نائب رئيس مجلس الدولة: الانتخابات الرئاسية استحقاق دستورى يبرز الوجه الحضارى لمصر
قال المستشار محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، إن منطقة الشرق الأوسط تمر بظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، حيث يشهد عالم اليوم مخاطر محتملة وتحولات سياسية وثقافية واستراتيجية كبيرة نتيجة احتكار النظام الأحادي وصراع الدول الكبرى لجعله متعدد الأقطاب.
وأضاف: ويأتى الاستحقاق الدستوري المصري بإجراء الانتخابات الرئاسية وسط زخم هذه الأحداث، وما يهم المواطن المصرى هو أن يأتي رئيس قوي قادر علي مواجهة التحديات للحفاظ على قوة مصر فى ظل ملفات دولية وإقليمية غير طبيعية ومعقدة مما يستلزم استنهاض الوعي العام بالمشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية.
وأجرى القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المعروف بدراساته القومية والوطنية دراسة قيمة بعنوان “ضمانة المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية الطريق الآمن لاستقرار الوطن وتنميته”.
وهي دراسة تحليلية فى ضوء العالم السياسي الجديد ودور قوى السيادة الاجتماعية فى حوار الجماهير، ونعرض فى الجزء الثانى عن رؤية المفكر الكبير لدور الشباب فى المشاركة الشعبية فى تلك الانتخابات من خلال عدة أفكار أهمها أن الانتخابات الرئاسية استحقاق دستوري يبرز الوجه الحضاري لمصر يجب أن يكون الشباب على قمة مسئولياته.
ترسيخ مفاهيم الديموقراطية
وأوضح أن العمل الحزبى محظور فى الجامعات لكن تثقيف الطلاب سياسيًا جائز ومطلوب لتعويدهم على القيادة، وأنه يجب على القيادات الجامعية تبصير الطلاب بأسس التربية السياسية الصحيحة فى الحوار والعبء الأكبر لترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العمل الطلابى على النحو التالى:
أولًا: الشباب عانى طويلًا من تهميشه في العمل السياسي، والقاعدة المعروفة عالميًا إذا أهملت الشباب أهملك الشباب وعلى رؤساء الجامعات العبء الأكبر لترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العمل الطلابى.
يقول الدكتور محمد خفاجى لقد عانى الشباب طويلًا من تهميشه في العمل السياسي، والقاعدة المعروفة عالميًا إذا أهملت الشباب أهملك الشباب، وظل الشباب فترات طويلة خاضعًا تحت تأثير الفكر الرعوى والأبوى مما جعله غير قانع بالمشاركة في الشأن العام، والشباب يجب تعويده أولًا على القيادة والمشاركة التنظيمية والتى تبدأ في الاتحادات الطلابية بالجامعات ثم تأتى دور المنظمات غير الحكومية.
ويضيف مع ملاحظة أن الاتحادات الطلابية هى النواة الأولى لتعليم الشباب معنى التنظيمات الشرعية، وعلى رؤساء الجامعات العبء الأكبر لترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العمل الطلابى، لأن الاتحادات الطلابية هى التنظيمات الشرعية التى تعبر عن آراء الطلاب وطموحاتهم بالجامعات والكليات والمعاهد، ويمارسون من خلالها كافة الأنشطة الطلابية في إطار التقاليد والقيم الجامعية الأصيلة وهى التى ترعى مصالحهم وتقوم على التنظيم الطلابى وكفالة ممارسته وتمثيل الطلاب أمام الجهات المعنية.
ويشير إلى أن الأهداف التى تسعى إليها الاتحادات الطلابية كتنظيم شرعى للتعبير عن الآراء المسئولة فقًا لما نصت عليه المادة 318 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2523 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، وعلى قمة الأهداف التى ترمى إليها هذه الاتحادات الطلابية – وفقًا للمادة 219 من ذات اللائحة - العمل على إعداد كوادر طلابية قادرة على تحمل المسئولية وترسيخ الوعى الوطنى وإعلاء قيمة الانتماء والقيم المجتمعية وتعميق أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة لدى الطلاب.
ثانيًا: العمل الحزبى محظور فى الجامعات لكن تثقيف الطلاب سياسيًا جائز ومطلوب لتعويدهم على القيادة وإطلاعهم على أحداث المجتمع وتوعيتهم بكافة قضاياه.
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن العمل الحزبى محظور فى الجامعات، ولكن العمل السياسى وليس الحزبى حق أصيل للطلاب داخل الجامعات وهى المكان الجامع الذى تنصهر في بوتقته قدرات الطلاب من النواحى العلمية والثقافية والسياسية والاجتماعية، وذلك من خلال ممارستهما لحقين دستوريين هما حقى الترشيح والانتخاب فى الاتحادات الطلابية لتنمية القيم الروحية والأخلاقية والوعى الوطنى والقومى بينهم وتعويدهم على أصول القيادة وإتاحة الفرصة لهم للتعبير المسئول عن آرائهم.
ويضيف المفكر الكبير أنه يجب أن يجد الطلاب متنفسًا لممارسة العمل السياسى دون الحزبى بالجامعة بشكل صحيح ولن يكون ذلك مستقيمًا إلا إذا قام الأساتذة بتثقيف الطلاب سياسيًا لإطلاعهم على أحداث المجتمع وتوعيتهم بكافة قضاياه من خلال الأنشطة الطلابية حتى يتخذوا مواقفهم بصورة مستنيرة حتى تتحقق الاستفادة المرجوة من طاقات الطلاب فى خدمة المجتمع بما يعود على الوطن بالخير والتقدم بحسبانهم أمل الوطن فى مستقبل أفضل.
ويؤكد أنه ليس أدل على ممارسة الطلاب لحقوقهم السياسية داخل أسوار الجامعة من حقي الترشيح والانتخاب للاتحادات الطلابية كصورة مصغرة لممارسة حقوقهم السياسية فى المجتمع بعد التخرج، ومن ثم لا يوجد أي قيود على أن يناقش الطلاب الأمور السياسية بحيث يجب أن يبقى الفكر السياسى للطلاب حرًا طليقًا من كل قيد طالما أنه يصب فى النهاية لصالح الوطن، لكن يجب ألا يتجاوز استخدام هذا الحق داخل الجامعات إلى إنشاء تنظيمات حزبية أو سرية أو كيانات غير مصرح بها قانونًا وسواء بالنسبة للطلاب أو الأساتذة، فهذا أمر محظور داخل الجامعات.
ثالثًا: على القيادات الجامعية تبصير الطلاب بأسس التربية السياسية الصحيحة فى الحوار لمواجهة عزوف الشباب عن المشاركة السياسية فى البلاد والاهتمام بتجارب الدول المتقدمة فيما يتعلق بالبرلمانات الشبابية.
يقول الدكتور محمد خفاجى إن ظاهرة عزوف طلاب الجامعات عن المشاركة فى الانتخابات لا تخرج من فراغ وإنما ترجع فى الأساس إلى تقصير القيادات الجامعية فى القيام بواجبها نحو تبصير الطلاب بأسس التربية السياسية الصحيحة لهم والتقصير عن أداء واجبهم كذلك فى الحوار والنقاش وقبول الرأي الآخر والموعظة الحسنة وتعليمهم - وهم الأمانة فى أعناقهم – بأساليب حقى الترشيح والانتخاب الحر النزيه لممثليهم من خلال الاتحادات الطلابية، وذلك للحد من ظاهرة عزوف الشباب عن المشاركة السياسية فى البلاد مع الاهتمام بتجارب الدول المتقدمة فيما يتعلق بالبرلمانات الشبابية التى يجدون فيها الفرصة للتعبير عن أنفسهم للحيلولة دون احتكار الجيل القديم مواقع القوة والنفوذ فى جميع مؤسسات الدولة والتى يكاد يكون دور الشباب فيها محدودًا وضئيلًا فيما مضى من عقود.
ويشير إلي أنه يجب أن تزكى الجامعات فى نفوس الشباب قيمة عليا من قيم المجتمع وتبلور إحساسًا وشعورًا رفيعًا لمعنى من المعاني السامية وأهمها المعاني التى تجسد قيمة العقل وأهمية الإبداع، وتلك التى تتعلق بقيم الحق والعدل والشجاعة والمساواة بين الناس كافة، واحترام الأخرين وجودًا ورأيًا وحرية وتقبل الآخر بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو عنصره أو أصله الاجتماعى أو اعاقته أو أى وجه من وجوه التمييز، وتلك التى تربط بين الوطنية والوطن بما يكفل إعلاء الانتماء والولاء لمصر.
رابعًا: الانتخابات الرئاسية استحقاق دستورى يبرز الوجه الحضاري لمصر يجب أن يكون الشباب على قمة مسئولياته
يؤكد الدكتور محمد خفاجى أن الاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات الرئاسية، حدث وطني هام، يبرز الوجه الديمقراطي الحضاري المشرق لمصر يجب أن يكون الشباب على قمة مسئولياته، ووسيلة لتجديد الحياة السياسية ، وهم القوة الفاعلة في مسيرة الديمقراطية التي تعد أهم منجزات هذا الوطن، ويجسد واقع وإنجازات التجربة الديمقراطية المصرية في مجالي الأمن والتنمية.
ويختتم المفكر الكبير: على هذا الأساس فإن الانتخابات الرئاسية، تشكل مفصلًا ديمقراطيًا هامًا، وهى ترجمة لإرادة سياسية حقيقية بإجرائها وفقًا لأعلى المعايير الدولية لدرجات النزاهة والشفافية، بحيث تكون كما أرادها المشرع الدستورى، نموذجًا في النزاهة والحيادية والشفافية، ومحطة هامة في مسيرة الإصلاح الوطني وإنحيازًا للديمقراطية والدستور.