كازاخستان تقدم دروسا لمواجهة تغير المناخ في دبي غدا
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم نحو قمة المناخ (كوب 28) في دبي غدا الخميس، هناك قصة محورية تتكشف في آسيا الوسطى، خاصة في كازاخستان، حيث لا تعد المعركة ضد تغير المناخ مجرد أجندة سياسية، لكن أيضا واقعا حيا، حسبما تقول زليفة سليمينوفا، مستشارة رئيس كازاخستان- والممثل الشخصي للرئيس للتعاون البيئي الدولي.
وتؤكد سليمينوفا، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أن آسيا الوسطى، التي غالبا ما كان يتم تجاهلها في المناقشات العالمية، بدأت تظهر الآن كلاعب رئيسي في مجال المناخ.
وتعتبر الزيادات في درجات الحرارة في هذه المنطقة ضعف المعدل العالمي، وهذه الحقيقة الواضحة للغاية تعني أكثر من مجرد فصول صيف أكثر حرارة؛ فهي تسبب تغيرات جذرية في هيكل سقوط الأمطار، مما يؤثر على توفر واستدامة المياه، وتنطوي على خطر نزوح ملايين الأشخاص.
جهود المناخ العالمية
وفي مواجهة ذلك، لدى كازاخستان إصرار على اتخاذ إجراء والاسهام في جهود المناخ العالمية، وتقول سليمينوفا" إن تعهدنا بتحقيق حيادية الكربون بحلول عام 2060 هو خريطة طريق لمستقبل مستدام.ومن خلال /المساهمات المحددة وطنيا/ وفق اتفاقية باريس، التزمنا بالحد من انبعاثات الكربون بنسبة 15% دون قيد أو شرط بحلول 2030. وبالإضافة إلى ذلك وضعنا هدفا مشروطا لخفض نسبته 25%، على أساس استثمارات السوق ونقل التكنولوجيا. وهذه الالتزامات جزء لا يتجزأ من رحلة تحولنا نحو كازاخستان أكثر اخضرارا".
مبادرات كازاخستان البيئية آثارا
وتضيف سليمينوفا التي عملت وزيرة للبيئة والموارد الطبيعية لفترة من الوقت أن لمبادرات كازاخستان البيئية آثارا تتجاوز حدودها، فالعمل العالمي في مجال المناخ يعتمد على مساهمة كل دولة. وتاريخيا يعتمد اقتصاد كازاخستان بدرجة كبيرة على أنواع الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط والغاز والفحم. ومع ذلك، فإن استراتيجياتها وتصرفاتها التي تهدف إلى تعزيز تحول أخضر قائم على الحد من الكربون توفر نظرة ثاقبة مهمة لكيفية توازن الممارسات المستدامة مع النمو الاقتصادي. وهذه الاستراتيجيات الحيوية بوجه خاص لدولة تعتمد تقليديا على الصناعات الاستخراجية، تقدم مخططا إرشاديا للدول الأخرى. فمن خلال الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، واستراتيحيات خفض الكربون، والممارسات المستدامة، تريد كازاخستان أن توضح أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر أمر ممكن ومفيد، حتى بالنسبة للدول التي تعتمد اقتصادياتها اعتمادا أساسيا على النفط والغاز.
تجارة الانبعاثات الوطني الذي تتبعه كازاخستان
فنظام تجارة الانبعاثات الوطني الذي تتبعه كازاخستان عنصر أساسي في الحد من انبعاثات الكربون. وهذا النظام الذي تم العمل به عام 2013 يشمل حاليا 43% من انبعاثات الغازات الدفيئة ومن المقرر أن يشهد المزيد من التطوير. والجهود مستمرة لتحسين معايير القياس، والتقارير، والتحقق، والمنهجيات المرجعية. وعلاوة على ذلك تبحث كازاخستان توسيع نطاق هذا النظام ليشمل قطاعات ومنشآت جديدة، وغازات حاليا خارج نطاق نظام تجارة الانبعاثات. وتمشيا مع آلية تعديل حدود الكربون، بدأ العمل في كازاخستان ليتوافق نظامها الوطني الخاص بتجارة الانبعاثات مع نظام الاتحاد الأوروبي.
المساعدة في تحقيق أهداف المناخ العالمية
ومن المهم بالمثل، التحول في قطاع الطاقة فالفحم بصفة خاصة يسهم في الانبعاثات في قطاع الطاقة الوطني ووفقا لما أعلنه رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكايف، من الممكن أن يؤدي أي تحول تدريجي، ومستدام، ومسئول اجتماعيا بعيدا عن استخدام الفحم بشكل كبير إلى المساعدة في تحقيق أهداف المناخ العالمية. وتشمل استراتيجية كازاخستان التخلص التدريجي من المحطات التي تعمل بالفحم خلال الفترة المتوسطة إلى طويلة الأمد، مع استخدام تكنولوجيات التحكم في الكربون واستغلالها للحد من الانبعاثات من المصادر المتبقية. وقد زادت بالفعل قدرة كازاخستان بالنسبة للطاقة المتجددة إلى 8ر4% وتهدف إلى أن تضاغف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2030، إلى جانب تعزيز تطوير الهيدروجين.
وتقول سليمينوفا إنه على الرغم من أن الاجراءات التي تقوم بها الدول مهمة، يعتبر التعاون الدولي وتعجيل المبادرات الإقليمية أكثر أهمية. وتخطط كازاخستان لاستضافة قمة المناخ الإقليمية في عام 2026 تحت إشراف الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية. وستكون هذه الفعالية حدثا مميزا لحشد العمل الإقليمي وتوحيد أصوات المنطقة نحو رؤية مشتركة للعمل في مجال المناخ والقدرة على الصمود.
وتضيف سليمينوفا أن هذه القمة، إلى جانب جهود المساهمة الإقليمية المستمرة تؤكد الالتزام بالعمل الجماعي. والتعاون الأخير مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وفق منصة الدول 5+1 الدبلوماسية يعد مثالا على هذا الالتزام. ومن خلال هذا التعاون تعمل كازاخستان لتعزيز ممارسات الطاقة المستدامة في أنحاء آسيا الوسطى.
وتشير سليمينوفا إلى أن دور كازاخستان وآسيا الوسطى في مجال المناخ العالمي مهم للغاية. ومع عقد كوب 28 من المهم أن يعترف المجتمع الدولي بالتحديات والحلول الفريدة الواردة من آسيا الوسطى. فالتصرفات والالتزامات من جانب هذه المنطقة جزء لا يتجزأ من اللغز العالمي لمواجهة تغير المناخ.
وتؤكد سليمينوفا في ختام تقريرها أن كازاخستان وآسيا الوسطى ليستا مجرد دولتين مراقبتين لتغير المناخ ولكنهما مشاركتان أساسيتان في رعاية البيئة. وتقول "في الوقت الذي يصارع فيه العالم تعقيدات تغير المناخ، توفر جهود منطقتنا دروسا وفرصا مهمة للتعاون العالمي. إذ نستطيع معا أن نشكل مسارا نحو مستقبل أكثر استدامة وصمودا".