفريقية، وتحجيم الانعكاسات السلبية الاقتصادية، بما في ذلك معدلات التضخم وارتفاع الأسعار في قطاع الطاقة والآثار السلبية على منظومة الأمن الغذائي.

سابعًا: تقديم الدعم لمراكز الخبرة والتميز القارية لمساعدة الدول الإفريقية على اجتياز العقبات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمدد الجماعات المتطرفة.

ثامنًا: العمل على نقل التكنولوجيا الحديثة للقارة، خاصة في مجال الصناعات المتطورة والتحول إلى الطاقة النظيفة، ومجال علوم الفضاء، والاهتمام بتجاوز آثار تغير المناخ، والتي كانت لها انعكاساتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتطوير منظومة التعليم في الدول الإفريقية.

وأخيرًا: أهمية توفير آلية متابعة تنفيذ مخرجات القمة، وكذا توفير الموارد اللازمة لتنفيذ المخرجات ذات الأولوية للطرفين.

وفي سياق آخر، أشارت وزيرة التعاون الدولي إلى تأكيد مصر على ضرورة العمل على ضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره عبر إنفاذ الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وذلك للحيلولة دون تفاقم الصراع، وإرساءً للاستقرار والتعايش بين شعوب المنطقة، كما أكدت على تحذير مصر من العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، حيث إن هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتمادًا أساسيًا على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة.

كما وجهت الشكر لحكومة جمهورية كوريا على تقديم مساعدات إنسانية لضحايا غزة من خلال الهلال الأحمر المصري، و"نتطلع للمزيد من الدعم، وإيجاد آلية لإعادة الإعمار في اليوم التالي لوقف الاعتداءات".

وفي ختام كلمتها، أكدت "المشاط" أن القارة الإفريقية بما تملكه من ثروات وأيادٍ عاملة شابة قادرة على تحقيق تقدم تنموي ومواجهة التحديات المختلفة بمساعدة الدول الشريكة، حيث إن ٦٠% من إجمالى سكان القارة تحت سن ٢٥ عامًا. ومع تدشين منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في عام ۲۰۱۹، تتطور إفريقيا بسرعة لتكون سوق واحدة يبلغ تعداد سكنها ١،٤ مليار وناتجها المحلي الإجمالي ٣،٤ تريليون دولار.

ونوهت بأن مصر تثمن الشراكة الكورية الإفريقية وترى فيها آفاقًا رحبة للتعاون وتحقيق الآمال المشتركة، وفي الوقت ذاته تؤكد الحاجة إلى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من أولويات وأنشطة مشتركة لتحقيق الرفاهة والاستقرار في ربوع الجانبين، وأهمية متابعة ذلك التنفيذ ورفع تقارير وتوصيات بشأنها إلى القمة المقبلة حتى يمكن تطوير تلك الشراكة المهمة.