أماني عز الدين: الكتابة تحتاج إلى روح.. والذكاء الاصطناعي يهدد الإبداع البشري

الكاتبة أماني عز الدين، عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو مختبر سرديات مكتبة الإسكندرية. كاتبة روائية وقاصة. صدر لها العديد من الأعمال الأدبية، والتي تنوعت بين فن السرد القصصي والسرد الروائي. 

إطلالة على عالم أماني عز الدين الأدبي

 ففي الرواية صدر لـ أماني عز الدين روايات: “عاشت في قلبه” والصادرة عن دار المفكر العربي العام 2023، رواية “كفاكم همسا” وصدرت عام 2020، رواية “قلبي يميل” عن دار الزيات 2021، وعن نفس الدار ــ الزيات ــ صدر لها في العام اللاحق 2022 مجموعة قصصية بعنوان “أسطورة الحي الست أم هلال”، بالإضافة إلى كتاب صدر عام 2019 تحت عنوان “رسائل بنت عز”، وهو إصدارها الأدبي الأول.

كما نشر للكاتبة أماني عز الدين العديد من النصوص القصصية في عدد من الصحف والمجلات.. حصلت مرتين على جائزة القصة القصيرة من أتيلية الإسكندرية لعاميين متتاليين مركز ثاني وثالث. نوقشت أعمالها الإبداعية في مختبر سرديات مكتبة الإسكندرية، وقصر ثقافة الشاطبي. كما شاركت في فعاليات معرض الكتاب بمكتبة الإسكندرية لعاميين متتاليين في ندوات قراءة قصصية من أعمالها.

الـ “الدستور” كان لها هذا اللقاء مع الكاتبة السكندرية أماني عز الدين، حول تجربتها الإبداعية، وتحدثت خلاله عن الكتابة، هل تصنع ورش الكتابة مبدعا؟، وعن أبطال أعمالها الأقرب إلى قلبها، وعن الجوائز ودورها في حياة المبدع، وتحقق المرأة على خريطة الثقافة المصرية وغيرها من القضايا والموضوعات.

بدأت أماني عز الدين الكتابة في سن مبكرة، تقريبا خلال المرحلة الثانوية، حيث كان لديها شغف كبير بالأدب. تقول: “كانت لدي صعوبة أن أشارك أفكاري مع الآخرين لذا كانت الكتابة بالنسبة لي وسيلة أعبر بها عن نفسي وعن صراعاتي أحيانا وربما أحلامي أيضا. لذا أنا أكتب لأن تلك هي الوسيلة التي أجد فيها الحرية وأستطيع بها التعبير الكامل عن ذاتي”.

وحول ما تمثله الجوائز بالنسبة للكاتب ولها على وجه الخصوص، ترى أماني عز الدين، أن الجوائز تمثل تقديرًا للعمل الذي تقوم به وتحفيزًا للمضي قدمًا في مسيرتك الأدبية. إن الفوز بجائزة يعزز الثقة بالنفس ويؤكد أن جهودك لم تذهب سدى. بالنسبة لي، تمثل الجوائز تقديرًا حقيقيًا ودافعًا للأفضلية والاستمرار في كتابتي.

الرواية تمنحني المرونة

وعن الجنس الأدبي والإبداعي الأقرب إليها، وهل هو الرواية أم القصة؟، تقول “عز الدين”: أجد نفسي في كلاهما بنفس القدر. الرواية تمنحني المرونة والمساحة الأكبر لتطوير الشخصيات أيضا تطلق لخيالي العنان وتفتح أمامي المجال لعرض أفكاري بصورة أكبر، بينما القصة القصيرة تسمح لي بالتركيز على لحظات معينة وإيصالها بطريقة موجزة.

في الحقيقة لا يمكنني اختيار بينهما، فكلٌ منهما يمتلك سحره الخاص وقدرته في إيصال الأفكار والرسائل بصورة معينة وطريقة مختلفة.

ومثل أغلب الكتاب والمثقفين في بدايات طريق الكتابة والنشر، يمثل نشر الكتاب الأول معضلة، حيث يواجه المبدع تحديات جمة في إيجاد دار نشر مناسبة تضمن حقوق ملكيته الفكرية والمادية والمعنوية، فهو لم ينشر من قبل وغير معروف مما يجعل أغلب دور النشر تحجم عن نشر الكتاب الأول، بعكس دور النشر الحكومية التي تقوم بهذا الدور، إلا أن مشكلة هذه الأخيرة قوائم الإنتظار الطويلة.

بالتأكيد واجهت العديد من الصعوبات. في البداية كان من الصعب أن يتم قبول العمل الأدبي ونشره، خاصةً عندما تكون مبتدئًا واسم غير معروف لكن حين يتم قراءة العمل ويتضح قيمته الأدبية وجودته من هنا يتم القبول ومن ثم النشر..

وحول دور النقد والناقد والذي يعد الضلع الثالث في الإبداع المكون من المبدع والمتلقي والناقد، وهل تغني العروض والمراجعات الصحفية عن دور النقد العلمي بالنسبة للكاتب خاصة لديها، وعما إذا كانت الساحة الثقافية تعاني من أزمة نقد.

ترى أماني عز الدين أن: العروض والمراجعات الصحفية ضرورية ومهمة لتعزيز الكتاب وتقدير الأعمال الأدبية، ولكنها لا تكفي لتغطية كل جوانب النص الأدبي. النقد العلمي يعطي تحليلًا شاملًا ومنهجيًا للأعمال الأدبية ويساهم بشكل كبير في فهمها وتقييمها بشكل أفضل. هذا النوع من النقد غالبًا ما يكون أكثر اعتمادًا في توجيه الكاتب وتطويره.

بالنسبة للساحة الثقافية، قد تعاني من أزمة في النقد والتقييم المهني. قد يكون هناك تركيز أكبر على الرواج والشهرة بدلًا من المحتوى الأدبي والتأثير. هناك أيضًا تحديات في توفر المنصات الكافية للنقاد والمراجعين للتعبير عن آرائهم بحرية وتأثيرهم على القراء والمؤلفين.

وحول العلاقة بين الأدب والسينما والدراما وهل يمكن لهذه الألوان الفنية أن تجسد الشخصية الأدبية ــ سواء كانت قصة أو رواية ــ تماما كما فى خيال الكاتب كما خطها على الورق، أم أن هذه مهمة عسيرة على صناع الصورة؟، ترى أماني عز الدين أن تجسيد الشخصيات المكتوبة على الشاشة قد يكون مهمة صعبة.

بمعنى قد يكون هناك صعوبة في تحويل كل جوانب شخصية من الكتاب إلى شكل مرئي. ومع ذلك أعتقد أنه إذا تم تنفيذ العمل السينمائي أو التليفزيوني بمهارة واحترافية، يمكن أن يعزز هذا تجسيد الشخصيات بشكل أفضل ويعطيهم صورة تقترب من خيال الروائي.

وعن مدى تحقق المرأة كمبدعة على خريطة الثقافية المصرية، تقول “عز الدين”: لقد حققت المرأة المصرية إنجازات كبيرة كمبدعة في مختلف المجالات الثقافية. فهي تتمتع بوجود قوي ونشاط ملحوظ في الأدب والفنون والسينما والموسيقى وغيرها، وهي قادرة على تحقيق نفسها وإبداعاتها بشكل كامل على الساحة الثقافية في مصر بل في العالم كله.

الرواية واحدة من أهم أشكال الأدب

وحول رواج فن السرد الروائي خلال العقدين الأخيرين من الألفية الثانية رواجا ملحوظا وهل صارت الرواية ديوان العرب المعاصر  تقول: بالتأكيد، تعتبر الرواية واحدة من أهم أشكال الأدب التي تتيح للكتاب التعبير عن أفكارهم وتجاربهم بشكل متعمق وشامل. صارت الرواية ديوان العرب المعاصر، حيث تحظى بشعبية كبيرة وتأثير قوي في المجتمعات العربية وتوصل رسائلها بقوة وعمق لدى القراء.

وعن قراءاتها والكتاب الذين لا تفوت لهم عملا، تقرأ أماني عز الدين كل ما يقع بين يديها أو تحت عينيها: “قرأت أعمال تولستوي كاملة.. وجذبني أدب وفكر ديستوفيسكي. أحببت كتابات فرانز كافكا”.

وتابعت: "أقرأ للعديد من الكتاب المصريين والعرب نجيب محفوظ، يوسف السباعي، أنيس منصور، أحمد خالد توفيق وأيضا أتابع أعمال الأساتذة المعاصرين أمثال دكتور زين عبد الهادي حاليا أقرأ له رواية الحرب في الشرق".

وعن أقرب أبطال أعمالها الأدبية تقول “عز الدين”: أقرب الأبطال لي هم الشخصيات التي تجسدها النساء في رواياتي وقصصي. هذه الشخصيات تحمل جزءًا من تجاربي ورؤيتي الخاصة.

أحاول إعطائها حياة واقعية تتناسب مع تجارب النساء في المجتمع المصري المعاصر. أنا أحب أن أروي حكايات هؤلاء النساء وأعطيهن جزءا من روحي.

أقربهم إلى قلبي “إلهام الوزان” بطلة رواية قلبي يميل لأنها أقرب ما تكون لشخصيتي من حيث أفكارها وثقافتها وردود أفعالها حتى أنني منحتها جزء من روحي وأنا أكتبها.

أحلم أن أكتب رواية تاريخية

وحول القصة التي تحلم أماني عز الدين بكتابتها يومًا ما. تقول: "أحلم أن أكتب رواية تاريخية لكن ليس التاريخ الذي نقرأه في الكتب، وإنما الذي نتلقاه على ألسنة العجائز.إنه التاريخ كما يجب أن يكون دون تزييف أو تحريف لأن هؤلاء هم شهود العيان الحقيقيين.

وعن ثنائية الكتاب الورقي والإلكتروني وأيهما تفضل، تتابع “أماني عز الدين”: “أنا شخصيًا أحب الكتاب الورقي، فإنه يمنحني تجربة ملموسة وممتعة لقراءة الكتب. أحب أن أشم رائحة الورق وأشعر بالصفحات تحت يدي. كما أن لدي قناعة أن الكتاب الورقي يعزز التركيز وتجربة القراءة، بحيث يساعدني على الانتباه بشكل أفضل”.

ومع ذلك، فإن الكتاب الإلكتروني يأتي بالعديد من المزايا العملية. يتيح لي الكتاب الإلكتروني حمل عدد كبير من الكتب في جهازٍ واحد، ويمكنني الوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان. ولا يمكنني إنكار أن الكتاب الإلكتروني يقدم أيضًا راحة في القراءة في الظروف الضوء المناسبة وحجم الخط القابل للتعديل.

بالنسبة لقضية بقاء الكتاب الورقي، فلا أعتقد أنه في طريقه للزوال بشكل كامل. لا يزال هناك العديد من القراء يفضلون التجربة التقليدية للكتاب الورقي ويلتزمون به. إنها مسألة من التفضيلات الشخصية ولكل منهما جمهوره الخاص.

مع ظهور الذكاء الاصطناعي واقتحامه لكل مجالات الحياة، حتى صار يهدد وظائف بعينها، تصاعدت المخاوف من أن يستبدل الذكاء الاصطناعي ويحل محل الإنسان وجهده وإبداعه البشري، خاصة مع الأخبار التي تواردت عن مؤلفات كتبها الذكاء الاصطناعي، ولوحات فنية رسمها، وألحان ومعزوفات موسيقية لحنها وعزفها.

الكتابة تحتاج إلى الروح التي يفتقدها الذكاء الاصطناعي

وعن هذا الغزو وهل الذكاء الاصطناعي الأخير يهدد الإبداع البشري. تقول الكاتبة أماني عز الدين: مستحيل لأن الكتابة تحتاج إلى روح وهو ما يفتقده الذكاء الاصطناعي لذا مهما كتب ستكون كتاباته خالية من المتعة والإحساس الذي يعجز عن وصفه بنفس شعور الكاتب..

وعما إذا كانت ورش الكتابة الأدبية تصنع كاتبا حقيقيا أم أنها مجرد ظاهرة من ظواهر الحياة الثقافية التي تظهر وتختفي، ترى “عز الدين”، أنه: "أعتقد أن الأساس هو الموهبة إن وجدت كانت الورش عناصر محفزة ومساعدة لتنمية تلك الموهبة لكنها غير قادرة على خلق مبدع من العدم.