مكتوبة كاملة.. موضوع خطبة الجمعة اليوم
حددت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة اليوم تحت عنوان "خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ"، في جميع مساجد الجمهورية، مشددة على جميع الأئمة والخطباء بالمساجد التابعة لها، بضرورة الالتزام التام بموضوع خطبة الجمعة الذي حددته من قبل، وبالمدة المحددة بعشر دقائق للخطبتين.
موضوع خطبة الجمعة اليوم
وكثر البحث عن نص خطبة الجمعة اليوم، 12 يناير، 2024، عبر مواقع البحث الافتراضي، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتنشر" الدستور" نص الخطبة مكتوبة كما حددتها وزارة الأوقاف.
نص خطبة الجمعة اليوم
وجاء نص الخطبة كالآتي..
خطبة الجمعة
"خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ"
جمال المظهر والجوهر في بيوت الله (عز وجل)
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:
فإن المساجد بيوت الله في الأرض، في رحابها يُعبَد الحقُّ سبحانه ويُذكَر، ويُتلَى كتابُه الكريمُ ويُتَدبَّر، وقد كرَّم اللهُ سبحانه المساجدَ بأن أضافها إلى نفسه إضافةَ تشريف وتعظيم، وأخبر أنها أحب الأماكن إليه، وأكرَم زُوَّارَها فجعلهم زُوَّارَهُ سبحانه، حيث يقول سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (أَحَبُّ البِلادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، إِلَّا كَانَ زَائِرَ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ)، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ)، فكيف بضيفٍ نزل بأكرم الأكرمين، وحلَّ ببيت رب العالمين؟! ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ؛ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ في الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ).
لذلك اشتدت عناية الإسلام بالحفاظ على المساجد وإبراز جمالها ورونقها، فأمرت بنظافتها، وأخذ الزينة عند القدوم إليها؛ رعايةً لمكانتها وقدسيتها، فذلك من تعظيم شعائر الله تعالى في القلوب، حيث يقول الحق سبحانه: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، ويقول سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (اللَّه أَحَقُّ مَنْ تَزَّيَّنَ لَهُ)، وتقول السيدة عائشة (رضي الله عنها): "أمَرَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ببناء المساجِدِ في الدور- يعني: في القبائل- وأن تُنَظَّف وتُطَيَّب"، وقد امتدح الحق سبحانه أهلَ مسجد قباء لحرصهم على الطهارة والنظافة، حيث يقول سبحانه: {لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ)، ولا أدلَّ على فضيلة نظافة المساجد مِن تفقُّد نبينا (عليه الصلاة والسلام) أحوالَ المرأة التي كانت تكنس مسجده الشريف، وصلاتِه عليها بعد موتها.
كما حثتنا الشريعة الغراء على دخول المساجد بأجمل طِيب وأعطر ريح، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَمَسُّ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ طِيبِ أَهْلِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ؛ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى)، وهذا هو هدي نبينا (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول سيدنا أَنَس بن مَالِكٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): "مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلَا مِسْكًا وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم".
***
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن المسلم الحق يحرص على نظافة الباطن كما يحرص على طهارة الظاهر، ويكون ذلك بطهارةِ القلوبِ مِن الغلِّ والحقدِ والحسدِ والكراهيةِ، فحينما سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ مَخْمُومِ القَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ، قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفُه، فما مخمومُ القلبِ؟ قال: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لا إِثْمَ فِيهِ ولا بَغْيَ وَلا غِلَّ وَلا حَسدَ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، يا رسولَ اللهِ، قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ؛ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ، لا أقولُ: إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ، ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ).
كما يكون ذلك بحب الخير للناس جميعًا، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ)، وعندما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه (رضوان الله عليهم): (يَطْلعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ منِ ْأَهْلِ الجَنَّةِ)، طلع رجلٌ من الأنصار، فتبعه سيدنا عبدُ الله بنُ عمرو (رضي الله عنهما) ليقيم عنده ثلًاثًا، ويرى أحواله التي بلغت به هذه المنزلة، فلَمَّا لم ير منه كبيرَ عملٍ، سأله عن ذلك، فقال الرجل له: "ما هو إِلَّا ما رَأَيْتَ؛ غَيرَ أنِّي لا أجِدُ في نَفسِي لأحدٍ من المسلِمينَ غِشًّا، ولا أحْسِدُ أحدًا على خَيرِ أعطاهُ اللهُ إيَّاهُ، فقال له عبدُ اللهِ بن عمرو: "هذه التي بَلَغَتْ بِكَ، وهِيَ التي لا نُطِيق".
فمَا أجملَ أن ترى الدنيا جمالَ ديننا ظاهرًا وباطنًا في جميع أحوالنا، فيتبدَّى الجمال الظاهر فِي مساجدنا وطرقنا وبيوتنا وهيئاتنا، ويتألق الجمال المعنوي فِي نظافة قلوبنا وحُسن أخلاقنا، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ).
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت
واحفظ مصرنا، وارفع رايتها في العالمين