مكتبات المثقفين 27
أحمد فضل شبلول: اشتريت كتب "ع النوتة" وتبرعت بـ 3000 كتاب للجامعة
تعد المكتبة من أبرز ما تجده في منازل الكتاب والمثقفين، بل تكاد منازل بعضهم قد تحولت إلى مكتبات يعيشون فيها، وحول مكتبات الكتاب، وكم فقدوا منها خلال تنقلاتهم وأسفارهم، وهل يعير الكاتب كتبه أو يستعيرها، وغيرها من المحاور يقدمها "الدستور" في سلسلة حوارات مكتبات المثقفين.
وفي الحلقة الـ 27 من حلقات هذه السلسلة من الحوارات يحدثنا الكاتب الروائي والشاعر أحمد فضل شبلول، عن مكتبته وأول كتاب اقتناه، وما الكتاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، وأهم الكتب في مكتبته، وغير ذلك.
متى اشتريت أول كتاب؟
قبل شراء الكتب، كنتُ أشتري مجلات الأطفال التي كانت تصدر على أيامنا مثل: سمير وميكي، وأعداد قديمة من مجلة سندباد التي توقفت عام 1960، وأنا في سن السابعة، ولم أجد منها أعدادًا جديدة فكنت أشتري الأعداد القديمة.
ثم بدأت أشتري الكتب من باعة الكتب القديمة في ميدان محطة مصر بالإسكندرية وأنا في نهاية المرحلة الابتدائية، أي تقريبا في عام 1964 أو 1965، وكانوا يقفون بعربات خشبية عليها مئات الكتب المتنوعة، فكنت أشتري روايات أرسين لوبين وشيرلوك هولمز وأجاثا كريستي، ونتبادل قراءتها مع أصدقائي في الشارع، ثم نعيدها ونستبدلها بغيرها وندفع فرقًا بسيطا، قد يكون قرش صاغ، وخاصة في إجازات الصيف حيث لم يكن أمامنا وقتها سوى لعب الكرة وقراءة المجلات والكتب التي تناسب سننا، ثم عرفت الطريق إلى مكتبة البلدية بشارع منشا بحي محرم بك الذي كنت أسكن فيه، فكنت أذهب للقراءة المجانية هناك، ثم استخرجت كارنيه استعارة، وبدأت أصطحب الكتب إلى البيت.
ما أهم الكتب في مكتبتك؟
حاليا أهم الكتب في مكتبي موسوعة تاريخ الفن "العين تسمع والأذن ترى" للدكتور ثروت عكاشة، فهي ثروة ثقافية وفنية وأدبية لا غنى عنها، لأي كاتب حسب تصوري.
ما الكتاب الذي لا يمكنك الاستغناء عنه؟
غير القرآن الكريم، والموسوعات والمعاجم ومنها "الموسوعة العربية الميسرة" التي وقعت في جزئين، و"الموسوعة العربية العالمية" التي وقعت في 30 جزءًا، لا أستطيع أن أستغنى عن كتاب "ألف ليلة وليلة" و"كليلة ودمنة" فهما من التراث الغني جدا، وكتاب "مستقبل العقل" للكاتب الأمريكي من أصل ياباني ميتشو كاكو.
ما الكتاب الذي لديك منه أكتر من نسخة؟
اكتشفت مؤخرا أن هناك أكثر من نسخة من بعض الكتب التي اشتريتها ثم نسيت أنني اشتريتها، ونظرًا لأهميتها بالنسبة لي أعيد شراءها. فوجدت مثلا أن كتاب "اللغة الشاعرة" لعباس محمود العقاد عندي منه أكثر من نسخة. ووجدت أن رواية "السراب" لنجيب محفوظ عندي أكثر من طبعة لها، ووجدت أن كتاب "فقه اللغة" للثعالبي عندي منه ثلاث نسخ.
هل فكرت أن تستغني عن مكتبتك أو كتبت وصية بشأنها؟
حدث من قبل أن حاولت الاستغناء عن مكتبتي لضائقة مالية، فكنت أخذ بعض الكتب التي قرأتها في أكياس وكراتين، وأقوم بعرضها في طريق الكورنيش بالشاطبي في فصل الصيف. لأنني وجدت عند بيعها لدى بائعي الكتب القديمة، يخسفون بثمنها الأرض، فجربت أن أبيعها بنفسي، وكان معي أحد الأصدقاء حيث نفرشها على الأرض أسفل سور الكورنيش، ونبيع منها، وقد أخبرني أحد الأشخاص أنه من الممكن أن أتعرض لمساءلة قانونية نتيجة عدم وجود ترخيص بالبيع ولا بالمكان الذي نقف نبيع فيه.
ففترت همتي، ولم أكمل المشروع. ومرة ثانية تبرعت بحوالي ثلاثة آلاف كتاب – منذ سنوات قليلة – لجامعة القاهرة في إطار معرض للكتب القديمة لطلبة الجامعة، وعندما قرأت الإعلان لمن يريد التبرع ببعض ما لديه من كتب، اتصلت بالمسئولين عن المعرض، وجاءوا من القاهرة بالفعل في سيارة نصف نقل ومعهم عدد كبير من الكراتين، عبَّأوا فيها الكتب وعرضوها في معرضهم بالمجان، في مبادرة لم تكرر ثانية على ما أعتقد، وجاءني خطاب شكر وتقدير من رئيس جامعة القاهرة على هذا الإسهام.
كم مكتبة فقدت لظروف خارجة عن إرادتك؟
بعد تعاقدي للعمل في المملكة العربية السعودية، كانت مكتبتي تشكل حيزا من تفكيري، فأخذت بعض الكتب المهمة معي في حقيبة السفر، وبعضها قلت لأشقائي أنه يمكن الاستغناء عنها ببيعها، والبعض احتفظت به لحين حصولي على شقة مستقلة، وهو ما تم بعد ذلك، ولكن أثناء نقل الكتب من بيت العائلة إلى شقتي الجديدة فُقدتْ بعض الكتب، لأنني لم أكن موجودًا وقتها، وإنما باشر شقيقي صلاح– يرحمها لله- أمر نقلها. ولم أعرف أين ذهبت هذه الكتب المفقودة، ربما من كان يحملونها أخذوها أو سقطت منهم أثناء نقلها.
ما الكتاب الذي تمنيت اقتناءه ولم تعثر عليه؟
بعض كتب التراث، التي كنت أسمع عنها، وقد طبعت قديما، ولم تطبع مجددا، ولكن حلَّت هذه المشكلة من خلال المكتبات الإلكترونية التي تتيح تحميل الكتب التراثية إما بالمجان أو مقابل مبلغ نقدي زهيد.
هل تشتري كتبًا ولا تقرأها لظروف ضيق الوقت أو غيرها؟
أحيانًا يحدث هذا بطبيعة الحال، وخاصة عندما أصدرتْ مكتبة الأسرة كتبًا مهمة مثل "موسوعة مصر القديمة" فقد اشتريت كل أجزائها، ولم أقرأها كاملة بطبيعة الحال.
وهناك كتب أكون مهيئا لقراءتها، فتأتي ظروف مغايرة تجعلني أؤجل قراءتها، كأن أكلف ببحث في موضوع معين، أو بكتاب سأتحدث عنه في ندوة ذات تاريخ محدد، فهذا قد يغير مسار قراءاتي، أو أن أكلف بالتحكيم في مسابقات أدبية، فأترك ما كنت أقرأه لأتفرغ لقراءة الكتب التي أقوم بتحكيمها لأن التحكيم مرتبط بوقت محدد لا بد أن أسلم النتيجة خلاله.
هل تحدد ميزانية لتزويد مكتبتك موسميًا في مناسبات كمعرض الكتاب؟
أنا أتركها على الفيض الكريم، إذا كان معي أشتري، وإذا لم يكن معي لا أشتري، وأتذكر أن هناك بائع كتب في محطة الرمل بالإسكندرية، اسمه "الرملي"، كنت أشترى منه الكتب والمجلات على الحساب، أو على النوتة، أو بالأجل ولحين ميسرة، وكان هذا الأمر يسهل لي اقتناء ما أريده من كتب ومجلات جديدة.
هل تعير كتبك لأحد وهل تستعيدها أم لا ترد إليك، وهل تستعير كتبًا من الأصدقاء وهل تعيدها؟
نعم أعير بعض الكتب لمن أحس أنه في حاجة إليها، وغالبا لا أستعيدها، ولا تعود إلي، وأذكر أنه من حوالي سنتين زارتني طالبة تعد أطروحة جامعية عن بعض رواياتي، فأعطيتها بعض الكتب التي تساعدها في إتمام بحثها، غير الروايات المصدر، وطلبت منها أن تعيد كتبا معينة بعد الانتهاء من مناقشة رسالتها، ثم علمت من المشرف عليها أنها غيرت خطة بحثها وستعد مشروعا آخر أكثر سهولة بالنسبة لها، فاتصلت بها لإعادة الكتب التي قامت باستعارتها والتي لن تفيدها في خطتها الجديدة، ولكن لم ترجع تلك الكتب حتى الآن.
وذات مرة استعار مني أحد أصدقائي الشعراء مجلدا بالأعمال الكاملة لشاعر أحبه كثيرا ليقرأه، وعندما طالت مدة الاستعارة اتصلتُ به ليعيد لي المجلد، فأخبرني أن فلانًا استعاره منه، ثم سافر هذا الفلان للعمل في دولة خليجية، وضاع المجلد بينهما.
لكن عن نفسي أنا ألتزم بإعادة ما قد أستعيره من كتب من الأصدقاء، بل أسرع في قراءتها والانتهاء منها وأعطيها الأولوية، وخير مثال على ذلك أنني استعرت من صديقي الشاعر الكبير أحمد سويلم كتابًا لم أجده عن أمير الشعراء أحمد شوقي لأنني كنت وقتها اشتغل في رواية عن شوقي اخترتُ لها عنوان "أن أكونَ أميرًا للشعراء"، وقد انتهيتُ من كتابتها بالفعل. وستطبع قريبا إن شاء الله. فسألته عن الكتاب فقال: عندي. وأعطاني إياه فقرأته خلال أقل من أسبوع وأعدته له.