وزير الرى: مصر تعانى تحديات ندرة المياه والشروع فى تشغيل سد النهضة خرقًا للقانون الدولى
شارك الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى، في افتتاح "المؤتمر العربي الخامس للمياه" والذى انطلقت فعاليات اليوم الأربعاء الموافق ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٣ على مدى يومين بالمملكة العربية السعودية تحت عنوان "التنمية المستدامة في المنطقة العربية.. الهدف السادس- التحديات والفرص"، لبحث رؤية مستقبلية لتحقيق الأمن المائي المستدام في الوطن العربي، واعتماد خارطة طريق ملهمة لتحقيق أمن مائي عربي مستدام.
كما شارك الدكتور هاني سويلم في إجتماعات الدورة الخامسة عشر لـ"المجلس الوزاري العربي للمياه" والتي عُقدت اليوم الأربعاء الموافق ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٣ لمناقشة إجراءات تنفيذ الخطة التنفيذية لاستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة، وكذلك متابعة خطة التنمية المستدامة ٢٠٣٠ فيما يخص قطاع المياه بالمنطقة العربية، وتعزيز ودعم التعاون العربي في استغلال الموارد المائية المشتركة.
وخلال اجتماعات الدورة الخامسة عشر لـ"المجلس الوزاري العربي للمياه".. ألقى الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى كلمة اشار فيها لما تعانيه المنطقة العربية من ندرة المياه منذ زمن طويل، حيث أدت العديد من العوامل والتحديات في العقود الأخيرة لتفاقم الضغوط على موارد المياه العذبة بما في ذلك النمو السكاني والهجرة وأنماط الاستهلاك المتغيرة والنزاعات الإقليمية وتغير المناخ ونظم الإدارة، كما تعد المنطقة العربية الأكثر ندرة في المياه بين جميع مناطق العالم، حيث تقع عدد ١٩ دولة من بين ٢٢ دولة عربية في نطاق شح المياه، ويفتقر ما يقرب من ٥٠ مليون شخص لمياه الشرب الأساسية، ويعيش نحو ٣٩٠ مليون شخص في المنطقة - أي ما يقرب من ٩٠% من إجمالي عدد السكان - في بلدان تعاني من ندرة المياه، حيث تشير تقارير للأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية إلى وجود أربعة تحديات رئيسية تؤثر على إدارة الموارد المائية في المنطقة العربية، وهذه التحديات هي (ندرة المياه والاعتماد على الموارد المائية المشتركة وتغير المناخ والأمن الغذائي).
وأشار الدكتور سويلم لما يواجهه إخواننا في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تحديات متزايدة لتوفير إحتياجاتهم من المياه، حيث تمثل الهجمات الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة تهديدًا خطيرًا للوضع الإنساني مما يثير قلقًا كبيرًا، خاصة فيما يتعلق بخدمات المياه والصرف الصحي المتاحة للسكان المدنيين المحاصرين، على الرغم من أن توفير المياه هي خدمة انسانية يكفلها القانون الدولي الإنساني.
كما لا يمكن إغفال آثار الحروب على إمداد السكان بالاحتياجات الضرورية للحياه فيما يتعلق بإمدادات المياه والغذاء والكهرباء مثلما هو الوضع في قطاع غزة المنكوب، فبالإضافة لما خلفه العدوان على الأراضى الفلسطينية المحتلة والذى حصد أرواح ما يزيد علي ١١ ألف شهيد في غضون شهر فقط، فإن تدهور الأوضاع الإنسانية وفقدان الاحتياجات الأساسية للحياه يجعل هذا الرقم قابل للزيادة بصورة كبيرة.
وأكد الدكتور سويلم وقوف مصر بجانب أشقائنا العرب إزاء الأحداث المتطرفة التي شهدتها البلدان العربية سواء ما يتعلق بالإعصار الذى ضرب ليبيا الشقيقة أو الفيضانات الغزيرة التي ضربت الصومال الشقيقة، وهو ما أسفر عن مقتل ونزوح المئات وخلف خسائر مادية جسيمة، متوجها بالدعوة لدعم الصومال الشقيق لتحديد احتياجاتها وأولوياتها فيما تواجهه من أزمة إنسانية كبيرة من خلال صناديق التمويل وتسيير قافلات الإغاثة والإيواء.
وأشار إلى أن مصر تعد خير مثال للدول التي تعاني من العديد من التحديات المترتبة على ندرة المياه وتغير المناخ، وهو ما إنعكس على إهتمام مصر الكبير بملف المياه والتغيرات المناخية باعتباره أحد أهم الملفات الحيوية والمصيرية للدولة المصرية، حيث تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدل الأمطار التي لا تتجاوز ١.٣٠ مليار متر مكعب، مع الاعتماد شبه المطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨% والذى يأتي من خارج الحدود، ويبلغ نصيب الفرد في مصر من المياه سنويًا نصف حد الفقر المائي عالميًا، وعليه يتم سد الفجوة بين الموارد المائية المتاحة المقدرة بنحو ٦٠ مليار متر مكعب والطلب على المياه المقدر بـ ١١٥ مليار متر مكعب عن طريق إعادة استخدام ٢١ مليار متر مكعب، بالإضافة إلى استيراد ما يفوق ٣٤ مليار متر مكعب من المياه الافتراضية لسد الفجوة الغذائية، بخلاف تحديات التغيرات المناخية من خلال ارتفاع مناسيب البحر وزيادة موجات الحرارة العالية، وتزايد موجات الأمطار والجفاف.
أكد سويلم أن وجود تعاون مائي فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمرًا وجوديًا، ولكي يكون هذا التعاون ناجحًا، فإن ذلك يتطلب إدارة الموارد المائية المشتركة على مستوى الحوض بإعتباره وحدة متكاملة، كما يتطلب ذلك مراعاة الالتزام غير الانتقائي بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن.
واتصالًا بذلك، تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ، والتي يُعد أحد أمثلتها سد النهضة الإثيوبي الذي تم البدء في إنشائه دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن سلامته أو آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع في التشغيل بشكل أحادي، وهو ما يمثل خرقًا للقانون الدولي ولا يتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر عام ٢٠٢١.
وضع المياه في قلب العمل المناخي العالمى
وعلى الصعيد الدولى، إنخرطت مصر بفاعلية في كافة المبادرات الدولية المائية، حيث تمكنت مصر خلال رئاستها لمؤتمر المناخ وبالتعاون مع الشركاء الدوليين من وضع المياه في قلب العمل المناخي العالمى، وتنظيم مائدة مستديرة رئاسية عن الأمن المائي، واستضافة جناح خاص للمياه، ويوم خاص للمياه، كما تم تتويج كل هذه الجهود بإدراج المياه للمرة الأولى على الإطلاق في القرار الجامع الصادر عن مؤتمر المناخ.
كما تشرف مصر برئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو) لمدة عامين، حيث تعمل مصر خلال رئاستها في الدفع بإحراز تقدم في ملف المياه على مستوى القارة الإفريقية، فضلًا عن أبراز تحديات القارة على الأجندة العالمية.
كما قامت مصر بدور فعال في القيادة المشتركة مع دولة اليابان في الحوار التفاعلى الثالث حول المياه والمناخ، والذي أسفر عن توصيات مهمة تساعد في رسم خارطة الطريق لعقد الأمم المتحدة للمياه المقرر عام ٢٠٢٨.
وتقوم مصر بصفتها رئيسًا لمجلس وزراء المياه الأفارقة بقيادة إدارة الحوار الإقليمي الإفريقي للمنتدى العالمي العاشر للمياه والمزمع عقده في بالي بدولة إندونيسيا عام ٢٠٢٤.
وفى هذا الاطار.. أكد الدكتور سويلم دعم مصر الكامل للمملكة العربية السعودية لاستضافة المنتدى العالمى الحادى عشر للمياه، والذى سيُعقد عام ٢٠٢٧ وتسخير كافة إمكانياتها لدعم المملكة في هذا الشأن.
واشار أيضا لإطلاق مصر لمبادرة العمل بشأن التكيف مع المياه والقدرة على الصمود (AWARe) في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف بالتعاون مع العديد من المنظمات الدولية كمبادرة محورية للتصدي لتحديات تغير المناخ من خلال حلول فعالة لإدارة المياه، وتتكون مبادرة AWARe من ٦ مسارات عمل تغطي موضوعات مختلفة تتعلق بالمياه والمناخ، وتتميز المبادرة بطبيعة فريدة تعتمد في المقام الأول على تلبية إحتياجات وتحديات الدول والبلدان النامية، وتركز على نهج فعال للعمل على الاستجابة لتلك الاحتياجات، فمنذ إطلاق المبادرة تم إنشاء لجنة توجيهية دولية متعددة الاطراف لإدارتها، وتم عقد الاجتماع الأول لها في إسبوع القاهرة السادس للمياه في ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣، كما تم إطلاق سكرتارية المبادرة لتنسيق الجهود والتي تستضيفها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جينيف، وقد بدأت هذه المبادرة أنشطتها.. حيث تستضيف مصر أول مركز إقليمي لبناء القدرات وهو "المركز الإفريقي للمياه والتكيف مع المناخ"، وتم صياغة أنشطة لتنمية القدرات، كما أنه جار العمل على صياغة مشروعات جاذبة للتمويلات المناخية بالتعاون مع المنظمات الأممية العاملة في مجال المياه تنفذ بالدول الشريكة - على سبيل المثال وليس الحصر (اليونسكو – الفاو - برنامح الأمم المتحده الانمائى) -، كما أكدت أكثر من ١٦ دولة- حتى الآن- منهم ٦ دول عربية هى (السودان - لبنان – المغرب - تونس – العراق – الأردن) عن رغبتها في الإنضمام للمبادرة، ومن المتوقع مضاعفة هذا العدد بحلول الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف عن طريق الجهود المتواصلة؛ للتوسع في مناطق أخرى من العالم.
وتوجه الدكتور سويلم بالدعوة للدول العربية للإنضمام للمبادرة لتحقيق الزخم والنجاح المطلوب، وبما يُمكن من العمل في مجموعة من المشروعات بصورة مشتركة للتكيف مع التغيرات المناخية للحد من الآثار السلبية لها، وبما يُمكن الدول من الاستفاده من صندوق الخسائر والأضرار، والدعوة للمشاركة في إجتماع اللجنة التوجيهية لمبادرة AWARe والمقرر عقده يوم ١٠ ديسمبر ٢٠٢٣ بجناح المياه خلال مؤتمر COP28 والذى سيتم خلاله تحديد إحتياجات الدول سواء مشروعات تنفيذية أو بناء قدرات.