خبراء عراقيون لـ"الدستور": خروج التحالف الدولى من العراق يحتاج لإرادة سياسية
اعتبر خبراء وسياسيون عراقيون أن العراق لم يعد في حاجة إلى التحالف الدولي ضد "داعش" بعد إنجاز المهمات الأساسية التي وجد من أجلها، لذا بدأت مفاوضات بين الحكومة العراقية والتحالف الدولي في إطار لجنة مشتركة لبحث طبيعة وفرص وأهمية إنهاء دور التحالف الدولي في العراق.
آيات مظفر: قرار خروج القوات الأجنبية من العراق يحتاج لإرادة ودعم سياسي قوي
بداية، قالت السياسية العراقية آيات مظفر، إنه يجب الفصل بين الوجود الأمريكي في العراق وبين وجود قوات التحالف الدولي، فكلاهما موجود بعلم الحكومة العراقية وموافقتها إلا أنه في الآونة الأخيرة أصبحت سياسات الولايات المتحدة الأمريكية أكثر استفزازية لبعض الجهات السياسية الموجودة في العراق، بالإضافة إلى الشعب العراقي، بسبب قيامهم بالدفاع عن مصالحهم تجاوزًا على سيادة الدولة العراقية وعدم احترامها لوجود حكومة ودولة وإرادة شعب يمكن أن يقوم برفض هذا السياسات، خصوصًا بعد اغتيال قيادات تمثل محورًا معينًا معترفًا به وموجودًا في العراق.
وأضافت آيات مظفر، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه يجب ألا نخلط الأوراق على اعتبار التحالف الدولي ضد داعش هو شىء ووجود القوات الأمريكية شىء آخر، فاليوم وجود التحالف بناء على استكمال استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تقوم على أساس المعلومات الاستخباراتية وبناء القدرات، وأيضًا تدريب وتأهيل القوات الأمنية العراقية وأيضًا صيانة المعدات التي تحتاج إلى خبرات دولية، وهذا يجب أن يكون بمعزل عن الرأي الذي يذهب باتجاه خروج القوات الأمريكية.
وأشارت مظفر إلى أنه إن كان هناك رأي بخروج القوات الأجنبية يجب أن تكون هناك استراتيجية معلنة وواضحة وغير عنيفة على الرغم من الإرهاصات التي تشوب العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، وأن تبقي هناك مصالح تجمع البلدين، ويجب أن تحسب التكاليف والخسائر لهذا الخروج.
وأكدت مظفر أن هناك عراقيل لهذا الخروج على اعتبار أن هناك جهة سياسية ولديها تمثيلًا نيابيًا وأيضًا جماهيريًا رافضًا لوجود القوات، وبصراحة الجانب الشيعي رافض وجود القوات الأجنبية، بينما الجانب الكردي مع وجود القوات والجانب السيني يخاف من خروج القوات الأمريكية حتى لا يتوغل وجود الميليشيات، لذا كل هذا يحتاج إلى قرار حكومي شجاع وصائب وإرادة حكومية باتخاذ قرارات يمكن أن توازن الكفة الداخلية وتوازن الكفة خارجيًا.
وأضافت: "نعلم أن القرار الحكومي يحتاج إلى إسناد سياسي من القوي السياسية وأيضًا مجلس النواب، ولكن بعض الحالات تستوجب تحكيم العقل وشجاعة القرار بمعزل عن كل التأثيرات والضغوطات التي يمكن تتعرض لها الحكومة".
غازي فيصل: العراق لم يعد في حاجة للتحالف الدولي
من جانبه، أكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، الدكتور غازي فيصل، أنه تم الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي وإنهاء دولته عام ٢٠١٧ وتحرير ثلث الأراضي العراقية وأكثر من أربعة ملايين إنسان عراقي من هيمنة دولة الخلافة على العراق بالتعاون مع التحالف الدولي في إطار قرار مجلس الأمن الدولي ٢١٨٧، إضافة إلى قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في حينها تشكيل التحالف الدولي الحرب على الإرهاب من ٧٢ دولة من ضمنها العراق.
وأوضح غازي فيصل، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه بات من المؤكد الآن عدم وجود حاجة حقيقية لهذا التحالف الدولي، بعد إنجاز مهماته الأساسية بدأت مفاوضات بين الحكومة العراقية والتحالف الدولي في إطار لجنة مشتركة لبحث طبيعة وفرص وأهمية إنهاء دور لوظيفة التحالف الدولي للحرب على الإرهاب في العراق بأنه يستمر على سبيل المثال في سوريا ومالي وفي مناطق مختلفة من العالم، حيث يوجد الإرهاب ويوجد التحالف الدولي للحرب على الإرهاب.
وأضاف: "لكن العراق اليوم تطورت قدراته العسكرية والقوات المسلحة وغيرها تحتاج إلى إسناد ودعم لوجستي عملياتي تدريبى في مجال تطوير قدرات القوات الجوية العراقية والدفاع الجوى، لذا من الممكن خروج قوات التحالف الدولي فورًا وحتى نهاية هذا العام ٢٠٢٤ لكي تنجز هذا العملية، ولينتقل العراق- كما صرح رئيس الوزراء- من جود تحالف دولي لحرب إلى علاقات ثنائية مع دول التحالف".
وأوضح غازي أن: هذه العلاقات ستكون قائمة على التعاون المشترك الاقتصادي والسياسي والأمني، وأيضًا في مجالات مختلفة مثل تنمية وتطوير القوات العسكرية والدفاعية للعراق، ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تستمر العلاقة مع واشنطن على أساس الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة التي وقعت من قبل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي عام ٢٠٠٩، وصادق عليها مجلس النواب العراقي بالقانون عام ٢٠٠٩ وهي نافذة لحد الآن.
وقال غازي: إنه لا توجد عراقل جوهرية في حالة خروج قوات التحالف الدولي مع بقاء علاقات التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني والاجتماعي مع دول التحالف، وأيضًا مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار اتفاقية التحالف الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، ولكن هناك بعض التحذيرات من أن هذا الخروج يمكن أن تستغله المنظمات والفصائل المسلحة المتحالفة مع الحرس الثوري الإيراني، وكذلك بأنه انتصار لهذا الفصائل بطرد القوات الأجنبية من العراق، مما يعني توسيع نفوذ وهيمنة إيران على العراق كما في سوريا ولبنان واليمن.
وتابع: "ولكن في الواقع فإن الخريطة السياسية اليوم في العراق وطبيعة الأحزاب والتيارات والاتجاهات الثقافة والدينية والسياسية لن تسمح بتوسيع هذا النفوذ لإيران في العراق، على العكس تتسع علاقات التعاون بين القوى المختلفة في أوروبا وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية، وتعزيز القدرات الدفاعية للعراق وتطوير القدرات العراقية في مجال التنمية والتنمية المستدامة وإعادة الخدمات في العراق على صعيد مختلف المجالات، خصوصًا طريق التنمية الذي يربط العراق بتركيا وأوروبا، ويربط العراق أيضًا بدول الخليج العربي وصلًا للهند".
وأشار السياسي العراقي إلى أنه: لا توجد تداعيات خطيرة على خروج قوات التحالف الدولي، وأن خروج القوات سيكون تدريجيًا يستمر خلال عام، وخلال هذا الفترة تنتقل مهمات التحالف الدولي تدريجيًا إلي القيادة العامة للقوات المسلحة لتوزيع المهام، ويمكن خلال هذه الفترة يتم تعزيز القدرات الدفاعية للدفاع الجوي الصاروخي للعراق، وقد يكون هناك مشروع لقمر صناعي لرصد الجوانب الأمنية التي تتعلق بحدود العراقية.
وتابع غازي أن قوات التحالف الدولي في الأساس وافقت وأدركت أهمية إنجاز مهمتها الأساسية في العراق للحرب على الإرهاب، وتحرير ثلث العراق مع الإرهاب.
وأكد السياسي العراقي أنه لا يوجد وجود أجنبي عسكري بالعراق باستثناء قوات التحالف الدولي، والتي جاءت بدعوة من قبل وزير الخارجية العراقي والحكومة العراقية، وانحال الموضوع طبقًا لقرار مجلس الأمن الدولي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتم تشكيل هذا التحالف الدولي، ولكن توجد على سبيل المثال وما زال موجود التنظيم الإرهابي على دولة الخلافة والذي يقدر عددهم بأربعة آلاف مقاتل في العراق، بالإضافة إلى عشرة آلاف مقاتل داعشي في سوريا، وطبعًا هذا يشكل تهديدًا للأمن.