قصة "بيت فاطمة" الذي أبكى السودانيين
مقطع فيديو أثار غضب وحزن الكثير من أهل السودان والشارع السوداني، ذلك المقطع الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي لنهب وتخريب منزل فاطمة أحمد إبراهيم، إحدى الرموز الوطنية بالسودان، وأول برلمانية بالشرق الأوسط، وذلك في ظل الظروف المأسوية التي يعيشها السودان، وصراعاته.
المقطع المذكور والذي تداولته قناة الحدث السودانية أظهر حجم الدمار والخراب الذي لحق بمنزل فاطمة (1932 - 2017) بحي العباسية العريق وذلك بمدينة أم درمان إحدى المدن الثلاث المكوِّنة للعاصمة السودانية الخرطوم، على خلفية الصراعات التي يعيشها السودان والنزاعات الدائرة فيه على الحكم.
ويعتبر السودانيون السيدة فاطمة أحمد إبراهيم واحدة من أهم رموز الدولة السودانية على مر التاريخ، والتي تتمتع بجماهيرية كبيرة وواسعة لما كان لها من دور عظيم في نطاق الحياة السياسية السودانية وكذلك الحياة الاجتماعية.
وفاطمة أحمد إبراهيم هي سياسية سودانية ولدت عام 1932 وتوفيت عام 2017، وهي أول سيدة تٌنتخب كعضو برلماني في الشرق الأوسط في مايو 1965، كما أنها تعد من أشهر الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمرأة والسياسة في السودان على مر التاريخ، وقد كانت عضوة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني لعدة دورات.
ونشأت فاطمة أحمد إبراهيم النور في السودان في أسرة متعلمة ومتدينة، إذ كان جدها ناظرًا لأول مدرسة بنين بالسودان، وإمامًا لمسجد، كما تخرج والدها معلمًا في كلية غردون التذكارية "جامعة الخرطوم"، أما والدتها فمن طليعة البنات اللاتي حُظين بالتعليم المدرسي.
وانتسبت فاطمة إلى الحزب الشيوعي السوداني باكرًا، وأصبحت أول نائبة برلمانية بالبلاد عام 1965م كما أنها تُعد أقدم البرلمانيات العربيات والإفريقيات.
ومن أعمالها أسست الاتحاد النسائي السوداني، وأصدرت مجلة "صوت المرأة" التي تولت رئاسة تحريرها، لتصبح بذلك أول رئيسة تحرير بالمنطقة العربية، كما أن لديها عدة مؤلفات.
وتقلّدت أول نائبة برلمانية سودانية جوائز مرموقة داخل وخارج البلاد، أبرزها جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وكذلك جائزة ابن رشد للفكر الحر، لنضالاتها المستمرة للدفاع عن حقوق المرأة، وتزوجت فاطمة أحمد إبراهيم بالقائد النقابي الشهير الشفيع أحمد الشيخ، والذي أعدم إبان حكم جعفر نميري عام 1971م.
واشتهرت فاطمة بالصدق والاستقامة والنزاهة والثبات على المبدأ، بالإضافة إلى الشجاعة والصمود في وجه غوائل الأيام وتقلبات الأزمان، وتوفيت فاطمة أحمد إبراهيم في لندن عام 2017م وشيعت في موكب جنائزي مهيب ودفنت بمدينة أم درمان.
وقد تعالت أصوات رواد التواصل الاجتماعي والشارع السوداني لإنقاذ مكتبة فاطمة إبراهيم، وذلك إبان هذا الاقتحام الأخير الذي شهده منزلها، وذلك لما تضمنته تلك المكتبة من كنوز تراثية وتاريخية تخص التاريخ السوداني والعربي بل والعالمي.
إذ قال أحد الناشطين واصفًا ما حدث لبيت أول برلمانية سودانية ونقله الفيديو المتداول: "عاثوا فيه خرابا ما وجدوا مالا ولا ذهبا وإنما أرفف كتب وأجهزة تسجيل قديمة وأقلاما جف حبرها وأوراق، الحرب ديه دمرت تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا".
كما قالت إحدى الناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي واصفة الكتب التي وجدت في منزل فاطمة وصورها الفيديو مستنكرة ما حدث “دا تاريخ يجب أن يصان!”.
كذلك وصف أخرون بيت السيدة فاطمة عندما أظهره الفيديو بأنه بيت متواضع لواحدة من أعظم نساء البلاد، وما وجدوا به سوى الكتب متعجبين من هذا الأمر.
"سبحان الله بيت متواضع لواحدة من أعظم نساء بلادي بغض النظر عن الانتماء الأيدلوجي له".
وطالب أخر بسرعة إنقاذ منزل السيدة فاطمة قائلًا: “ربنا يرحمها رحمة واسعة” قائلًا "فعلا دا إرث عظيم إن شاء الله ينقذوه من الضياع".
كما وصف أخر ما بمنزل السيدة فاطمة من كتب قائلًا: "إرث ومقتنيات تاريخية ذات قيمة ثقافية ومعرفية عالية منبعها المرأة الحديدية فاطمة أحمد إبراهيم وأخيها الشاعر الدبلوماسي صلاح أحمد إبراهيم الطير المهاجر ومريه ونحن والردى وغضبة الهبباي وغابة الأبنوس لكن للأسف الترب في أرضه نوع من الترب والعود في أرضه نوع من الحطب هى الأيام كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان".