8 أدباء ذاع صيتهم وكتاباتهم بقيت خالدة في مصر القديمة
لم تكن الكتابة مجرد وظيفة في مصر القديمة، ولكنها كانت وسيلة لنشر التعاليم قديمًا ولم يكن الكاتب المصري غرضه الوظيفة أو جمع ثروة في الحياة فقط، بل كان يرمي إلى معانٍ أسمى من ذلك، ومقاصد أنبل تخلد ذكره، وهي أن يُخلد اسمه وأعماله الت بدورها يكمن أن ترفع من شأن قومه.
كيف كان ينظر المصريون القدماء إلى مهنة الكاتب؟
وفي السطور التالية، نستعرض كيف كان ينظر المصريون القدماء إلى مهنة الكاتب، ومن هم أشهر الادباء الذين عرفهم التاريخ في مصر القديمة، وذلك وفقًا لموسوعة مصر القديمة، للعالم الأثري سليم حسن.
يوضح سليم حسن في موسوعته الشهيرة، أن الكاتب كان يشعر بأنه إذا أجاد في نشر تعاليمه القيمة خُلِّد اسمه، وعاشت حكمته على مر الأيام والدهور.
وكشف العالم الأثري، طبيعة ما كان يكتبه الأدباء في مصر القديمة، قائلًا: جرت العادة أن يختار المؤلف أعزَّ الناس إليه ليضع أمامه تعاليمه وحِكَمه حتى يحفظها ويعمل بها ويتوارثها نسله، ولكنه من جهة أخرى كان ينظر إلى مؤلفاته الأدبية نظرة مَن يريد لها البقاء، فكان يعطيها عين العناية، ويبذل في تأليفها جهد الطاقة.
وأشار سليم حسن إلى أن هذه المؤلفات التي عكف عليها الكاتب في مصر القديمة، قيمتها عند الكاتب المصري القديم "أرفع مكانةً من كل أغراض الحياة، وأبقى من البروج المشيدة من النحاس والحديد؛ لأن كل صروح الحياة في نظره عرَضٌ زائل، أما كتاباته وتآليفه الأدبية فهي التي ستبقى بعد زوال كل شيء، وحتى بعد زوال نسله".
“الكتاب” في مصر القديمة هم من تنبئوا بالمستقبل وبنيت لهم البوابات والمقابر
ووفقًا لإحدى الكشوف الحديثة، على بردية من عهد الرعامسة، التي تضع أمامنا صورة حية عن مكانة الكاتب المصري في مصر القديمة، فجاء في البردية التالي:
"ولكن إذا فعلتَ هذه الأشياء فإنك تصبح كاتبًا حاذقًا، والكتَّاب المثقفون الذين يرجع عهدهم إلى عهد ورثة الآلهة، وهم الذين تنبَّئوا بالمستقبل؛ قد بقيت أسماؤهم خالدة، رغم أنهم تواروا عنَّا لانتهاء أجلهم، ورغم أن كل ذريتهم قد أصبحت نَسْيًا منسيًّا، على أنهم في ذلك لم يقيموا أهرامًا من نحاس، ولا صفائح قبور من حديد، ولم يكن في مقدورهم أن يخلقوا وَرَثَة من الأولاد الذين ينبغي لهم أن يذكروا أسماءهم، بل جعلوا لأنفسهم خلفاء من بعدهم من الكتب والتعاليم التي ألَّفوها، فقد نصبوا إضمامات البردي التي كتبوها لتكون كاهنًا مرتلًا، وألواح الكتابة لتكون ابنًا بارًّا، وكتب التعاليم لتكون أهرامهم، والقلم ابنهم، ووجه الحجر (الذي يكتب عليه) زوجتهم، وقد جعلوا الناس صغيرهم وكبيرهم أطفالًا لهم؛ لأن الكاتب رئيسهم، وقد أُقِيم لهم (بوابات) ومقابر.
منهم “بتاح حتب” و"خيتي".. أشهر الأدباء في مصر القديمة
وكشفت البردية أيضًا أسماء أشهر المؤلفين والكتاب في مصر القديمة، كما جاء فيها: “فكُنْ كاتبًا، وضَعْ ذلك في قلبك، وبذلك يمكث اسمك، وإن مؤلَّفًا واحدًا لأعظم فائدةً من لوحة قبر منحوتة، ومن جدران قبر أُحكِم تأسيسها؛ لأن هذا يكون لك بمثابة مقاصير وأهرام في قلوب مَن ينطقون باسمه (الكتاب). حقًّا إنه من الخير أن يكون اسم الإنسان في فم الناس في الجبَّانة، فالرجل يموت وجثته تصير جيفة قَذِرة، وكذلك تصبح كل ذريته ترابًا، ولكن الكتب (التي يؤلِّفها) تجعله مذكورًا في فم مَن يُلقِيها. وإن كتابًا واحدًا لأكثر نفعًا من بيت مؤسس، ومن قبر في الغرب، وإنه لأجمل من قصر منيف، ومن نصب تذكاري (أقيم له) في معبد. فهل يوجد إنسان مثل "حردادف"؟ وهل يوجد آخَر مثل “أمحوتب”؟ على أنه ليس في عصرنا واحد مثل “نفري” و"خيتي"، وهو الرئيس بينهما، وإني أذكرك باسمين: “بتاح-أم-تحوتي” و"خعخبر-رع-سنب"، وهل يوجد مَن يماثِل “بتاح حتب” أو “كارس” وهؤلاء هم الحكماء الذين تنبَّئوا بالمستقبل، وقد وقع فعلًا ما تفوَّهوا به، وقد وُجِد كلام مدوَّن في كتبهم، وقد منحوا أولاد غيرهم ورثة لهم، كأنهم أولادهم الحقيقيون، وقد اختفوا ولكن سحرهم قد امتد تأثيره إلى كل الناس الذين قرءوا تعالميهم، ولقد ذهبوا ونُسِي اسمهم، ولكن الكتابة جعلت المرء يذكرهم.