بدأ بتقليد الريحانى ولم يرض عن "على الزيبق".. أسرار من حياة يسرى الجندى
تحل غدًا 5 مارس ذكرى الرحيل الثانية للكاتب المسرحي الكبير يسري الجندي، والذي رحل عن عالمنا في 9 مارس من عام 2022 بعد صراع مع المرض.
بدأت مسيرة الكاتب المسرحي والدرامي الكبير يسري الجندي بمحبته لمحافظة دمياط التي ولد ونشأ فيها، وكان يرى أنها من أهم أسباب اتجاهه للكتابة، هى المدينة التاريخية التى وهبته المعرفة، وهو ما عبر عنه فى أكثر من حوار سابق مع «الدستور» بقوله: «لها فضل كبير علىّ، فبذور فكرى نبتت هناك، فى ظل تميزها بثقافات غنية وكبيرة استثارت شخصًا مثلى، عن طريق احتكاكها مع حضارات مختلفة، مثل الشوام والإيطاليين واليونانيين».
فريق التمثيل
كان موهوبًا فاتجه يسري الجندي لفريق التمثيل وهو لا يزال طالبًا، وكانوا يستعدون لتمثيل الرواية الشهيرة: «ماكبث»، وبهدوء وبقدرة ورهان على موهبته قال لهم: «أريد أن أقدم شخصية (ماكبث)»، فنظر أحدهم إليه وتفحص فيه ثم قال له: «اجلس هنا وسنجد لك دورًا مناسبًا».
كان «الجندى» نحيف الجسد، وهذا ما أغاظه كثيرًا، فراح يبحث عمن يشبهونه، وبالفعل جمع مجموعة من النحفاء، وأَلّفَ أول عمل فى حياته، وقسم أدواره وأخرجه بنفسه، بل كان أحد أبطاله، لينجح فى فرض رؤيته واعتمادها، مع تأثره الكبير وقتها بقدرات نجيب الريحانى، الذى كان يقلده بشكل مميز جدًا.
جماعة المسرح التجريبي
لم ينته حلم يسرى الجندى عند هذا الحد، وكان يؤمن بقدرته على الوصول لما هو أبعد، ومن هنا وبعد أدائه الخدمة العسكرية انفتحت آفاقه، وكوّن فرقة مسرحية فى دمياط أطلق عليها اسم «جماعة المسرح التجريبى»، قبل وقت طويل من انتشار مصطلح «المسرح التجريبى»، واستند فيها إلى الاطلاع على ثقافة المسرح، وأن يملأ أفقه بكل ما يمكن معرفته عن هذا العالم الفريد.
بالفعل كتب مسرحية ومَثّلها مع زملاء له فى مدينة «رأس البر» للمصطافين هناك، لكنها لقيت فشلًا ذريعًا، لكن هذا الفشل كان سببًا لاستكمال المسيرة، ودافعًا قويًا لأن يجود من كتابته ورؤيته، صحيح أن التجربة كانت قاسية إلى حد أنه استلقى فى البيت مريضًا، لكنه من جهة أخرى تعلم منها الكثير، واستقر على نوعية الكتابة التى يمكن أن يتجه إليها، فكان قراره بالاتجاه إلى التراث الشعبى.
وزارة الثقافة
وبعد قدومه إلى القاهرة وعمله فى وزارة الثقافة، أصبح الجو مهيأ له ليكتب العديد من الأعمال التاريخية، ويستلهم التراث الشعبى ويدمجه فى الواقع، مع الحرص على عدم استنفاد الأعمال دفعة واحدة، فمثلًا لم يقدم «السيرة الهلالية» كعمل كامل إلا بعد أن استنفد شخصياتها فى أعمال كثيرة، فقدم فى البداية قصة «عزيزة ويونس»، ثم قصة «الجازية»، وفى الأخير قدم السيرة فى ثلاثية كاملة.
وكان يرى «السيرة الهلالية» تحكى العديد من الحكايات التى يتم إسقاطها على الواقع فيعرّيه، فهى كقصة تطرح قضية الكيان العربى، وتتشابه مع معطيات العصر الحديث، وهو ما سار عليه فى كل أعماله تقريبًا، التى كانت تراثًا شعبيًا برؤية عصرية، ومن هنا لم تفقد قيمتها وأثرها المرجو.
السيرة الهلالية
واعتبر أن «السيرة الهلالية»- التى عُرضت على المسرح فى عام 1977- محرضة على الحكام وفسادهم، لكنه عند تقديمها للتليفزيون، ناقش فيها المتغيرات التى حدثت للشارع العربى، والشرخ الكبير بعد أحداث 1991 وحرب الخليج، وكانت شخصية «أبوزيد الهلالى» فى المسلسل مختلفة كثيرًا عن مثيلتها فى المسرح، لأنه جاء فى الدراما مُحبطًا تحيط به تحديات كبيرة تهدد أحلامه.
علي الزيبق
كذلك فعل فى «على الزيبق»، التى كان يراها مُحرضًا على المقاومة، مقاومة الواقع الاجتماعي تحديدًا، غير أنه لم يكن راضيًا عن المسلسل بسبب فقر الإنتاج.
اقرأ أيضًا..