"أهم أسباب الليل".. ذكريات المثقفين فى مقاهى القاهرة يرويها عبده جبير
فجع الوسط الثقافي المصري بخبر رحيل الكاتب عبده جبير، والذي غادرنا أمس الخميس، عن عمر ناهز السادسة والسبعين، مخلفا وراءه حصيلة إبداعية وأدبية لا تنسي، من بينها كتابه "أهم أسباب الليل" شهادات معلقة في رقبة المؤلف. والصادر عن دار آفاق للنشر 2015.
عبده جبير يتذكر حكاياته مع "سرور ودنقل والطاهر عبد الله"
ضم كتاب “أهم أسباب الليل”، للكاتب الروائي عبده جبير، العديد من الذكريات والحكايات عن أصدقائه من الكتاب والمبدعين خاصة من جيل الستينيات، وقتها كان “جبير” شابا قادما من أقاصي الصعيد ليشق طريقه الأدبي الإبداعي في عاصمة الثقافة المصرية القاهرة.
كانت مقاهي المثقفين في القاهرة، وفي القلب منها مقهى “ريش”، مسرحا للأحداث والحكايات التي روي عبده جبير، جانبا منها. من بين هذه الذكريات ما شهد عليه بين أمل دنقل ونجيب سرور.
ويقول عبده جبير في كتابه “أهم أسباب الليل”: كنت أجلس في مقهي ريش وجاء الشاعر أمل دنقل عرقان غاضب وقال لي بغضب: روح شوف نجيب بيهبب إيه في التحرير؟ كان أمل دنقل يتعامل بروح القبيلة مع كل الكتاب والشعراء المحيطين به، فنجيب الذي كان بالنسبة له، الآن، يقوم بفعل يشين القبيلة (قبيلته) قد أثار غيظه إلى هذا الحد، فقد كان أمل يغار عليه وكأنه ابن العم الذي خرج عن الطوع.
ويضيف عبده جبير: رأيت يحيي الطاهر عبد الله، كاتب القصة القصيرة، على الجانب الأخر من الرصيف المقابل للمقهى، يقف ليضخ نصائحه في سمع شاب، يبدو أنه كان يعمل على تجنيده في ما كان غالب هلسا، الكاتب والمفكر الأردني الذي عاش في مصر قرابة ربع قرن، يقول عنهم «ميليشيا يحيى الطاهر عبد الله» أسرعت في اتجاهه مهللا: يا يحيى، تعالى نشوف نجيب بيعمل إيه في الميدان؟
كان يحيى منشغلا ببث أفكاره الثورية في عقل الشاب، فقال: بيكون بيعمل إيه يعني؟ دا بيمثل. وبالفعل، هرولت حتى وصلت إلى الميدان: رأيت نجيب سرور يقوم بأداء عرض مسرحي كامل، ممسكا بيد ابنه الصغير الأشقر الجميل، فريد: ألاؤنا، ألا تري، مين يشتري الورد مني.
وتذكرت أنني حين رأيته، منذ ليال مضت، على خشبة وكالة الغوري يقوم بالتمثيل في مسرحية «أوكازيون» أحسست ساعتها بأن مساحة المسرح ضيقة على هذا الممثل العبقري، وها أنا ذا أراه وقد وجد الحل: التمثيل في أكبر ميادين القاهرة. في التحرير. فهذا هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يستوعب هذه الطاقة الفنية الجبارة.
وعن أمير القصة العربية، يروي عبده جبير حكاية طريف أيضا في كتابه أهم أسباب الليل: “كان يحيي الطاهر عبد الله قد ارتكب كارثة كبري في بيت محمود الورداني٬ صرف فلوس جمعية كانت والدته الرفيقة ”نعمات" مسئولة عنها٬ فهي فلوس الجمعية وليست فلوسها٬ صرفها علي الشراب طبعا٬ لأنه كان في حاجة شديدة إليه٬ الأهم أنه تسبب في انقسام بين الأشقاء الثلاثة عبد العظيم ومصطفي ومحمود الورداني ووالدتهم الشهيرة في الوسط الأدبي بـ "ماما" أو "الرفيقة نعمات" فقد أطعمت وأوت نصف هذا الوسط الثقافي اللعين٬ وها هو يحيي يجور علي فلوس الجمعية٬ ويحدث هذا الإنقسام الخطير".