على عكس زاهدي قلعة آلموت الثلاثة بـ"الحشاشين".. ما هي صفات الزاهد الحقيقي؟
يقدم مسلسل الحشاشين، التابع للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أسرارا كل يوم من خلال حلقاته، وتعطي المشاهد وجبة دسمة مليئة بالمعلومات تجعل ذهنه يعمل ويفكر، مثل أنه سلط الضوء خلال أحداثه على كلمة "زهاد" أو "زاهدين"، وهي الخدعة التي قام بها الفنان كريم عبدالعزيز الذي يقوم بشخصية "حسن الصباح" الخطيرة والمخادعة، فاستطاع أن يخدع أهل الضيعة المحيطة بقلعة "آلموت"، ويقنعهم أنه من الزهاد ومعه كرامة وبركة، فانطلت عليهم الخدعة وصدقوه، لكن هل هو لم يكن زاهدا حقيقيا، فمن هو الزاهد الحقيقي؟.
حقيقة الزهد وصفات الزاهدين
الزهد في الدنيا لا يكون بتحريم الطيبات وكف النفس عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس ولم يحرم على نفسه شيئا أباحه الله له، وبحسب كتاب مدارج السالكين لـ ابن القيم، فذكر في الكتاب ما قاله الإمام ابن حنبل، حول الزهد، الذي يراه على ثلاثة أوجه، وهما: ترك الحرام، وهو زهد العوام، وترك الفضول من الحلال، وهو زهد الخواص، وترك ما يشغل عن الله، وهو زهد العارفين.
طريقة زهد الأنبياء والصحابة
وللعارفين منظور آخر للزهد، فهم يرونه سفر القلب من الدنيا وأخذها إلى الآخرة، وأوضح ذلك عبد الله ابن المبارك في كتابب الزهد وقال: لا يستحق العبد اسم الزهد حتى يزهد في المال والصور والرياسة والناس والنفس وكل ما دون الله، وليس المراد رفضها من الملك، فقد كان سليمان وداود ـ عليهما السلام ـ من أزهد أهل زمانهما ولهما من المال والملك والنساء ما لهما، وكان نبينا من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نساء وكان علي بن أبي طالب وعبدالرحمن بن عوف والزبير وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال، وكان الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ من الزهاد مع أنه كان من أكثر الناس محبة للنساء ونكاحا لهن وأغناهم.
الزهد والقناعة
ويتضح من هذا أن الزاهد هو الذي يقنع بما آتاه الله ولا يأسى على ما فاته من الدنيا ولا يعلق قلبه بغير ربه تعالى ويكون بما في يد الله أوثق مما في يده، ويعرض عن كل ما يشغله عن ربه وعبادته، فالزاهد الحق هو من سلك مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمثل هذا هو الزاهد حقا، قال ابن رجب ـ رحمه الله: وقال الفضيلُ بن عياض: أصلُ الزُّهد الرِّضا عَنِ الله عز وجل، وقال: القنوع هو الزهد، وهو الغنى.
فمن حقق اليقين، وثق بالله في أموره كلها، ورضي بتدبيره له، وانقطع عن التعلُّق بالمخلوقين رجاءً وخوفًا ومنعه ذلك مِنْ طلب الدُّنيا بالأسباب المكروهة، ومن كان كذلك، كان زاهدًا في الدُّنيا حقيقة، وكان من أغنى الناس، وإنْ لم يكن له شيء من الدنيا.