حرب غزة تُجبر الاتحاد الأوروبى على العودة للشرق الأوسط ورفض الانفراد الأمريكى
أكد بول جيليسبي، الكاتب الأيرلندي، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن تفويض وترك مسألة الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فهذه المنطقة باتت مرتبطة بأمن دول الاتحاد الأوروبي ولهذا عليه خلق سياسة خارجية أكثر تماسكًا ومصداقية تجاه الشرق الأوسط، ويجب عليه أن يكون واضحًا بشأن ما يريده.
وقال بول جيليسبي (Paul Gillespie) في مقال له اليوم بصحيفة "إيرش تايمز" (irish times)، إن الاتحاد الأوروبي كان غائبا للغاية عن منطقة الشرق الأوسط وفوضوا الولايات المتحدة بشأنه، ولكن يتعين على أوروبا أن تشارك بشكل أكبر فيما يخص هذه المنطقة كما قال جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، بعد اجتماع وزراء الخارجية بشأن غزة هذا الأسبوع، قبل التوجه في جولة في الشرق الأوسط لتقديم سياسة أكثر تماسكا للاتحاد الأوروبي بشأن الأزمة.
متطلبات تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط
وأوضح بول جيليسبي أنه من المؤكد أن هذه المهمة مطلوبة بعد أن أقنعت الانقسامات الكارثية العديدة بين الدول الأعضاء العديد من القادة والمواطنين في المنطقة بأن الاتحاد الأوروبي لاعب غير جاد ومنافق في السياسة الخارجية.
تحدث بوريل عن قول "لا" لثلاثة أشياء و"نعم" لثلاثة أشياء أخرى، فقد قال لا لأي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة، ولا لإعادة احتلال دائم من قبل الجيش الإسرائيلي أو أي تغيير في حجم غزة، ولا لعودة حماس. وقال إنه يجب أن تكون هناك "سلطة فلسطينية"، والتي يمكن أن تكون نسخة "معززة" من السلطة الفلسطينية الحالية التي تدير الضفة الغربية، "مع شرعية يحددها ويقررها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، كما يتعين على الدول العربية أن تشارك بقوة أكبر في دعم هذه السلطة، كذلك يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشارك بشكل أكبر في المنطقة، وخاصة في بناء الدولة الفلسطينية.
وأضاف "إنه مثال جيد على نهج بوريل القاسي والجاهز في أداء وظيفته وهو اشتراكي إسباني، وهو متناغم مع معرفة إسبانيا بالعالم العربي وتعاطفها النسبي مع الفلسطينيين مقارنة بالتضامن الألماني والنمساوي والتشيكي مع إسرائيل".
وقال بول جيليسبي إن جهود بوريل قد تعرضت لصياغة موقف أكثر تماسكا للاتحاد الأوروبي لانتقادات من قبل ممثلي هذه الدول فهي التي تحدد السياسة؛ ولكنه محق حين يقول إن الاتحاد الأوروبي كان غائبًا إلى حد كبير عن هذه المهمة في الأعوام الأخيرة وهذا يعني ضمنًا إمكانية تهميش القضية الفلسطينية وتجاوزها.
وأشار بول جيليسبي إلى أن بوريل أيد وصف المفوضية الأوروبية لنفسها بأنها جيوسياسية عندما تم تعيينها في عام 2019، وفي خطاب ألقاه عام 2022 قال أيضا إن أوروبا حديقة فهي أفضل مزيج من الحرية السياسية والازدهار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي تمكنت البشرية من بنائه لكن بقية العالم ليس كذلك فمعظم بقية العالم عبارة عن غابة، ويمكن للغابة أن تغزو الحديقة.
وردًا على الانتقادات الموجهة إلى هذا الخطاب باعتباره "مركزية أوروبية استعمارية"، قال بوريل "لكن الحرب عادت الآن إلى أوروبا وفي جميع أنحاء العالم، ونحن نرى تحولًا في الجغرافيا السياسية. إننا نواجه عالمًا من سياسات القوة مع تسليح الاعتماد المتبادل والمزيد من الأمثلة على البلدان التي تستخدم القوة والترهيب والابتزاز لتحقيق مرادها. إن نمو هذا العالم الخارج عن القانون والفوضى هو ما قصدته عندما تحدثت عن "الغابة".
حرب غزة تضغط على الاتحاد الأوروبي
وقال بول جيليسبي إن غزة أبرزت تميز مواقف السياسة الخارجية الأيرلندية تجاه الشرق الأوسط وربطتها بالعمل الدبلوماسي الإيجابي والمتعدد الأطراف من خلال الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة فهي تجربة غير عادية وقيمة تعكس خبرة القوات الأيرلندية في خدمة قوات اليونيفيل على مدى أكثر من 40 عامًا في لبنان والإلمام الشعبي بالقضايا المطروحة على المحك نتيجة لذلك.
وأوضح بول جيليسبي أن إحدى وجهات النظر تشير إلى أن التغلب على المركزية الأوروبية الاستعمارية يتطلب بذل جهود لإلغاء مركزية التجربة الأوروبية وجعلها إقليمية مقارنة بأجزاء أخرى من العالم، يتبعها قدر أكبر من المشاركة وبناء سياسات أكثر مساواة وإذا كان الاتحاد الأوروبي يريد خلق سياسة خارجية أكثر تماسكا ومصداقية تجاه الشرق الأوسط، فإنه يحتاج إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لهذه النصائح لأنها تميز نفسها من الولايات المتحدة، على غرار ما يقترحه جوزيب بوريل.