سعيد بدر: اكتفاء من الحليب السائب.. والخليج أكبر مستورد لـ«الأجبان المصرية» (حوار)
قال سعيد بدر، عضو شعبة الألبان ومنتجاتها بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن مصر لديها اكتفاء ذاتى من الألبان السائبة، بينما تستورد ٧٠٪ من اللبن المجفف، مشيرًا إلى أن ارتفاع الدولار قلل الاستهلاك الداخلى بنسبة ١٥٪.
وأضاف «بدر»، فى حواره لـ«الدستور»، أن صناعة الألبان تواجه تحديات كبيرة أبرزها ارتفاع أسعار الأعلاف الذى نتج عن ارتفاع سعر الدولار، لافتًا إلى عدم تطبيق مبادرة مجلس الوزراء بخفض الأسعار بنسبة ٢٥٪ فى القطاع للعديد من الأسباب. وتحدث عن حجم التصدير إلى الأسواق الخارجية وأكثر الدول المستفيدة من المنتجات المصرية، وكذلك وضع عدة حلول للنهوض بالقطاع وعودته إلى مكانته مرة أخرى.
■ بداية.. ما أبرز تحديات قطاع الألبان فى مصر؟
- قبل ٦ أشهر كان هناك استقرار فى أسعار الألبان ومنتجاتها بشكل عام، لكن الأمر اختلف مع ارتفاع الدولار، ما أدى إلى قفزة فى أسعار الأعلاف، واضطر بعض المربين إلى بيع الماشية لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلف وتم بيعها كلحوم، وهى كارثة كبرى تؤثر على إنتاج اللبن، لأنها تقلل عدد الماشية التى تنتج الألبان. كما واجه القطاع تحديًا آخر العام الماضى، وكان له تأثير حتى الآن، وهو انتشار الحمى القلاعية التى بسببها فقد القطاع عددًا كبيرًا من رءوس الماشية.
■ كيف أثر ارتفاع الأعلاف على أسعار الألبان ومنتجاتها؟
- بلا شك، ارتفاع أسعار الأعلاف يؤثر على أسعار الألبان، حيث يرتفع سعر إنتاج الحليب بشكل كبير، ويعود ذلك إلى أن الأعلاف تشكل جزءًا كبيرًا من تكاليف إنتاج الحليب، وبما أن الأعلاف تصبح أكثر تكلفة، فإن المزارعين يتحملون تكاليف إضافية لإطعام مواشيهم، وهذا يؤدى إلى زيادة التكلفة الإجمالية لإنتاج الحليب.
■ ما مدى قدرة المربين على تحمل هذه التكاليف؟
- يمكن للمزارعين تحمل تكاليف إضافية بشكل مؤقت، ولكن على المدى الطويل من المحتمل أن يؤدى ارتفاع أسعار الأعلاف إلى زيادة أسعار الألبان، ونحن نواجه ارتفاعًا فى أسعار الأعلاف منذ فترة، لذا قد ترتفع أسعار الألبان ٢٥٪ ولكن بشكل تدريجى.
■ هل يغطى اللبن السائب السوق المحلية؟
- لدينا اكتفاء من اللبن السائب، بخلاف اللبن المجفف الذى نستورد نحو ٧٠٪ منه، لكن ارتفاع الدولار قلل الاستهلاك الداخلى بنسبة ١٥٪. وحجم الإنتاج من اللبن السائب فى مصر حوالى ٦.٣ مليار لتر، لكن تلك النسبة تراجعت خلال العامين الماضيين، ومن الصعب تحديد إحصائيات دقيقة لوجود الكثيرين خارج المنظومة، وبالتالى حصرها برقم دقيق أمر صعب، كما أن القوة الشرائية باتت شبه معدومة نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات، وهو ما قلل من الاستيراد.
■ ماذا عن تنفيذ مبادرة خفض الأسعار التى أقرتها الحكومة؟
- انضمت بعض الشركات لمبادرة مجلس الوزراء بخفض الأسعار بنسبة ٢٥٪ على الكثير من المنتجات وبينها الألبان، لكنها لم تُطبق بالصورة المرغوبة، نظرًا لارتفاع التكاليف، فمعظم الشركات الموجودة الآن نسبة ربحيتها لا تتجاوز ٢٪ أو ٣٪، من ثم فإن التخفيض ٢٥٪ لا بد أن يقابله انخفاض فى التكاليف بنسبة ٢٥٪ أيضًا. وارتفاع التكاليف يأتى بسبب الدولار وأجور العمالة وأسعار النقل، وفى نفس الوقت تراجع معدل الاستهلاك بشكل كبير، ما جعل تنفيذ المبادرة صعبًا جدًا.
■ ماذا عن قرارات الدولة لدعم قطاع الألبان؟
- الدولة اتخذت عدة خطوات فى سبيل دعم القطاع منها تطوير مراكز تجميع الألبان، لكن ما تم تطويره ودخل منظومة سلامة الغذاء لا يتخطى ٢٥٠ مركزًا على مستوى الجمهورية. وتطوير مراكز تجميع الألبان أمر مهم سيؤدى إلى زيادة كمية اللبن وجودته فى نفس الوقت، فاقتراب المراكز من المنتجين والمزارع الكبيرة له مزايا عديدة، لأن اللبن مزرعة بكتيرية، وكلما تأخر فارق الوقت بعد الحلب حتى التخزين تأثرت جودته.
وتطوير مراكز تجميع الألبان أصبح سياسة دولة، والرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه اهتم بتطوير تلك المراكز، لكن الظروف الاقتصادية والوضع الراهن يجعلان عملية التطوير بطيئة. ومراكز تجميع الألبان تلعب دورًا مهمًا فى زيادة كمية الألبان والحفاظ عليها، حيث يتم جمع الألبان من المزارع المحلية والمربين، وهذا يساعد على زيادة كمية الألبان المتاحة للتسويق والاستهلاك، وتوفر مراكز التجميع بنية تحتية متطورة لتخزين وتبريد الألبان بشكل صحى وآمن، وهذا يساعد فى المحافظة على جودة الألبان وتجنب تدهورها قبل بيعها. وتعمل المراكز على فحص الألبان المجمعة لضمان جودتها وسلامتها، ويتم فحص المكونات الغذائية والمواد الضارة لضمان أن الألبان تلبى المعايير الصحية والغذائية، وفى بعض الحالات، تعالج المراكز الألبان قبل توزيعها، وتتم إزالة الشوائب والبكتيريا الضارة وتعبئة الألبان فى حاويات مناسبة، لضمان سلامتها وطول فترة صلاحيتها.
■ هل يتم تصدير منتجات الألبان؟
- هناك شركات كثيرة تسعى للتصدير الآن، لأن التصدير أفضل من السوق المحلية، خاصة أن المنتج المصرى منتج منافس، والمنافسة صعبة جدًا لأن كل الدول تتبع منظومة سلامة الغذاء، وفى مصر بدأت منظومة سلامة الغذاء مع بداية إنشاء الهيئة منذ ٢٠١٧ لكن المعدل ما زال بطيئًا نظرًا للظروف الاقتصادية التى تُصعب من عملية التطوير والدخول فى المنظومة.
■ ما أكثر الدول المستفيدة من منتجاتنا؟
- نصدر منتجات الأجبان، وأكثر تصديرنا للدول العربية ودول الخليج عمومًا وبعض الجاليات فى أوروبا وأمريكا. والدولة تسهل وتشجع التصدير والمشاركة فى المعارض الدولية، وذلك من خلال غرفة الصناعات الغذائية، كما تساعد فى أن يكون الهيكل التنظيمى داخل المعارض مجانيًا، والمجلس التصديرى يساعد فى بيانات المعارض والاشتراك فيها وحجز الأماكن وتوفير المعلومات للمستوردين ومساعدتهم على رؤية المنتج المصرى سواء فى المعارض الداخلية أو المعارض الدولية.
■ وهل هناك معوقات تواجه التصدير؟
- التصدير للأسواق الخارجية أصبح صعبًا، فمثلًا السوق السعودية تراجع باستمرار المصانع التى تصدر، والاتجاه العام للتصدير موجود والدولة تشجع عليه، لكن الوضع الراهن عالميًا غير جيد.
ونستهدف التصدير لدول الخليج كونها الأقرب للتصدير من حيث الثقافة والقرب المكانى كما أنها الأكثر استهلاكًا، أيضًا لأن العمالة المصرية الموجودة هناك عددها كبير، وتفضل المنتج المصرى.
■ ماذا عن برنامج رد الأعباء؟
- قطاع الألبان مدرج فى منظومة رد الأعباء، لكنها للأسف حتى الآن يوجد فيها بطء شديد جدًا فى تنفيذ المنظومة رغم تنبيهات رئيس الوزراء، وتجب إعادة هيكلة منظومة رد الأعباء.
■ كيف يمكن النهوض بقطاع الألبان؟
- هناك عدة عوامل من شأنها دفع قطاع الألبان للأمام ومنها؛ توفير الدولار بسعر جيد للمستوردين، وأشيد فى هذا الصدد بمبادرة الحكومة بتوفير الدولار بسعر البنك، وهو ما يساعد الشركات على الثبات واستكمال الطريق. وقطاع الألبان أمن غذائى، ويتضمن مشروعات كثيرة بداية من مربى الماشية حتى سائق السيارة والبائع والسوبر ماركت وصولًا إلى المستهلك، بالتالى توفير الدولار بسعر جيد للمستوردين يحقق رواجًا أكبر. ومن المهم التوسع فى مزارع الألبان، فضلًا عن استهداف سلالات جديدة غير الموجودة فى مصر، لأن إنتاج اللبن منها ضعيف جدًا، علاوة على اتباع نظام تسويق أفضل للمنتج المصرى سواء داخليًا أو خارجيًا من خلال غرفة الصناعات الغذائية والمجلس التصديرى والجهات المانحة مثل وزارة التعاون الألمانى والمعونة الأمريكية، وجميعها تقدم خدمات مجانية كدعم فنى للمصانع وتدريب على منظومة سلامة الغذاء الجديدة، وأيضًا مشروع «ازدهار» لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويجب توحيد الجهود والتنسيق بين الجهات المانحة، وعلى المستوى الآخر المُصنع تكون لديه الرغبة والتجاوب للتطوير.
■ ماذا عن تصنيع الأجبان وغيرها من المنتجات؟
- تصنيع الجبن محلى بنسبة ٩٥٪، و٥٪ فقط مستورد بأنواع معينة من الجبن، والتى لا يكون عليها إقبال كبير مثل المنتج المصرى، وبشكل عام فإن هناك اهتمامًا كبيرًا من قِبل القيادة السياسية بمراكز تجميع الألبان، والتى سوف يكون لها مردود قوى على منتجات الألبان وهى من الصناعات الحيوية والمهمة للاقتصاد، وتسعى إلى تطوير هذه الصناعة وتحسين جودة المنتجات الألبانية المصرية، وذلك من خلال توفير الدعم والتشجيع للمزارعين والمربين والمصانع المتخصصة فى هذا المجال.