بالرش أم السكب أم الغمر.. كيف اعتمد السيد المسيح؟
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بـعيد الغطاس المجيد، والذي يعتبر ثالث الأعياد السيدية في عام 2024، بعد احتفالات الكنيسة بعيدي الختان المجيد في 15 يناير، والميلاد المجيد يوم 7 من نفس الشهر، إذ تضع الكنيسة الميلاد والغطاس في قائمة الأعياد السيدية الكبرى، بينما الختان في قائمة الأعياد السيدية الصغرى.
كيف اعتمد السيد المسيح بالرش أم بالسكب أم بالغمر والتغطيس؟
ويرى رجال الدين بالكنائس الكاثوليكية أن المعمودية تمت بالرش او السكب لذلك تتم المعمودية في هذه الكنائس بهذه الطريقة إلا الآن، أما الكنائس الأرثوذكسية سواء كانت قبطية أو رومية أن المسيح اعتمد بالتغطيس والغمر.
شرح الأمر الأنبا نيقولا انطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الارثوذكس، ومتحدث الكنيسة الرسمي في مصر، ووكيلها للشؤون العربية، في تصريح له قائلا إن معمودية السيد المسيح كانت بالتغطيس في نهر الأردن، حيث إن نهر الأردن معروف بضفتيه ولذلك قيل عن الرب يسوع "وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ."، النص اليوناني لهذه الآية: "καὶ εὐθὲως ἀναβαίνων ἀπὸ τοῦ ὕδατος"، ترجمته الحرفية هي: "حينما تمت معموديته كان الماء يُغطيه بالكامل"، وهذا يتناسب مع عقيدة الكنيسة وطقسها من أن المعمودية هي (موت ودفن وقيامة مع المسيح).
كما أشار إلى أنه في النص اليوناني لهذه الآية هو أن كلمة "(أنافَينُون) ἀναβαίνων" ومعناها "صاعد" جاءت اسم فاعل للمذكر المفرد في حالة الفاعل للمضارع من الفعل "(أنافَينو) ἀναβαίνω" بمعنى "أَصعدُ"، ولم تأت الكلمة فعلاً. والكلمة توضح أنه كان في قلب النهر، وبِناءً على ذلك نفهم أن معموديته كانت بالتغطيس، كما تفعل الكنيسةالأرثوذكسية.
وأوضح أن إيمان الكنيسة عن معمودية الماء والروح التي أسسها السيد المسيح هو كما جاء في رسائل القديس بولس حيث إنها موت ودفن وقيامة مع السيد المسيح، كما في النص "مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ" . وأيضًا "فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟".
من جانبه، قال المتريبوليت إيروثيوس فلاخوس مطران كنيسة الروم الارثوذكس في نافباكتوس، في تصريح له على خلفية الاحتفالات، إن خلال اعتماد المسيح ظهر الثالوث القدوس. أحد أهداف التجسد الإلهي، كما معمودية المسيح، كان إظهار الإله الثالوثي، إذ بالرغم من أن لله جوهر واحد وطبيعة واحدة، إلا أنه ثلاثة أقانيم، الآب والابن والروح القدس. إذاً، صوت الآب سُمع شاهداً ومؤكّداً أن الذي في الأردن في تلك اللحظة هو ابنه، بينما الروح القدس يظهر "بهيئة حمامة".
ويشير ظهور الإله الثالوثي خلال إصلاح الإنسان إلى حقيقة لاهوتية أخرى، وهي أن الإنسان هو العضو الأرضي والعابد للثالوث القدوس، وأيضاً إلى أنه المخلوق الوحيد المصنوع على صورة الإله الثالوثي. بحسب ما يشرح القديس غريغوريوس بالاماس، لا تملك الحيوانات نوساً وعقلاً، بل فقط روحاً حية لا تأتي من ذاتها. هذا يعني أنه عندما تموت هذه الحيوانات تخسر الروح معها. فهي لا تبقى كونها بدون جوهر وليس عندها إلا القوة. للملائكة ورؤساء الملائكة أيضاً نوس وعقل ولكن لا روح تحيي الجسد، وبالتالي الإنسان وحده صورة الإله المثلث الأقانيم. إذاً، لهذا السبب ابن الله وكلمته، لكي يخلص العالم ويغيّره، صار إنساناً وليس ملاكاً، لأن الإنسان هو ذروة الخليقة. وهكذا من خلال الإنسان المتقدّس يتمّ تحوّل الخليقة وتغيرها.
جدير بالذكر أنه اعتاد باباوات الكنيسة القبطية الارثوذكسية، الراحل شنودة الثالث، والحالي تواضروس الثاني، على تقسيم فترات الأعياد بين القاهرة والإسكندرية، فيقضى بابا الكنيسة عيدي الميلاد المجيد، والقيامة المجيد في القاهرة، بينما يقضى احتفالات رأس السنة الميلادية وعيد الغطاس المجيد برفقة شعب الاسكندرية.