يحيى الطاهر.. "محبوب الشمس" الذي قدمه ورثاه يوسف إدريس
في أغسطس 1965 قدّم الدكتور يوسف إدريس فى مجلة الكاتب، والتي كان يشرف على نشر الإبداع فيها قصة بعنوان "محبوب الشمس" ليحيى الطاهر عبدالله؛ ذلك الشاب الصعيدي النحيف الساخط على القاهرة والمدينة وكل شيء؛ وبعد رحيله في 9 أبريل 1981، على أثر حادث سيارة على طريق القاهرة الواحات، ودفن فى قريته الكرنك بالأقصر، رثاه يوسف إدريس في مقالة بعنوان "النجم الذى هوى" ونشرت بالأهرام فى 13 أبريل 1981.
ستة عشر عامًا توطدت فيها صداقة يحيى الطاهرعبد الله الذى نحتفى اليوم بذكرى ميلاده (30 أبريل 1938 ) بيوسف إدريس على المستوى الإبداعي والإنساني؛ منذ أن القتى الأول الأخير في مقهى ريش، وقال له: "أنا أكتب القصة القصيرة". فما كان من "إدريس" إلا أن قال له: "أقرأ".. متصورًا أنه سُيخرج له ظرفًا فيه عشرات مما كتب، وإذا به يعتدل وتأخذ سيماه طابع الاتصال العلوي ويُلقي عليه قصته الأولى وكأنها الشعر يحفظ.. ومنذ ذلك اليوم ويحيى يقرأ ويكتب ويوسف إدريس ينشر له ويقرأ.. ولما لا ويوسف إدريس منذ أن قرأ له يحيى أول سطر فى قصصه عرف أنه أمام كاتب قصة وليس أي قصة، قصة جديدة طوع لها شاعرية الوجدان المصري الذي حمصته شمس الصعيد، جديدة الموسيقى، جديدة اللغة، جديدة الموضوع، بل قصة ليست مصرية فقط ولكنها أنغام صعيدية عالمية تمامًا؛ حسب إدريس.
مثلما احتفى يوسف إدريس بإبداعات بهاء طاهر ونشر له قصة قبل أن ينشر ليحيى الطاهر عبد الله بعام في مجلة الكاتب؛ إلا أن علاقة إدريس بصاحب قصة "محبوب الشمس" كانت متوطدة أكثر من علاقته بطاهر؛ متابعًا كل ما نشره يحيى الطاهر من أعمال إبداعية متميزة؛ منها: "الطوق والأسورة، أنا وهى وزهور العالم، الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة، حكايات للأمير حتى ينام"، والرقصة المباحة التي نشرت في أعماله الكاملة التي صدرت في عام 1983 عن دار المستقبل العربي، وصدرت لها طبعة ثانية عام 1993.
كما ترجمت أعماله إلى الإنجليزية الإيطالية والألمانية والبولندية؛ حتى رثاه في مقالته بالأهرام التي عنونها بـ"النجم الذى هوى"؛ والذي نعاه له الأبنودي في منتصف الليل، فوجد نفسه كالأطفال يبكي عجزًا؛ فكتب ينعيه لشعب مصر: "يا شعبنا المصري الطيب، يؤسفني أن أنعي إليكم واحدًا من أنبغ كتابنا، ربما لم تعرفوه إلى الآن كثيرًا، ربما لم يكن حديث الناس كنجوم السينما، لكني متأكد أنه سيُخلد في تاريخ أدبنا خلود لغتنا وحياتنا.. وعزاء لك يا حركتنا الأدبية الكثيرة العدد القليلة النوع".