موسى يهدد الفرعون.. هل للسياسة دخل في عدم تأريخ الأنبياء على الآثار المصرية؟
أثار زاهي حواس، عالم المصريات، وزير الآثار الأسبق الجدل بسبب تصريحاته حول حقيقة وجود سيدنا موسى في مصر، لعدم وجود أدلة علمية تثبت هذا الحدث، معللًا أن كل ما تم اكتشافه من الآثار المصرية يمثل فقط 30%، ما يعني أن أكثر من 70% من الآثار تحت الأرض، لذا حتى الآن لم تُكتشف فترة سيدنا موسى أو سيدنا إبراهيم في مصر.
وبعد هذا الهجوم الشديد على تصريحاته عاد "حواس" للتوضيح بأنه مسلم مؤمن بما جاء في القرآن، إنما حديثه كان على الجانب العلمي وما تم اكتشافه بالفعل، مشيرًا إلى أنه من الوارد اكتشاف من هو فرعون الذي وُجد في عهد سيدنا موسى، لأنه لا زال كثير من الآثار المصرية القديمة غير مكتشفة.
وبسبب هذا الجدل، تحدثت "الدستور" مع عدد من المتخصيين حول ماهية تلك التصريحات ومدى صحة أن يكون المصريون القدماء تعمدّوا عدم الكتابة عن فترة تواجد الأنبياء في مصر.
كبير الأثريين: علم المصريات لم يظهر إلا في العقود الأخيرة
بدأنا الحديث مع الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الآثار، الذي قال: أرى أن قضية تأريخ الأنبياء على جدران المعابد المصرية القديمة هي قضية شائكة ومعقدة، تحتاج إلى المزيد من البحث والتنقيب الأثري والدراسات التفصيلية، لأن علم المصريات لم يظهر إلا في العقود الأخيرة، وخلال تلك الفترة كان هناك الكثير من الحفر العشوائي وتجارة الآثار التي أخفت الكثير من الأدلة والشواهد الأثرية.
وأكد شاكر، لـ"الدستور"، أنه لا إنكار لوجود الأنبياء في الكتب السماوية، ولكن ترجمة تلك النصوص إلى أدلة أثرية ملموسة ليس باﻷمر اليسير، فالتاريخ شبيه باللغز نحاول فكه من خلال الأدلة المتاحة، وهناك الكثير من الفجوات والأسئلة التي لا زالت بدون إجابات قطعية.
وأوضح أنه فيما يتعلق بقصة سيدنا موسى عليه السلام ومواجهته لفرعون، فهي أيضًا قضية معقدة لا يمكن الجزم بها بشكل قاطع في ضوء ما لدينا من وثائق أثرية، فالحدث قد يكون إقليمي ولم يكن ذا صدى عالمي، وربما تكون هناك صعوبات في ترجمة النصوص الدينية إلى أدلة تاريخية محددة.
ويرى أنه يجب إجراء المزيد من الحفر والبحث الأثري والدراسات المتعمقة، مع الحرص على الموضوعية العلمية والابتعاد عن التسرع في الاستنتاجات، فالتاريخ القديم لمصر لا يزال يحمل الكثير من الألغاز والغموض التي تحتاج إلى المزيد من الجهد والصبر للكشف عنها.
عالم مصريات: القدماء لم يسجلوا سوى انتصاراتهم
وأوضح د.حسين عبد البصير، عالم المصريات، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، أن المصريين القدماء كانوا يسجلون انتصاراتهم على الآثار، وربما يكون السبب في عدم تسجيل فترة وجود سيدنا موسى على الآثار المصرية، لأنه انتصر على فرعون، وهذا الأمر لم يكن مرضيًا للملك الذي عاصر موسى وخلفاءه.
وتابع عبدالبصير حديثه بمثال عن وجود فترات تاريخية في مصر القديمة تم إغفالها أو تجاهلها، مثل فترة حكم الملك إخناتون، مشيرًا إلى أنه ربما تم إغفال ذكر نبي الله موسى في المصادر المصرية لعدم الاعتراف بوجوده أو لتجاهل هذا الحدث تمامًا.