سفير تونس: العلاقات التونسية المصرية تشهد انتعاشة قوية بفضل الروابط المتميزة
قال سفير الجمهورية التونسية لدى القاهرة ومندوبها لدى الجامعة العربية، السفير محمد بن يوسف، إن العلاقات التونسية المصرية في أبهى مراحلها وأحسن فتراتها منذ الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس قيس سعيد إلى القاهرة، ولقاؤه أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي في أبريل 2021، والتي أحدثت نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين.
أضاف بن يوسف؛ بمناسبة عيد استقلال تونس ـ أن العلاقات التونسية المصرية تشهد فترة انتعاشة قصوى بفضل الروابط المتميزة بين قائدي البلدين، وهناك تواصل مستمر بين زعيمي البلدين سواء بصفة مباشرة في المؤتمرات والقمم أو هاتفيًا حول سبل دفع العلاقات الثنائية وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.
تابع أن الزخم الإيجابي للعلاقات المصرية التونسية والنسق المرتفع واللقاءات والاتصالات بين مسئولي البلدين يتواصل، وآخرها زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تونس في أغسطس 2023، وانعقاد لجنة التشاور السياسي بمناسبة هذه الزيارة.
الاستعداد لعقد الدورة 18 للجنة العليا التونسية المصرية المشتركة
وقال: "إنه يجري التحضير والاستعداد لعقد الدورة 18 للجنة العليا التونسية المصرية المشتركة، والتي من المقرر عقدها في النصف الثاني من العام الحالي بالقاهرة برئاسة رئيس الحكومة التونسية ورئيس الوزراء المصري، وذلك في إطار تأكيد إرادة القيادة السياسية في البلدين للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى أرفع المستويات".
وعن التعاون الاقتصادي بين مصر وتونس وحجم التبادل التجاري بين البلدين.. قال السفير محمد بن يوسف، إن العلاقات السياسية المتميزة بين مصر وتونس والنقلة النوعية الحالية في العلاقات، لم تنعكس بالشكل الذي ننشده على التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث يقدر حجم التبادل التجاري التونسي المصري قرابة 350 مليون دولار عام 2023 مقابل 370 مليون دولار عام 2022 وهذا رقم ضعيف جدًا ولا يتماشى مع إمكانيات البلدين، لذلك نسعى لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز التعاون الاقتصادي وإزالة المعوقات من خلال عقد اللجنة التجارية المشتركة بتونس برئاسة وزيري التجارة في البلدين خلال المرحلة المقبلة.
وعن الأوضاع الحالية في تونس، أوضح أن المشهد التونسي الآن يسير باتجاه تصحيح المسار الذي يقوم به الرئيس قيس سعيد، "فقد كنا في شبه فوضى في السابق باسم الديمقراطية وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية، والآن تواصل تونس بكل ثبات مسارها الإصلاحي الذي شرعت فيه منذ 25 يوليو 2021 من أجل تركيز ديمقراطية تكرس الحقوق والحريات للجميع، وتستجيب لمطالب الشعب التونسي في الإصلاح وإخراج البلاد من أزماتها التي تردت فيها خلال العشرية المنقضية".
وقال إن في إطار تعزيز هذا المسار الإصلاحي تم تنظيم انتخابات تشريعية أسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد، علاوة على إجراء انتخابات للمجالس المحلية على دورتين بهدف تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم.. كما يجري حاليًا الاستعداد لتنظيم الانتخابات الرئاسية خلال عام ٢٠٢٤، وهناك عمل دءوب حاليًا لتأمين ظروف ومقومات النجاح لها بعيدًا عن تدخل المال الفاسد حتى تكون الانتخابات تعبيرًا صادقًا عن إرادة الناخب بعيدًا عن المال السياسي الذي أفسد الانتخابات في السنوات السابقة.
وأضاف "أما على المستوى الاقتصادي فهناك تحسن طفيف في المؤشرات الاقتصادية وتوقعات بتحقيق نسبة نمو معقولة (في حدود 3%) في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة على الصعيدين الجيوسياسي والمالي واعتماد سياسة نقدية متزنة قصد التقليص من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي".
وحول ما إذا كانت هناك خطة لاسترجاع الأموال المنهوبة، قال سفير تونس، إن هناك مبادرة قامت بها الدولة في إطار دفع مسار استرجاع الأموال المنهوبة، والتي تقدر بمليارات الدولارات من خلال اعتماد قانون يتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، يُمكن من إبرام اتفاقيات صلح بين الدولة والأشخاص المتورطين في نهب الأموال بشرط تخصيص عائدات الصلح الجزائي لتمويل مشاريع تنموية في المناطق الأكثر فقرًا.
وحول الوضع في غزة، أوضح السفير محمد بن يوسف، أن ما يجري اليوم في قطاع غزة، فضيحة القرن، حيث ترتكب المجازر بحق المدنيين والشعب الفلسطيني الأعزل أمام مرأى ومسمع الجميع، وهناك غطاء من قوى نعرفها جميعًا لإبادة الشعب في خرق واضح لكل القوانين الدولية والإنسانية.
وقال: "اليوم تجاوزنا 100 ألف بين شهداء وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال وهو موضوع شائك جدًا، وللأسف الشديد الدول الداعمة لدولة الاحتلال تغطي على جرائم الحرب وانتهاك القانون الدولي، وللأسف الشديد نحن عاجزون عن إصدار قرار دولي لوقف إطلاق النار، وهذا أمر مخزٍ ومهين للإنسانية".
وجدد تأكيد دعم تونس الثابت واللامشروط لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال من أجل استعادة حقوقه التاريخية المشروعة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، مشيرًا إلى أن هذا الموقف عبر عنه الرئيس قيس سعيد مرارًا وتكرارًا في كل المنابر الدولية.
وطالب بالعمل على إلزام الاحتلال بالوقف النهائي لعدوانه الوحشي الغاشم، وإنهاء احتلاله المتواصل منذ ما يزيد على 75 عامًا وحصاره لقطاع غزة وكل الأراضي الفلسطينية ومحاكمته ومحاسبته على جرائمه البشعة بحق الشعب الفلسطيني.
وأدان كذلك مخططات الاحتلال الرامية إلى تصفية الحق الفلسطيني من خلال الإمعان في ارتكاب جرائم الإبادة والتجويع والمحاولات اليائسة للتهجير القسري للشعب الفلسطيني.
كما أكد ضرورة أن تلزم المجموعة الدولية الاحتلال بتنفيذ القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية حول التدابير المؤقتة الواجب اتخاذها في إطار الدعوى التي رفعتها أمامها جمهورية جنوب إفريقيا الشقيقة، والذي يدعو للامتناع الفوري عن كل جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة في قطاع غزة.
وعن موقف المجتمع الدولي الصامت إزاء المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.. قال السفير التونسي، إن هناك تغطية من قوى عظمى على خرق القانون الدولي والاحتلال العسكري، فما يجري الآن في قطاع غزة هو نتيجة طبيعية للاحتلال ولو لم تحدث أحداث "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي كان سيكون هناك انفجار في يوم ما، وبالتالي المسئولية هنا تعود إلى الاحتلال وليس لفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث نعلم جميعًا أن غزة كانت محاصرة برًا وبحرًا وجوًا.
وأضاف أن تونس قامت يوم 23 فبراير 2024 بمرافعة شفاهية أمام محكمة العدل الدولية في إطار الرأي الاستشاري، الذي طلبته منها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الآثار القانونية الناشئة عن انتهاكات الاحتلال المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وبشأن الأفق السياسي في ظل الوضع الكارثي الحالي.. أوضح أن موضوع الأفق السياسي أصبح بدون معنى ولا مضمون له بعد قتل هذا العدد من الشهداء، والمشكلة أن دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر التاريخ أكدت أنها لا تريد السلام، وفشل اتفاقيات أوسلو في تحقيق الاستقلال الفلسطيني بسبب التعنت الإسرائيلي تؤكد ذلك اليوم، وحتى مبدأ حل الدولتين المطروح حاليًا لا معنى له في ظل رفض إسرائيل لأي مبادرة للسلام ورفضها المطلق لإقامة دولة فلسطينية.
وحول جهود الدول العربية لوقف نزيف الدم الفلسطيني.. قال السفير التونسي إن من المهم جدا الدفع عربيًا باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين، لكن بالرغم من كل الجهود المبذولة إلا أننا ما زلنا غير قادرين على الضغط بالآليات والإجراءات اللازمة والفاعلة لوقف هذا العدوان والدمار.
وردا على سؤال حول الجهود التي تقوم بها مصر لوقف الحرب وإنفاذ المساعدات إلى غزة، توجه السفير محمد بن يوسف بالشكر إلى مصر قيادة وحكومة على كل التسهيلات التي قدمت لتونس خلال إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإجلاء التونسيين العالقين بالقطاع، مؤكدًا أنه بدون المساعدة المصرية لم يكن من الممكن إيصال تلك المساعدات التي يحتاجها الشعب الفلسطيني في هذا الظرف الدقيق، ومشيرًا إلى أن هذا ليس غريبًا على مصر التي سخرت كل الإمكانيات لتسهيل دخول المساعدات من مختلف الدول.
وشدد على دعم بلاده كل الجهود التي تقوم بها مصر، من أجل حل القضية الفلسطينية، كما أكد دعم بلاده موقف الرئيس السيسي الواضح والحازم بأن تهجير الفلسطينيين خط أحمر باعتبار أن ذلك مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية.
وعن استضافة الجامعة العربية الأسبوع الماضي الأطراف الليبية الرئيسية في مبادرة لحلحلة الأزمة الليبية، قال السفير محمد بن يوسف، إننا تابعنا هذه الجلسة وهذا شيء مهم، نحن في تونس مع كل الأفكار التي توحد الشعب الليبي، ونأمل أن تتوافق مختلف الأطراف الليبية باتجاه السير نحو تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية وإقامة المؤسسات الدائمة في ليبيا؛ لأن الوضع الأمني لا يمكن أن يستقر بدون إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة تبسط سلطاتها على كل الأراضي الليبية ويقبل بها الجميع، فالاستحقاق الانتخابي يخدم جميع الأطراف وخاصة الشعب الليبي.