قبيل الاحتفال به.. تعرف على أبرز المعلومات عن عيد الغطاس المجيد
تحتفل الكنيسة القبطية الارثوذكسية، في 19 يناير الجاري بعيد الظهور الإلهي أو بما يعرف باسم عيد الغطاس المجيد
ماهو عيد الظهور الإلهي؟
قال الأنبا نيقولا مطران طنطا للروم الأرثوذكس، أن عيد الظهور الإلهي يشير إلى معمودية المسيح في نهر الأردن على يد القديس يوحنا السابق، المسمّى المعمدان، هذا جرى عند بلوغ المسيح سنّ الثلاثين، قبل أن بدأ منهجيًا عمله التعليمي وقبل آلامه اللاحقة، لخلاص الجنس البشري.
وأضاف إن اختيار سنّ الثلاثين للبدء بالنشاط المعروف في العالم يرتبط بأن التكوّن البيولوجي للكائن البشري يبلغ كماله عند ذلك الحين، إضافة إلى أن هذا الأمر يجعله أكثر قبولًا عند إسرائيليي ذلك الزمن، ويصف الإنجيليون هذا الحدث (متى 13:3-17، مرقس 9:1-11، لوقا 21:3-22، يوحنا 32:1-34). لن ندخل في هذه التفاصيل بل سوف نركّز على بعض الحقائق الأساسية لاهوتيًا وخريستولوجيًا.
حدث معمودية المسيح
وتابع يُسَمّى حدث معمودية المسيح على يد يوحنا السابق في نهر الأردن الظهور الإلهي (Theophany - Epiphany)، في كنيسة العصور الأولى، كان عيدا الميلاد والظهور يُعيَّدان في اليوم نفسه، أي السادس من كانون الثاني. في القرن الرابع، انفصل العيدان ونُقل عيد الميلاد إلى الخامس والعشرين من كانون الأول، أي أنّ اليوم الذي كان يعيّد فيه الوثنيون لإله الشمس صار يوم التعييد لشمس البِر على المنوال نفسه، يصف القديس غريغوريوس اللاهوتي هذا العيد بأنه، بسبب المعمودية وإشعال النار، عيد الأنوار واستنارة الموعوظين.
أصل كلمة ظهور
تأتي كلمة ظهور (Theophany) من المقطع الرسولي "اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ." (1 تيموثاوس 16:3)، وهي مرتبطة بالأغلب بميلاد المسيح. وتأتي كلمة ظهور ((Epiphany) من المقطع الرسولي: "لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ" (تيطس 11:2)، وهي ترتبط بالدرجة الأولى بمعمودية المسيح إذ عندها أدرك البشر نعمة الميلاد.
في مجمل الأحوال، الحقيقة هي أنّه في يوم معمودية المسيح، مع ظهور الثالوث القدوس واعتراف السابق الشريف، صار عندنا اعتراف رسمي بأن ابن الله وكلمته هو "أحد الثالوث" وقد صار إنسانًا ليخلّص الجنس البشري من الخطيئة والشيطان والموت.
واستطرد مطران طنطا للروم الأرثوذكس، بما أن معمودية يوحنا قادت البشر إلى تحسس خطاياهم وهيأت الشعب لتقبّل معمودية المسيح الأكثر كمالًا، وبما أن المسيح كان إلهًا كاملًا وإنسانًا كاملًا ولم يخطأ أبدًا، لماذا اعتمد إذن؟ الجواب على هذا السؤال يكشف لنا حقائق عظيمة.
وواصل يقول القديس يوحنا الدمشقي أن المسيح لم يعتمد لأنّه كان بحاجة إلى التطهر "بل لينسب لنفسه طهارتنا". كما أن المسيح تألّم وصُلب من أجل الجنس البشري وأحسّ بالألم وبالأسى العظيمين، كذلك هو نَسَب لنفسه طهارتنا. الكثير من الأمور جرت على هذا المنوال. إذًا، بحسب الدمشقي، اعتمد المسيح لكي يسحق رؤوس التنانين التي في الماء، إذ كان الاعتقاد السائد هو بأن الشياطين تعيش في الماء؛ لكي يغسل الخطيئة ويدفن آدم القديم في الماء؛ لكي يبارك المعمِّد، فالسابق لم يبارك المسيح بل المسيح باركه عندما وضع الأخير يده على رأس المسيح؛ لكي يحفظ الناموس، لأنه هو نفسه وضعه ويجب ألاّ يظهر مخالفًا له؛ لكي يكشف سر الثالوث، إذ عند تلك اللحظة تمّ ظهور للثالوث القدوس؛ لكي يصير مثالًا لمعموديتنا التي هي معمودية كاملة تتمّ بالماء والروح القدس.
أبعد من هذه الأمور، باعتماده في نهر الأردن، بارك المسيح المياه أيضًا. لهذا نحن، إلى اليوم، نقيم خدمة تقديس المياه وخلالها نستدعي الروح القدس ليبارك الماء. وهكذا بعد مباركتها لا تعود مجرد مياه من السقوط بل تصير ماء للتجديد لأنها متحدة بنعمة الله غير المخلوقة.