التصالح فى المبانى.. ما حدش فاهم حاجة
رغم مرور وقت غير قليل فى إعداد قانون التصالح الجديد.. ورغم الخطوات المهمة التى أعلنت عنها وزيرة التخطيط هالة السعيد.. ورغم وجود عدد كبير من الحلقات التليفزيونية التى تعرضت لشرح مواد القانون ولائحته التنفيذية.. فإنه وفى اليوم الأول الذى أعلنت عنه المحليات لاستقبال المواطنين الراغبين فى التصالح «لاص» معظم المنتظرين.. بل موظفو المحليات أيضًا.. ويبدو أن أسئلة الناس ستظل بلا إجابات مريحة شافية خلال الأيام القليلة المقبلة.
أولى هذه الملاحظات.. خاصة بالأوراق الواجب على المتقدم للتصالح تجهيزها.. ومنها تقرير السلامة الإنشائية للمبنى.. الناس تسأل: إذا كنت أنا مجرد مالك شقة.. وصاحب العمارة باع وخلع من سنين.. أنا أجيب التقرير ده منين؟.. وإذا كنت قد تقدمت بأوراقى فى وقت سابق ودفعت مبلغ جدية التصالح.. أروح لمين وفين بعد كده علشان أستكمل الإجراءات؟.. وأعمل رسومات للشقة ولا للعمارة؟.. طب اللى خد نموذج عشرة يعمل إيه؟.. ويروح لمين؟.. أغلب هذه الحالات لا تجد من يسمع لها من الأصل، فضلًا عن التعامل المستفز من موظفى المحليات.. اللى ابتدوا يتريقوا على فكرة الأبليكيشن.. وإذا ما حد سألهم يقولون: روح اسأل الأبليكيشن.
أعرف أن الموضوع لسه فى أوله.. لكن من قيل إنهم قد تلقوا تدريبًا من موظفى المحليات لا يبدو أنهم فهموا شيئًا من ذلك التدريب.. حالات كثيرة تحدثت معى عقب انتهاء اليوم الأول أغلبها منزعج مما قيل لهم حول مدة الأسبوعين الممنوحين لاستكمال الأوراق.. يعنى بالبلدى اللى مش هيلحق يستكمل أوراقه فى غضون تلك المدة هتروح عليه فلوسه اللى دفعها فى موضوع الجدية.. طب إزاى هيستكمل أوراقه وهو لا يعرف حلًا فى لغز تقرير السلامة والرسومات؟.. وماذا سيحدث له فى حال لم يستطع استكمال أوراقه فى هذه المدة؟.. هل سيتم قطع المرافق عنه ولّا دى شائعات؟.. البيانات الصادرة من جهات شتى تدعو المواطنين للتصالح لا تغنى ولا تسمن من جوع وتحتاج الى تفسير فى نقاط واضحة لا لبس فيها.. معظم أهالينا، رجالًا ونساءً.. شبابًا وشيوخًا، لم يسبق لهم التعامل مع الجهاز البيروقراطى فى الأحياء.. يبدو أن الأمر يحتاج إلى متابعة عاجلة من قنواتنا التليفزيونية.. مواقعنا الإلكترونية.. مع معنيين بالأمر يشرحون للناس ماذا يفعل كل منهم وإلى أين يمضى.
من جهة أخرى.. هناك قطاع كبير من المواطنين يخلط بين قانون التصالح.. وعملية البناء.. وهذه مسألة فى غاية الأهمية.. القانون الجديد ينظم أوضاع المخالفين الذين بنوا بالفعل.. فماذا عن الذين توقفوا عن البناء فى السنوات الماضية.. مقاولون وعمال وصنايعية ينتظرون بفارغ الصبر من يشرح لهم.. أين يعملون ومتى؟.. الكثير من الذين يمتلكون أراضى فى محافظات القاهرة الكبرى تحديدًا.. لم يبل ريقهم أحد.. متى يعاودون نشاطهم؟.. البناء متوقف فى أماكن قيل لهم منذ ثلاث سنوات إنه سيجرى إعادة تخطيطها فماذا عنها؟.. وماذا عن أوضاع المتخللات؟.. وعن طلبات استئناف الأعمال.. الأسئلة الحائرة كثيرة جدًا.. وتحتاج إلى إجابات.. فلا يخفى على أحد ما يعانيه العاملون فى مجال العقارات.. ومدى تأثير ذلك التوقف على حياتهم اقتصاديًا واجتماعيًا، فأغلبهم لا يعرف مهنة أخرى ولا يمكنه تغيير نشاطه.. مسألة أخرى يسأل الناس عنها ولا يعرفون السر فيها.. منذ سنوات ونحن نتحدث عن الانتهاء من الأحوزة العمرانية للقرى.. ومنذ شهور والمواطنون يسألون فى الأحياء ومجالس القرى.. والرد الذى يسمعونه لا يتغير: «ما جتش حاجة من فوق.. ماجتش حاجة من الوزارة».. كثيرون من مصادرنا أكدوا الانتهاء منها فعلًا.. فما الذى يعطل وصولها إلى الأرياف حتى الآن؟
قانون التصالح.. وبعد انتظار طال.. بشرى طيبة للجميع، ولكن التطبيق العملى على الأرض يقول إننا فى حاجة إلى الصبر مجددًا وإلى احترافية غير مسبوقة من جهات الإدارة ومتابعة ميدانية جادة من كبار المسئولين فى المحافظات، فربما يسهم ذلك فى حسم الكثير مما ينغص على الناس أحوالهم، خاصة أنهم انتظروا وقتًا طويلًا لإنهاء هذا الملف.