اقتل ثم اكذب.. وسائل إعلام غربية تفضح «الحليفة» إسرائيل: «معلوماتك مضللة»
يتواصل فضح أكاذيب الآلة الإعلامية الإسرائيلية بشأن الحرب التى تشنها على قطاع غزة يومًا تلو الآخر، ليس فقط من خلال وسائل الإعلام العربية المؤيدة للقضية الفلسطينية، بل أيضًا من قِبل وسائل إعلام غربية وأمريكية، أجبرتها فداحة الكذب الإسرائيلى على عدم غض الطرف.
آخر هذه الوسائل الإعلامية شبكة «NBC NEWS» الأمريكية، التى ذكرت أنه «على الرغم من بذل آلة العلاقات العامة الإسرائيلية جهدًا كبيرًا خلال الأسابيع الأخيرة، لتأكيد أن قصفها لغزة كان ضروريًا، ونُفذ بطريقة تهدف لتقليل الضحايا بين المدنيين، روجت إسرائيل معلومات غير دقيقة أو متضاربة».
وأضافت الشبكة الأمريكية أن «إسرائيل سمحت لوسائل الإعلام الدولية، بما فى ذلك صحفيو «NBC NEWS»، بالوجود مع جنودها فى غزة خلال الفترة الماضية، كما حافظت على إيقاع ثابت من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعى، وجعلت متحدثيها متاحين للظهور على شاشة التليفزيون دائمًا، لكن فى تواصلها الأخير مع الجمهور، نشرت إسرائيل عدة معلومات غير دقيقة أو متضاربة».
واستدلت «NBC NEWS» على ذلك بواقعة نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى، دانيال هاجارى، صورة لـ«تقويم» مُدون فيه «أيام الأسبوع» باللغة العربية، واعتباره «جدولًا زمنيًا لحراسة عناصر من (حماس) للمحتجزين خلال عملية (طوفان الأقصى)»، داخل مستشفى «الرنتيسى» للأطفال فى غزة.
كما استدلت على نشر المتحدث نفسه «ستائر»، سواء فى مستشفى «الرنتيسى» أو «الشفاء»، وسؤاله عنها: «لماذا توجد ستائر دون نوافذ»، لإثبات أنها تستخدم كـ«خلفيات لتصوير مقاطع فيديو للرهائن».
وواجهت الشبكة الأمريكية جيش الاحتلال بهذه الوقائع فلم ينفها، واكتفى بالقول إنه أصدر «تصحيحًا سريعًا» لتعليق المتحدث باسمه بشأن «التقويم»، قبل أن يزيد فى «البجاحة» ويضيف: «أى تلميحات بأن الجيش الإسرائيلى يتلاعب بوسائل الإعلام غير صحيحة».
وواصل تهربه من الاعتراف بكذبه، وقال، فى بيان عن الواقعة ذاتها: «إننا نتخذ جميع الاحتياطات اللازمة للإبلاغ عن أكبر قدر ممكن من المعلومات، مع الحفاظ على سلامة قواتنا واستعدادنا العملياتى».
وإلى جانب «أيام الأسبوع» التى تحولت إلى «قادة حماس»، والكشف الاستخباراتى المُضحك بشأن «الستائر»، هناك واقعة أخرى تكشف نشر إسرائيل أكاذيب بشأن حربها فى غزة، تتمثل فى فيديو نشره أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى للإعلام العربى، على منصة «X»، قال إنه «يُظهر سكان غزة وهم يزيفون إصاباتهم بالمكياج».
وعلى الرغم من أن عددًا كبيرًا من المتابعين صححوا لـ«الكاذب باسم نتنياهو»، وبينوا له حقيقة ما نشره، وأن اللقطات فى الفيديو من فيلم لبنانى قصير عن معاناة الفلسطينيين، صدر بتاريخ ٢٨ أكتوبر الماضى، لم يُحذف من على حسابه حتى الجمعة الماضى.
ودفعت «فداحة» الكذب الإسرائيلى عددًا من حلفائها إلى تحذيرها من مغبة ذلك على موقفها أمام العالم، الذى يتهاوى يومًا بعد يوم، فى ظل المجازر التى ترتكبها يوميًا فى قطاع غزة والأراضى المحتلة.
ونبه خبراء مؤيدون لإسرائيل، فى تقرير الشبكة الأمريكية، إلى أن «استخدام الأدلة المشكوك فيها، من الممكن أن يؤدى إلى إضعاف مصداقية إسرائيل». وقال إتش آى هيلير، الباحث البارز فى مؤسسة «كارنيجى» للسلام الدولى: «يتم الإضرار بالمصداقية الإسرائيلية، ووقتها حتى لو نشرت شيئًا حقيقيًا فلن يصدقه أحد».
ولم يقتصر الأمر على «NBC NEWS»، وكذبت عدة وسائل إعلامية غربية المزاعم الإسرائيلية بشأن احتواء مجمع «الشفاء الطبى» على مركز قيادة لـ«حماس».
وشككت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى قدرة إسرائيل على إثبات أن مستشفى «الشفاء» كان يضم مركز قيادة «حماس»، مشيرة إلى أن «الأدلة التى قدمها الجيش الإسرائيلى لم تثبت بشكل مباشر صحة هذا الادعاء».
ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكى القول: «بسبب عدم وضعها الاستراتيجية المناسبة، تحاول إسرائيل تبرير ارتفاع عدد القتلى المدنيين، من خلال محاولة إثبات أن (حماس) كانت تستخدم المستشفى كمركز قيادة».
وأضافت الصحيفة أن «جزءًا كبيرًا من الرواية الإسرائيلية يستند إلى أن مراكز قيادة (حماس) تحت المستشفيات، ما يجعل المدنيين دروعًا بشرية، وبالتالى هى جريمة حرب، لكن استهداف المستشفى يعد أيضًا جريمة حرب فى معظم الظروف»، منبهة إلى أن «الرأى العام العالمى تحوّل ضد إسرائيل، مع ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين».
وفى مجلة «فورين بوليسى» العريقة، قال هوارد فرينش إن «الأدلة التى قدمها جيش الاحتلال الإسرائيلى لإثبات أن مستشفى (الشفاء) استُخدم كمركز عمليات لحركة (حماس)، زادت الشكوك بشأن صحتها».
وأضاف «فرينش»: «سواءً ثبت أن مستشفى (الشفاء) كان قاعدة رئيسية لـ(حماس) أم لا، فإن هذه الحملة الإسرائيلية اتخذت طابع العقاب الجماعى والعشوائى».
ورأى أن «السبيل الوحيد لمنع ارتكاب إبادة جماعية هو التوقف عن تبرير أى عمل عنيف تتخذه إسرائيل ضد غزة واعتباره مشروعًا، لأن هدفها النهائى يتلخص فى القضاء على (حماس)».
وتابع: «يتعين على الغرب، الذى سارع إلى دعم إسرائيل فى أعقاب ٧ أكتوبر، أن يتحلى بالشجاعة الأخلاقية لمنع تفاقم هذه الأحداث».
وقال جوليان بورجير، فى صحيفة «الجارديان» البريطانية: «القوات الإسرائيلية بذلت جهودًا لتصوير المجمع الطبى كمقر لحركة (حماس)، لكن الأدلة المقدمة غير كافية، وأقل بكثير مما زعمت وجوده، وهى موضع تساؤل».
كما أشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، لم تدعم العمليات الإسرائيلية فحسب، بل قدمت ادعاءات مستقلة حول مستشفى «الشفاء»، بناءً على معلوماتها الاستخباراتية، معتبرًا أن «غياب الأدلة حتى الآن يعيد إلى الأذهان إخفاقات الاستخبارات الأمريكية السابقة، خاصة تلك التى سبقت غزو العراق»، وهو ما يزيد من عزلة واشنطن على المسرح العالمى، ويعمّق الخلافات الكبيرة بالفعل داخل الإدارة نفسها.
أما مجلة «إيكونوميست» البريطانية فسألت: «هل كان الهجوم الإسرائيلى على مستشفى (الشفاء) مبررًا؟». ومع أنها اعتبرت أنه من السابق لأوانه التوصل إلى حكم نهائى، أكدت أن «إسرائيل لم تقدم حتى الآن أدلة تثبت أن المستشفى منشأة عسكرية كبيرة».