مكتبات المثقفين 31
محسن يونس: "ذو اللحية الزرقاء" أول كتاب اشتريته وكان ثمنه "20 مليم"
تعد المكتبة من أبرز ما تجده في منازل الكتاب والمثقفين، بل تكاد منازل بعضهم تتحول إلى مكتبات يعيشون فيها.
وحول مكتبات المثقفين، وكم فقدوا منها خلال تنقلاتهم وأسفارهم، وهل يعير الكاتب كتبه أو يستعيرها، وغيرها من المحاور تقدمها "الدستور" في سلسلة حوارات مكتبات المثقفين.
وفي الحلقة الـ 31 من حلقات سلسلة حوارات مكتبات المثقفين، يحدثنا الروائي والقاص الكبير محسن يونس، عن مكتبته وأول كتاب اقتناه، وما الكتاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، وأهم الكتب في مكتبته وغير ذلك.
متى اشتريت أول كتاب؟
كنت صغيرا، في الصف الرابع الابتدائى، وكنت قد اكتشفت أننى أستطيع القراءة عبر معرفتى بحركات صوت الحرف من فتح وضم وكسر، بصراحة اكتشفت هذا دون معلم، وبذلك انفتحت أمامى دنيا القراءة. وكان بمدينتى مكتبة ذات فاترينة زجاجية تعرض كتبا بها، كنت أنظر من الجانب لأعرف ثمن هذه الكتب، كان لدى قرشان أي ما يساوى عشرون مليما، ورأيت أن ( ذو اللحية الزرقاء ) قصة كامل كيلانى هي ما تساوى ما في جيبى من نقود، تلك القطعة النقدية المضلعة في ذلك الزمن، فدخلت بقلب قوى، وابتعتها، منذ تلك اللحظة انفتح عالم ساحر، كنت وظللت أسيرا له، عالم القراءة الرائع.
ما أهم الكتب في مكتبتك؟
كثير.. منها على سبيل المثال: الروايات ( مجموعة روايات ديستويفسكى، أعمال أنطون تشيكوف، رواية إدوار الخراط ( رامة والتنين ) مخطوطة مكتوبة على الآلة الكاتبة، أهداها لى بشكل خاص فى عام 1980، طبعا معظم أعماله لدى، وخاصة كتابه ( مختارات القصة القصيرة فى السبعينيات ) حيث يوجد فصل به عن كتاباتى فى القصة القصيرة – كتاب سارتر الوجود والعدم – البيان والتبيين للجاحظ – المنهج لهيجل، والكثير سوف نحتاج لصفحات لإيرد أسماء عناوين كتب أثرت فى رؤيتى للعالم، أكتفى بما ذكرت مع شعورى بتقصير شديد عن ذكر كتب أخرى ربما كانت أكثر نفعا وأهمية..
ما الكتاب الذي لا يمكنك الاستغناء عنه؟
ليس كتابا واحدا، ولكن يحضرنى الآن، لأنهم أمامى فوق مكتبى ( كتاب الخيال ) للدكتور شاكر عبد الحميد – كتاب ( ضرورة الفن ) لأرنست فيشر – ثم كتاب ( مبادئ الفن ) تأليف روبين جورج كولنجوود، وهو كتاب يحاول الإجابة عن سؤال هام وصعب في آن واحد هو: ما هو الفن؟ وكيف نميز بينه وبين الصنعة المتقنة؟ مع الكتابين السابقين يضاف كتاب آخر أعود إليه بين آونة وأخرى هو كتاب ( الصوت المنفرد ) لفرانك أوكنور، وهو كتاب يعد علامة روحية لذاك الفن أى القصة القصيرة.
ما الكتاب الذي لديك منه أكتر من نسخة منه؟
لا يوجد إلا إذا كان بعض نسخ من كتاب لى وإذا حدث أن تكررت نسخ من كتاب ما، فسوف أهدي النسخة الزائدة والمكررة لصديق حتما..
هل فكرت أن تستغني عن مكتبتك أو كتبت وصية بشأنها؟
ستظل مكتبنى موجودة طالما أنا موجود، ولن أوصى بها لأى جهة، سأتركها لأولادى وأحفادى يقعلون معها ما يرون وما يقررون..
كم مكتبة فقدت لظروف خارجة عن إرادتك؟
العجيب فينا نحن الذين نحب الكتب حرصنا عليها ربما أكثر من حرصنا على سلامتنا الشخصية، انتقلت من سكن إلى سكن أكثر أكثر من مرة، فى كل مرة أنا وليس أحد غيرى من يشرف على وضع الكتب فى كراتين خاصة، وغلقها جيدا، والإشراف على نقلها للسكن الجديد، أما بقية العزال فهو متروك للزوجة والأولاد والعمال، والتجاوز عن بعض الاعتراضات..
ما الكتاب الذي تمنيت اقتناءه ولم تعثر عليه؟
عدم الحصول على كتاب ما، كان هذا يحدث فى الزمن القديم، أيام كان الكتاب قبل ظهور المطبعة يتم نسخه بواسطة نساخ، يعملون على نقله بخط يدهم، الآن لدينا مكتبات معتمدة مشهورة، إلى جانب مواقع على شبكة التواصل ومن خلال النت يمكنك الحصول على الكتاب، وسوف يصل إلى باب بيتك دون أن نحمل وعثاء سفر، أو البحث المتعب.
هل تشتري كتب ولا تقرأها لظروف ضيق الوقت أو غيرها؟
ربما يحدث، ولكن سرعان ما يأتى الوقت لفتح الكتاب الذى سبق شراؤه، فمثل هذا الموقف يظل فى الذاكرة دون نسيان حتى يتم التعامل مع الكتاب، هناك من يشترى الكتب لمجرد الاقتناء فقط، وفد عاينت أكثر من حالة بشكل مباشر مما يجعلنى صادقا، وقد بحثت فى ذلك، واكتشفت أن هذه الحالة هوس جمع الكتب أو ”ببلومانيا" ردد المصطلح قبل نحو قرنين إذن ليُشير إلى الهوس بجمع الكتب بعدد يكاد يكون من المؤكد أن صاحبه لن يستطيع قراءته، إنها الرغبة في اكتناز أكوام لا نهاية لها من الكتب بصورة قد تؤثر في صحة الفرد وعلاقاته الشخصية، إذ تطغى تلك الرغبة في شراء الكتب وتخزينها على كل رغبة، الحمد لله لست مريضا بالببلومانيا.
هل تحدد ميزانية لتزويد مكتبتك موسميا في مناسبات كمعرض الكتاب؟
ومن منا لا يفعل؟! هذا يحدث كل عام، حيث ننتظر معرض الكتاب، وفى أكثر من رحلة إذا تيسر الحال، نحاول الحصول على ما نريد من كتب، تعرفنا على إصدارها ونشرها، والدور التى قامت بذلك، يحدث هذا بالفعل، ربما فى السنتين أو الثلاث الأخيرة تقلصت هذه الرحلات لاعتبارات كثيرة منها المرض مثلا أو ظهور عارض ما ابتلع التحويشة، فتتأجل رحلات شراء الكتب..
هل تعير كتبك لأحد وهل تستعيدها أم لا ترد إليك، وهل تستعير كتب من الأصدقاء وهل تعيدها؟
بالطبع يلجأ لى صديق فى طلب كتاب ما، وهو وضميره، أعاد الكتاب أشكره، وإذا لم يعده أصبر حتى أنسى فى دوامة الحياة، تعرضت كثيرا لاستيلاء الأصدقاء وغير الأصدقاء لموقف استعارة الكتب من مكتبتى الخاصة، وعدم إرجاعها مرة أخرى، ويبدو أنها حالة عامة تستدعى الضحك، فأنا لا ألوم إلا نفسى.