د. حسين دعسة: لدينا أكذوبة اسمها «المثقفون جزء من القوى الناعمة» فى حين أنهم مشاركون فى الفوضى نتيجة عدم تطورهم الفكرى1
- الكاتب الأردنى قال إن التحول التنموى الجارى فى مصر فارق ويحتاج لصبر مجتمعى
- المثقف يبحث عن نشر قصيدته أو قصته والمقابل الذى سيحصل عليه لكنه لا يفكر فى كيفية بناء الشخصية
- معظم شكاوى المثقفين من الواقع ادعاءات غير دقيقة والمثقف مطالب بالتكيف مع دخله وراتبه
- معرض الكتاب فى مكانه الجديد يؤكد أن المؤسسة الثقافية فى مصر تعمل بشكل جيد وتسوق منتجها بشكل فعَّال
- مصر لا تحتاج «وزير سعادة» لأنها أسعدت شعبها بالأفلام والمسرحيات الكوميدية
- علينا مواكبة تأثير «الذكاء الاصطناعى» و«السوشيال ميديا» التى أصبحت مؤثرة فى عالم الثقافة
- مصر كانت مصدرًا للنصوص التربوية وقصائد أحمد شوقى الموجودة فى كل المناهج الدراسية العربية خير دليل
قال الكاتب والأديب الأردنى، الدكتور حسين دعسة، إن المثقفين العرب خذلوا أوطانهم، ولم يؤدوا الأدوار المنوطة بهم، بسبب عدم فهمهم العميق دور الثقافة فى المجتمع، وما التضحيات التى يجب أن يقدمها المثقف خلال مشواره.
وخلال حواره مع الدكتور محمد الباز، عبر برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، أضاف «دعسة» أنه ليس مطلوبًا من الشاعر أو الروائى أن يحصر دوره فى إطار ما يقدمه من قصائد أو قصص، لكنه مطالب بتقوية الجانب الثقافى فى المجتمع وبناء الشخصية الجيدة.
وذكر أن معرض الكتاب فى مكانه الجديد بأرض المعارض فى التجمع الخامس، خير مثال على أن المؤسسة الثقافية فى مصر تعمل بشكل جيد، وتسعى لتسويق المنتج الثقافى المصرى بشكل فعال.
حسين دعسة، كاتب وناقد وروائى، عمل بصحيفة «الرأى» الأردنية، كما عمل مستشارًا إعلاميًا لوزيرة الثقافة الأردنية، وصدر له العديد من الأعمال، منها «دليل المؤسسات الثقافية فى الأردن»، و«فخر النساء زيد»، و«متصوفة الفن والجمال»، و«الحياة فى السينما».
■ بداية.. هل المثقفون العرب خذلوا أوطانهم أم كانوا على قدر المسئولية تجاهها؟
- بصراحة تامة، القوى المثقفة والمؤسسية خذلت بلادها، والدليل على ذلك ما نحن فيه من إحباطات متكررة، ومن تراجع متكرر، ومن عدم جدوى القوى الثقافية، ولدينا أكذوبة معاصرة، أن المثقفين جزء من القوى الناعمة، لكن فى الحقيقة هم أصبحوا جزءًا من الفوضى الناعمة واللا مسئولية، نتيجة تراجع متابعاتهم الفكرية وقواهم السياسية، التى من المفترض أن تصنع الجانب المفكر فى الوطن العربى، وهذا جزء من مأساتهم كمثقفين وكقوى ثقافية، وأيضًا كمؤسسات.
ودخلت القوى الشعبية فى العديد من المدن، سواء فى المغرب العربى والخليج، أو فى دولة مثل العراق، فى صراع الأقليات، وبالتالى أصبح هناك تفتيت للعمل الثقافى، وتفتيت عام أدى لخذلان الدولة، وهذا بسبب خلل فى مفهوم الثقافة لدينا.
والفعل الثقافى بعيد كليًا عن فكرة استثمار العمل الثقافى، والعالم كله يفكر كيف يمكن أن تصبح الثقافة جزءًا من نسيج البلد وجزءًا من حضارة البلد، وأيضًا جزءًا من اقتصادها، حتى تدعم على الأقل ذاتها، وهذا لم ينجح فى كثير من دول العالم، خاصة عندما نتحدث عن الثقافات المتعلقة بالنسيج أو الموسيقى، أو صُنع الكتابة والنشر والتصميم، حتى فى صناعة الأفلام التى كانت صناعات إبداعية ثقافية.
يجب أن تنجح هذه القوى الثقافية بنفسها، ولا تعتمد على مؤسسة إنتاج، ويجرى الآن مثلًا تسجيل الأغانى الشعبية والوطنية فى كثير من الدول، فى سياق العمل الثقافى، وهى الأغانى التى تعكس جزءًا من ثقافة المجتمع، وبالتالى هذا الجسر الذى تبنيه داخليًا يحميك خارج البلد، ويعطى فرصة أن تكون ثقافتك مؤثرة فى المحيط والإقليم، وكذلك فى العالم، فالعالم يحب أن يعرف مثلًا كيف يُصنع ورق البردى فى مصر.
وإذا استطعنا أن نصنع كوادر تذهب إلى العالم لتعلمه، سنحقق هذه القيمة فى بلدنا، وأنا رأيت فى متحف بالولايات المتحدة فنانًا مصريًا بسيطًا يعلم الأطفال على ورق البردى، ويعلمهم كيف يتم تصنيع هذا الورق من مراحله الأولى، وعندما دخلت المتحف كانت درجة الحرارة ٤ تحت الصفر، وكان الأطفال متجمعين ويتعاملون بشغف مع هذه القصة.
فلا بد من استثمار هذا العمل الثقافى وتفعيل تأثيره عاليمًا، لأنه يحمل اسم مصر، كل هذا العمل الذى يتم باسم مصر وثقافتها الإبداعية، هو لصالح مصر ولصالح اقتصادها ولصالح ثقافتها، ولصالح مفهوم مصر بشكل عام، وكيف كانت عبر آلاف السنين تستثمر البيئة وتعيد تدوير أشكال معينة من المخلفات البيئية الزراعية وغير ذلك، وهذه مسألة مهمة فى العالم، النظر فى مدى قدرة الثقافة على صنع أجيال تستطيع أن تحمل اسم مصر.
وهنا نتحدث عن أفق آخر للثقافة غير ما يقوله البعض، وأن الثقافة ليست أن تكتب أو تتحدث، لا، هناك دور حقيقى على الأرض، وهذا دور المؤسسات الثقافية، وهذه المؤسسات لا تنظر إلى تمويل المشاريع، وإنما تعمل على تمويل مؤتمر أو ندوة، وهذا كله عمل قصير المدى فى التأثير، وغير مربح، ولكن أستطيع أن أحول المؤسسات لكيان مربح بدعم هذه الصناعات الثقافية، وفهم آلية العمل الثقافى وبيئته، وعلى مستوى مصر، التى أعرفها منذ أكثر من ٤ عقود، الثقافة فى بورسعيد تختلف عنها فى أسوان، وعنها فى البحر الأحمر، وأيضًا فى القاهرة.
ولا ننسى أنه فى دولة مثل مصر، الثقافة لها شأن أكبر عن أى دولة، نتيجة عدد السكان، وبالتالى نحتاج إلى فرز عدد من المثقفين يستطيعون أن يكونوا أكاديميين، وأن يصنعوا مدرسة متحررة ومتجددة حول العالم، ترفع عنا صفة الخذلان كمثقفين.
وليس مطلوبًا من الشاعر أو الروائى أن يكون فقط محصورًا فى إطار أن يقدم قصيدته أو قصته، وإنما مطلوب منه بُعد آخر يقدمه للقوى الثقافية، وهو بناء الشخصية، ومصر تاريخيًا كانت مصدرًا للنصوص التربوية للعديد من دول المنطقة من الأردن وفلسطين حتى الخليج، وخير مثال قصائد أحمد شوقى الموجودة فى المناهج الدراسية.
وكتاب «الأيام» للدكتور طه حسين كان مقررًا فى إحدى المراحل الدراسية فى الأردن، وكذلك فى العديد من دول الخليج، لأن الثقافة المصرية حاضرة فى الشعر والرواية والنقد والكتابة بشكل عام، كانت المصادر مصرية بالكامل، ولدينا مثلًا شوقى ضيف، ورجاء النقاش، وهذا تراجع بشكل محدود، نتيجة حضور ثقافة هذه البلدان فيما بعد، وهذا ليس تراجعًا للدور المصرى، وإنما تفعيل لدور هذه الدول.
وأريد أن أؤكد أن التقدم الذى يحدث فى دول مجاورة، يفترض علىّ، أن تكون ثقافتى المصرية أكثر تأثيرًا، وهذه الثقافة تركت أثرًا فى الداخل مثلما تركت أثرًا فى الخارج، بمعنى أن تنمية العمل الثقافى ليست تنمية شكلية، وإنما تشاركية، حتى أصنع شخصية مجتمع وأغير فى تأثير هذا المجتمع، وقدرته على أن يكون فاعلًا وصاحب قرار فى الحياة وفى خياراته الجامعية، وخياراته فى العمل، يجب على المثقف أن يواكب البناء الذى يحدث فى الجوار حوله.
وما يحدث للأسف الشديد فى مصر، يحدث فى الأردن وسوريا وفى الخليج، فتجد الشاعر يبحث عن وسيلة لنشر القصيدة، على سبيل المثال، كاتب القصة يبحث عن نشر قصته دون البحث عن التأثير فى شخصية البلد التى تنتج الشعر أو القصيدة، هو يبحث عن منفذ وعائد فقط، وهذا هو الخذلان فى حد ذاته، لأن مفهوم المجلة أو الصحيفة هو النشر استنادًا لقيمة العمل الثقافى، وليس لاسم المثقف بالدرجة الأولى، ونشر العمل الثقافى هدفه بناء شخصية داخل البلد، فيها نوع من الحس التربوى والثقافى والسياسى الحقيقى، وفى النهاية هناك منهجية تعتمد عليها هذه المجلة، ولكن أحيانًا تجد تأثير القصيدة التى يكتبها شاعر معين من مصر أو الأردن، متجاوزًا إلى الخارج، وهنا المفارقة.
السياسات الثقافية العامة، سواء فى مصر أو غيرها، تستهدف صنع شخصية ورؤية للمجتمع، لماذا يشعر المثقف بأنه غير قادر على صنع تأثير؟ وهذا شعور عام لدى المثقف العربى بأنه ليس له تأثير، ولكن علينا أن نتساءل: لماذا تراجع الأداء الثقافى الذى كان سياديًا فى درجة معينة، وتربويًا أيضًا؟، وأعتقد أن ربط السياسات الثقافية فى أى بيئة يجب أن يراعى طبيعة ومكونات هذه البيئة ليسهم فى بناء الشخصية.
ونحتاج لبناء شخصية المواطن المصرى ومواكبة العالم، عبر عمل ثقافى متجدد ومتغير، ومواكبة تأثير مهم جدًا بدأ يدخل على الثقافة وهو الذكاء الاصطناعى، وكذلك تأثير «السوشيال ميديا» وتأثيرات الثقافة الرقمية، وللأسف نجد عددًا كبيرًا من المثقفين فى دول المنطقة لا يدرك حجم ودور هذه العمليات الرقمية، وهذا التفوق الخيالى لها وتأثيرها المدمر أيضًا.
ونحن نعيش تراجع السياسات الداخلية التى تبنى شخصية المثقف للأسف الشديد، وخلال ربع قرن حدث تراجع ذاتى عند المثقف فى بناء شخصيته.
والمثقف يشعر بأنه لا يستطيع أن يتفوق على وسيط ثقافى معين، يشعر بأنه لا يستطيع أن يستمر، ويدعى أن الوضع الاقتصادى لا يساعده، وهذا ادعاء غير دقيق، وأتساءل: هل المؤسسات الإبداعية تظل كما هى فى ظل هذا التراجع فى الاقتصاد فى العالم الملىء بالأزمات، وهذه الحروب؟
وهذه المؤسسات لديها أوليات أخرى، وأنت كمثقف عليك أن تصنع قوتك الذاتية، لأنك ابن بيئة تستطيع أن تؤثر عليها، وإذا نجحت فى التأثير كإنسان مثقف وحيوى وإنسان متفاعل فى مدرستك وجامعتك، هذا النجاح إذا وصل إلى مستوى معين قد يؤثر على بنية الشخصية المصرية، وعندما أحكى عن مصر أتحدث عن عدد هائل جدًا من الأطفال، وعدد هائل من الشباب، وهذا الجيل فى مصر يتجاوز الـ٣٠ مليونًا.
والروائى دوره أكثر صعوبة، فهو لا بد أن يقدم جزءًا من التضحية إلى أن يصل إلى القارئ، وأن يحقق ذاته، ويصبح لديه حل لمشاكله التى يدعيها، والمشاكل التى يدعيها المثقفون العرب هى ادعاءات أكثر منها حقائق، وهذا لسبب وحيد جدًا وملموس، فالمثقف العربى إما أن يكون أستاذًا بالجامعة أو أستاذًا بمدرسة، ولديه مصادر دخل أخرى، فالمثقف هو إنسان عادى جدًا يعمل مثل أى موظف زميل له، فلا بد أن يتكيف الشاعر فى كل وزارة يعمل فيها، وأن يتكيف مع دخله وراتبه، وبالتالى نجاحك فى قطاعك الثقافى، يحتاج نوعًا من التضحية يجعلك تقدم إضافة لك أو لمجتمعك، وهذه القوة الإضافية هى من ستلقى الضوء عليك، بالتالى، ديوانك الشعرى وروايتك يتم توزيعهما بشكل جيد، وترى احترام المجتمع لك، وهذا يرقيك لمستويات قيادية.
ولا نريد أن ندخل فى صراع جانبى ومقارنة أنفسنا مع المثقف فى دول أخرى من العالم، فى أوروبا والهند والصين وإيران، رأيت عملية تدريب للمثقف ليكون فاعلًا فى قضايا رئيسية للدولة، ويشارك فى البنية الحضارية لها، ويكون قادرًا على صنع ثقافة ناعمة، والمساهمة فى الإنتاجين الدرامى والإبداعى، وهذا يعطيه قيمة إضافية، وكثير من الكتاب والمثقفين فى المنطقة يختزلون أنفسهم فى سيناريو معين دون تجريب، ودون أن يكون المثقف فاعلًا، أو يجرب كتابة سيناريو مسلسل عن المسجد الأقصى أو النيل، أو عن أطفال منطقة عشوائية معينة.
■ من خلال رؤيتك ما الذى تراه تغير فى الثقافة المصرية على مدار ٤ عقود؟
- زرت مصر للمرة الأولى عام ١٩٨٥، وكانت زيارة مهمة، وكانت بداية الانفتاح الثقافى على مصر، عقب أزمة زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، إسرائيل، والحصار والمقاطعة العربية التى حدثت بعد هذه الزيارة، وتأثيرها بالطبع على العمل الثقافى، لأننا انقطعنا لسنوات طويلة عن مصر، سواء فى الأردن أو الخليج، أو العديد من الدول الإسلامية الأخرى.
وأعتقد، وأنا أقولها جازمًا، أن بناء الشخصية الإنسانية فى أى بلد، لا يمكن أن يفصل عن بناء الشخصية الثقافية، وبناء المؤسسة الثقافية والمتغيرات والأدوات الخاصة بالثقافة، ومصر فى تلك الفترة كانت رائدة فى تقديم العديد من المشاريع التى كان لها بُعد ثقافى مهم جدًا، ومنها معرض الكتاب، والآن نرصد تحولات، مثل: كيف كان شكل المعرض فى أماكن متعددة، حيث انتقل من بدايته فى الأوبرا إلى مدينة نصر، والآن فى مكانه الجديد بالتجمع الخامس.
■ تحدثنا عن انتقال معرض الكتاب لأكثر من مكان.. ما انطباعك عن موقعه الجديد الآن فى أرض المعارض بالتجمع؟
- هذا هو التحول الطبيعى، وأراه أنه استثمار ممتاز، وأيضًا «كارت» يعرف الثقافة المصرية بالدرجة الأولى، ويدعم جسرها الموصول بالعالم العربى، من خلال الكتاب وقطاع النشر، وكل الأدوات المنتشرة فى هذا القطاع من برامج ثقافية تقدم على هامش المعرض، وغيره.
وأذكر فى الثمانينيات عندما كان المعرض فى الأوبرا، كانت الأدوات اللوجستية بسيطة، وكان البعض من الكتب يوضع على الأرض، وبالتالى كانت عملية تحدٍ حقيقية، لكن الحدث وهو يقام فى أرض المعارض فى التجمع الآن، يعطينى على المستوى الشخصى أثرًا مهمًا جدًا بأن المؤسسة الثقافية فى مصر تعمل بشكل جيد، وتحاول أن تتقدم، وتقدم كل ما هو جديد ومريح، كما أنها تحرض المُثقف الذى بالفعل يحتاج إلى التحريض، خاصة فى حالات التعب والتوتر والمرض.
■ من خلال وجهة نظرك.. ما التغيرات التى طرأت على الشارع المصرى خلال السنوات الماضية؟
- أهم شىء بناء المؤسسات، عادة فى كثير من الدول، كان بناء المؤسسة أسهل من مصر، على سبيل المثال فى الأردن وفلسطين، وفى الخليج العربى، وهذا نتيجة أن عدد السكان فى هذه البلاد لا يحتاج إلى مثل هذه الأبنية والمؤسسات والمسارح الكثيرة والمهرجانات الموجودة فى مصر، وفى مصر هناك تحدٍ كبير، ويجب أن ننظر إلى الضرورات والتبعات السياسية والتيارات المختلفة والأحزاب.
■ هل ترى أن هناك تغيرًا فى طباع المصريين؟
- أعتقد لا.. فالتغير الذى يحدث هو تغير منسجم تمامًا مع تحولات الدولة، فالتحولات التى تحدث فى أى مجتمع، هى نفس التحولات المرتبطة باستراتيجيات البلد، فى مصر لا نستطيع أن نقول إننا بحاجة إلى وزير للسعادة، على عكس دول أخرى يوجد بها، وهذا يرجع إلى نوع الرفاهية التى تقدم للمواطن، ولكن مصر منحت مواطنيها السعادة من خلال الأفلام والبرامج والمسارح المصرية، وأيضًا الشخصية المصرية قادرة طوال الوقت على السخرية من الواقع، وعلى تحويل أى أزمة إلى ضحك، ولا يمكن أن أنسى عددًا من المسرحيات التاريخية فى مصر، التى كانت تعرض على تليفزيونيات المنطقة العربية بشكل أسبوعى، وبعض الأحيان كانت بشكل يومى.
■ ذكرت أن «مصر بها سعادة حتى لو كانت مخفية».. اشرح لنا هذه العبارة؟
- أرى أنه فى مصر هناك بالفعل سعادة مخفية موجودة فى الكتُب والقصص المسرحية، فالسعادة نابعة من نسيج الموقف، على سبيل المثال نجد أن كاتب السيناريو، وهو مثقف ويعالج مشاكل المجتمع وبنية الدولة، يقدم حلولًا ويقول إن الدولة تحتاج إلى استراتيجيات معينة فى بناء مسائل معينة كمسائل التربية، وهذا حدث فى مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التى تركت تأثيرًا فى كل الدول العربية.
■ على ذكر «مدرسة المشاغبين» ما تقييمك للآراء التى تتحدث عن تأثيرها سلبيًا على المجتمع؟
- أنا ضد هذا الرأى، لأنه بعد نكسة ١٩٦٧ وهزيمتنا من المنطلقين العسكرى والسياسى، وأيضًا الاقتصادى، اختلف جيل الشباب بالفعل، وبالمعنى الأشمل تخلخل بعض القيم بطريقة غير محسوسة، ويمكن أن يرجع ذلك إلى عدم قدرة الأسرة المصرية فى ذلك الوقت على احتواء هذه الخلخلة.
■ ثورات الربيع العربى كانت هزة عنيفة وزلزالًا أثر على المجتمعات.. هل أثرت على دور المُثقفين العرب ورؤيتهم الواقع الحالى؟
- بالتأكيد.. يجب أن نعى أن ما حدث فيما يسمى بثورات الربيع العربى، أشبه بلعبة «الدومينو»، إذ كانت هناك ترتيبات معينة يتم إعدادها لبعض الدول، وأخطر نتائج الربيع العربى هو التفتيت والتفكيك، على سبيل المثال الآن نفكر فى تونس وما يحدث بها من أزمات متلاحقة، وإلى متى سيظل هذا الاختلال فى ليبيا وسوريا والعراق.
فالشارع المصرى أكثر وعيًا باستراتيجيات بعض الحكومات، لأنه لديه عقلانية، وهناك جيل يجب أن يعيش المرحلة، وأن ينظر للقادم، وما يحدث فى حركة البناء والتحديث الآن يتطلب صبرًا، لأن هذا الشكل من التحول تكلفته كبيرة فى بلد به ١٠٤ ملايين إنسان، وكان يمكن أن تظل منظومة المواصلات على سبيل المثال كما كانت من قبل.
■ من خلال زيارتك مصر خلال السنوات الأخيرة.. كيف تقيم منظومة التنمية الشاملة التى نُفذت؟
- يجب أن ندرك أن هذا التغيير مطلوب بالدرجة الأولى، لأنه هو الطريق لبناء اقتصادى أكثر قوة ومرونة، وأيضًا يساعد فى الاستثمار، فـلكى يأتى مُستثمر إلى مصر يجب أن يرى أولًا أن هناك خطوط مواصلات تساعده فى حركته وبناء مصانعه وإنتاجه.