"الانتماء إلى الله".. مُشاركة حول الخلوات الروحية للبابا فرنسيس في كتاب لـ أوستن أيفري
شارك قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان في مقدمة كتاب للصحفي أوستن أيفري صدر باللغة الإنجليزية بعنوان First Belong to God (الانتماء إلى الله أولا). ويجمع الكتاب تأملات للبابا فرنسيس خلال الخلوات عبر عقود من الزمن وأيضا تعليم قداسته كحبر أعظم.
وتحدث الأب الأقدس في البداية عن أن القديس إغناطيوس دي لويولا قد رأي بوضوح كبير، بفضل خبرته الحياتية، أن كل مسيحي هو في كفاح من أجل تحديد حياته، كفاح لهزيمة تجربة الانغلاق على الذات حتى تسكن فينا محبة الآب. وتابع البابا أننا حين نوجد الفسحة للرب الذي يخلصنا من شعورنا بالاكتفاء الذاتي فإننا ننفتح على كل الخلائق ونصبح قنوات لحياة الآب ومحبته، وحينها فقط ندرك ما هي حياتنا بالفعل: عطية من الآب الذي يحبنا بعمق ويريد أن ننتمي إليه وإلى بعضنا البعض.
وقال خلال مقدمته:"لقد تم الانتصار في هذا الكفاح من أجلنا، قال البابا فرنسيس، وذلك من قِبل يسوع بموته على الصليب وقيامته. وكشف هكذا الآب بشكل نهائي أن محبته أقوى من كل قوى هذا العالم. ولكن يظل هناك الكفاح من أجل معانقة هذا الانتصار وجعله واقعا، أضاف الأب الأقدس، فنحن نميل إلى الانغلاق أمام هذه النعمة، إلى العيش بطريقة دنيوية موهِمين أنفسنا بسيادتنا واكتفائنا الذاتي. وتابع قداسة البابا أن كل الأزمات المهدِّدة للحياة في العالم، من الأزمة البيئية إلى الحروب والظلم إزاء الفقير والضعيف، تكمن جذورها في هذا الرفض لانتمائنا إلى الله وإلى بعضنا البعض."
ثم تحدث البابا فرنسيس عن مساعدة الكنيسةبطرق عديدة في مكافحة هذه التجربة، وقال إن تقاليد الكنيسة وتعليمها، ممارسة الصلاة والاعتراف والاحتفال بالافخارستيا، هي قنوات نعمة تجعلنا منفتحين لتَلَقي العطايا التي يريد الرب أن يغمرنا بها. وواصل الأب الأقدس أن من بين التقاليد والتعليم هناك الخلوات الروحية للقديس إغناطيوس دي لويولا ومن بينها هناك الرياضات الروحية. وقال البابا فرنسيس أن إعادة شحن بطارياتنا قد أصبح أمرا منتشرا أمام ضغوط مجتمع مهووس بالمنافسة، إلا أن الخلوة المسيحية هي أمر مختلف عن عطلة في مراكز صحية، فلسنا نحن في الخلوة مركز الاهتمام بل الله، الراعي الذي وبدلا من أن يعاملنا كآلات يجيب على أعمق احتياجاتنا كأبناء محبوبين.
وواصل البابا فرنسيس حديثه عن الخلوات فقال إنها الزمن الذي يتحدث فيه الخالق مباشرة إلى خلائقه، فيوقد نفوسنا بمحبته ومجده فنكون قادرين على خدمة الرب بشكل أفضل في المستقبل حسبما كتب القديس إغناطيوس دي لويولا. وتابع الأب الأقدس متحدثا عن المحبة والخدمة باعتبارهما موضوعَي الرياضات الروحية الكبيرين.
وأضاف أنه حين يفكر في ثمار الرياضات الروحية فأنه يرى يسوع يقول للمُقعد في بيت ذاتا "قم فاحمل فراشك وامشِ". وأضاف البابا أن ما وجهه يسوع هو أمر يجب طاعته إلا أنه في الوقت عينه أكثر الدعوات لطفا ومحبة. وتوقف البابا فرنسيس في هذا السياق عند هذا المُقعد الذي كان يشعر بنفسه فاشلا في عالم يطبعه التنافس، كان سجين منطق الاكتفاء الذاتي والشعور باليأس لكون الآخرين أقوى وأسرع منه. إلا أن يسوع أتى ليلقاه برحمته ويدعوه إلى ذاته، وهكذا فما أن انفتح المُقعد على قوة يسوع الشافية حتى شُفي من شلله الخارجي والداخلي، تَمَكن من أن ينهض ويسير مسبحا الله وعاملا من أجل ملكوته، وقد تحرر من أسطورة الاكتفاء الذاتي وتَعلَّم كل يوم أن يتكل بشكل أكبر على نعمة الله. وبهذه الطريقة يصبح الإنسان تلميذا، قال البابا فرنسيس، قادرا لا فقط على أن يواجه بشكل أفضل تحديات هذا العالم، بل وعلى أن يتحدى أيضا العالم من خلال العمل حسب منطق الهبة والمحبة.