التصعيد لا يتوقف| خسائر إسرائيلية كبيرة جراء الحرب على قطاع غزة.. ومتظاهرون أمام مقر نتنياهو: «ارحل الآن»
لا يزال تأثير الحرب التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد قطاع غزة مستمرًا على كل الأوساط داخل إسرائيل، خاصة الاقتصادية والسياسية، وسط حالة احتقان شديدة للرأى العام.
ودخلت الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة يومها الـ٦١، ورغم تداعياتها السلبية على إسرائيل نفسها، يصر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، على استمرارها لمدة أطول، هربًا من محاكمته على الفشل فى التصدى لهجوم السابع من أكتوبر.
وعلى المستوى الاقتصادى، شهدت إسرائيل خسائر عديدة منذ بدء الحرب، بداية من تراجع قيمة عملتها المحلية «الشيكل» أمام العملات الأجنبية، ليصل سعر صرف الدولار إلى ٣.٧٠ شيكل، واليورو إلى ٤.٠٦ شيكل، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.
وقرر «بنك إسرائيل» تثبيت أسعار الفائدة، فى محاولة لمنع ارتفاع معدلات التضخم، فى ظل الحرب الحالية وتأثيرها على الاقتصاد. وفى كل الأحوال، وبغض النظر عما إذا كان البنك قد يخفض أسعار الفائدة أم لا، فإن قيمة الشيكل مُعرَضة للانخفاض بسرعة، وفقًا لتقديرات إسرائيلية.
وأدى التأثير السلبى للحرب فى إسرائيل إلى ارتفاع أسعار السلع فى المتاجر، خاصة السلع الغذائية. وأزال أصحاب المحال التجارية ملصقات الأسعار من على السلع منذ بداية الحرب، فضلًا عن تراجع معدلات الشراء من الأساس، بعد استدعاء كثير من المواطنين إلى التجنيد الاحتياطى.
وبناءً على هذه العوامل، توقعت منظمة الأمم المتحدة للتعاون الاقتصادى والتنمية أن ترتد آثار الحرب على غزة بالسلب على أداء الاقتصاد الإسرائيلى فى عام ٢٠٢٤.
وتوقعت المنظمة المعروفة اختصارًا بـ«أوسيد»، أمس، أن الناتج المحلى الكلى لإسرائيل لن يتعدى نموه فى أحسن الحالات نسبة ١.٥٪ بنهاية العام المقبل ٢٠٢٤، لكن من غير المستبعد أن يعاود الاقتصاد الإسرائيلى انتعاشه فى ٢٠٢٥، إذا وضعت الحرب على غزة أوزارها قريبًا.
وبشأن معدلات نمو الاقتصاد الإسرائيلى بنهاية العام الجارى ٢٠٢٣ الموشك على الانتهاء، أفادت المنظمة بأنه من المستبعد أن يتجاوز معدل نمو الناتج المحلى الإسرائيلى نسبة ٢.٣٪ بنهاية العام الجارى.
وامتد تأثير الحرب إلى المستوى السياسى بالطبع، الذى يشهد حالة تفكك واضحة، فى ظل انقسامات داخلية قوية بين «نتنياهو» وعدد من أعضاء حكومته، خاصة فى الملف الأمنى.
وطفت الخلافات بين «نتنياهو» وجيش الاحتلال الإسرائيلى إلى العلن، بعد أن رفض يوآف جالانت، وزير الجيش، مشاركة رئيس الوزراء، فى مؤتمر صحفى حول تطورات حرب غزة.
ويسعى «نتنياهو» إلى إيجاد «مخرج آمن» له، بعد انتهاء الحرب الحالية فى غزة، على ضوء الاتجاه إلى تشكيل لجنة للتحقيق فى فشل نظامه فى التصدى لهجمات السابع من أكتوبر.
وحمل رئيس الوزراء الإسرائيلى، فى وقت سابق، الأجهزة الأمنية، على رأسها شعبة «الاستخبارات العسكرية» فى الجيش «أمان»، وجهاز الأمن العام «الشاباك»، مسئولية الفشل الأمنى، متهمًا إياهم بأنهم كانوا يملكون المعلومات، لكنهم لم يتحركوا بالطريقة المناسبة.
وترى المؤسسات الأمنية فى المقابل، أنه منذ بداية الحرب فى غزة، لم يكن هناك هدف محدد تريده السلطة السياسية، لتحديد آلية العمل عليه، مشيرين إلى أن هذا عطل أيضًا من خطوات الجيش على الأرض.
كما يواجه «نتنياهو» حالة من الغضب فى الشارع، وفقد الإسرائيليون الثقة فى قدرته على قيادة إسرائيل فى الوقت الحالى، نظرًا لفشله فى تحقيق هدفه المعلن بالقضاء على حركة «حماس» فى غزة، أو إعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين الموجودين فى القطاع.
ويلقى الإسرائيليون باللوم على «نتنياهو»، ليس فقط لفشله فى تحقيق معادلة ردع لصالح إسرائيل والحفاظ عليها، ولكن أيضًا لإلقائه المسئولية على المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، وتملصه من هذه المسئولية التى يجب أن يُحاسب عليها.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تصاعدت وتيرة التوتر بين أسر المحتجزين الإسرائيليين وحكومة «نتنياهو». وترى هذه الأسر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى لا يهتم بإعادة أبنائهم المحتجزين، بقدر ما يريد تحصين ذاته، عند الخروج من منصبه والتعرض للمحاكمة.
وأظهرت استطلاعات رأى حديثة فى إسرائيل انهيار قدرة «نتنياهو» على البقاء فى الحكومة، أو حتى تشكيل حكومة جديدة فى مستقبل إسرائيل، وهو ما يؤثر بدوره على فرص حزب «الليكود» ككل، وليس «نتنياهو».
وظهرت تخوفات داخل «الليكود» من التأثير السلبى لـ«نتنياهو» على مستقبل الحزب، وقدرته على رئاسة الحكومات المقبلة فى إسرائيل، خاصةً فى ظل الخسائر التى تتكبدها إسرائيل حاليًا.
وخلال الأسبوع الجارى، عقد حزب «الليكود» اجتماعه الأول منذ بداية الحرب، وسط انتقادات سياسية وجماهيرية حادة، وإبداء بعض أعضاء «الكنيست» معارضتهم وتحفظهم على ميزانية إسرائيل، وطريقة تخصيص أموال الائتلاف الحكومى برئاسة «نتنياهو».
وقال يولى إدلشتين، رئيس لجنة «الخارجية والأمن» فى «الكنيست»: «أى إنفاق غير مرتبط بالحرب هو خطأ». ودعمه فى ذلك زميله فى المجلس، إيلى دلال، الذى دعا إلى إغلاق المكاتب الحكومية غير الضرورية.
وأضاف «دلال»: «لقد حدثت الكارثة على مرأى منا، وبالتالى نحن بحاجة إلى اتخاذ خطوات حاسمة.. نحن بحاجة إلى أموال لجنود الاحتياط المستقلين الذين تركوا أعمالهم وذهبوا للتجنيد، ولإقامة مستوطنات مؤقتة لمن تم إجلاؤهم من الجنوب، لأنه لا سبيل لبقائهم فى الفنادق لمدة عام كامل».
وحسب موقع «واللا» الإسرائيلى، قال أحد أعضاء «الليكود»، خلال الاجتماع: «إذا سقطت الحكومة، فسوف ينهض اليسار، وستكون هناك دولة فلسطينية، ولن يكون معظمنا هنا.. سيعود الليكود إلى السلطة ربما بعد ٢٠ عامًا أخرى».
وفى الأيام القليلة الماضية، عاد المتظاهرون الإسرائيليون إلى الاحتجاج مرة أخرى أمام مقر إقامة «نتنياهو»، مطالبين باستقالته، وأظهرت استطلاعات الرأى أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين يريدون رحيله، إما الآن أو بمجرد توقف الحرب.
وجدد يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، دعوته إلى استقالة «نتنياهو»، مشددًا على أنه «لا يمكن استمراره فى ظل فشله الذريع»، مضيفًا: «من كتب اسمه بالكارثة، وفقد ثقة الجيش وثقة الإسرائيليين، عليه أن يفعل الشىء الوحيد اللائق ويرحل».