أمين جامعة الدول: التكنولوجيا الرقمية لها مكاسب في التجارة والتعليم والخدمات الحكومية
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن العالم الرقمي صار عالمًا موازيًا مكتمل الأركان لا يقل، من حيث كثافة الأنشطة أو تعدد وتعقيد المجالات التي يشملها، عن العالم الحقيقي إن لم يكن يزيد ويتجاوز هذا العالم في أحيان كثيرة فالتجارة والبحث العلمي والتسلية والتواصل الاجتماعي والخدمات الحكومية وغير ذلك الكثير جدًا من الأنشطة تمر عبر العالم الرقمي ومنصاته المتعددة.
وأشار "أبو الغيط"، خلال كلمته أمام المؤتمر الدولي الثالث لأمن المعلومات والأمن السيبراني 2024، إلى الزيادة الهائلة في حجم التواجد على العالم الرقمي واستخدامات تطبيقاته المختلفة خلال جائحة كورونا.
وتابع بقدر ما حملت التكنولوجيا الرقمية من إيجابيات ومكاسب عدة في مجالات التجارة والتعليم والخدمات الحكومية المختلفة، في حين أنها أيضًا تنطوي على مخاطر جديدة وغير متوقعة، إذ كشفت عن نقاط ضعف في منظومات الأمن، للشركات والحكومات والأفراد العاديين على حد سواء فصار الأمن السيبراني ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي للدول، وأمن المجتمعات والأفراد والكيانات الاقتصادية.
وأوضح، أن الحروب السيبرانية صارت واقعًا قائمًا، وسلاحًا يُستخدم من قبل الدول وكذلك من جانب الفاعلين من غير الدول من الجماعات ذات الأنشطة الهدامة والإجرامية وهو سلاح بالغ الفاعلية بسبب اعتماد الكثير من أنظمة الحياة الحديثة على التكنولوجيا والشبكات الرقمية، بما يجعلها عُرضة للهجمات القاتلة، أو لمن يُمارسون جرائم الابتزاز وما يُسمى بـ "برامج الفدية".
ويرى الأمين العام أن الأمن السيبراني صار مفهومًا يتجاوز بكثير قضايا حماية الرسائل والمعاملات المالية والإدارية الالكترونية بل يضم أيضًا أمن البيانات وتخزينها فالكثير جدًا يُمكن استخلاصه من البيانات المتاحة عبر تحليل سلوك الفرد والمحتوى الذي يستهلكه عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن هناك جهات فاعلة في عالم الإنترنت تستخدم البيانات لرفع أرباحها وأخرى تستخدمها لتنفيذ سياسات ناعمة لتمييع القيم والمبادئ الأساسية للمجتمعات من خلال حملات تضليل مُحْكَمَة لتزييف الحقائق والمساس بالصحة العقلية للشباب، طلبًا للأرباح الهائلة.
وقال إن الدروس المستقاة من استخدام الشباب لمنصات التواصل الاجتماعي خاصة بعد أحداث 2011 الخطيرة، بحسب أبو الغيط، كشفت عن الأثر الهائل لانتشار المعلومات المغلوطة والدعوات إلى العنف والكراهية وخطابات التشكيك في نزاهة الأشخاص والمؤسسات الوطنية
وأوضح أن هذه الأخطار الجديدة من المرجح أن ترتفع في ظل انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطورها الفائق الذي سيتيح للتنظيمات الإجرامية والإرهابية قدرات ومهارات خارقة لتنفيذ الهجمات السيبرانية وحملات المعلومات المغلوطة والمُضللة.
وتسائل حول كيفية حماية مجتمعاتنا من خطر يتجاوز حدود الدولة، وهو خطر يصعب فيه تحديد هوية المجرم وطبيعة الجرم ومداه، في ضوء ما يوفره عالم الجرائم السيبرانية من إمكانيات كبيرة للإنكار وإخفاء هوية المهاجم.
ويرى أنه من المؤكد أن الحاجة باتت ملحة إلى بناء قدرات جديدة مناسبة لتعزيز خط الدفاع التكنولوجي وفق مقاربات مبتكرة يتم تحديثها باستمرار لتتواءم وطبيعة المخاطر المستجدة.
وأشار إلى أنه لم يعد ممكنا فصل هذا المجال عن مجالات الأمن التقليدية فالجرائم السيبرانية تستهدف كافة القطاعات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وتسعى للتأثير على جميع فئات المجتمع خاصة الشباب وترتبط أيضًا ارتباطًا وثيقًا بمجالات الجريمة الأخرى كالابتزاز وطلب الفدية وجرائم الدارك ويب والمخدرات وغيرها لكن شرائح واسعة من المجتمع العربي لا تدرك بالقدر الكافي خطورة تلك الجرائم ولا تملك المعلومات والمهارات اللازمة لحماية حياتها الشخصية وبياناتها وتتعامل مع هذا التهديد الخطير بقدر من الاستهانة الناتجة عن غياب المعرفة داعيا إلى إطلاق حملات توعية لتنبيه المواطن العربي، والمؤسسات العربية المختلفة، بأهمية حماية البيانات من مخاطر الجريمة السيبرانية.
وعلى صعيد العمل العربي المشترك، يقول "أبو الغيط" إن هذا الموضوع المهم تم طرحه على أجندة القمة العربية الرابعة ببيروت في عام 2019 ضمن ملف "التحول الرقمي العربي"، حيث أصدرت القمة قرارًا بتكليف الجامعة العربية بوضع رؤية مشتركة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وقد حظي هذا الملف باهتمام خاص من الجامعة العربية ومنظماتها المتخصصة إذ ركزت لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، وهي لجنة تضم كافة المنظمات والاتحادات العربية خلال الفترة الماضية على وضع رؤية عربية وإطلاق مسار تعاون في موضوع الأمن السيبراني موضحا انه تم تكليفه شخصيًا آنذاك المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات بتولي الموضوع وقد حققت مشكورةً إنجازات ملموسة، حيث أعدت الرؤية العربية للأمن السيبراني والتي تم إطلاقها في أكتوبر 2021 بتونس، كما أقامت بالتعاون مع عدد من الشركات عددًا من الفعاليات منها هذا المنتدى الهام.