فى ذكرى ميلاده.. كيف وثّق إدوارد سعيد تعامل المجتمع الأمريكى مع القضية الفلسطينية؟
تحل اليوم الأول من نوفمبر، الذكرى الـ88 لميلاد الكاتب والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، والذي ولد عام 1935، ويعد أحد أبرز المفكرين العرب في القرن العشرين، الذين حملوا على عاتقهم القضية الفلسطينية.
وصفه روبرت فيسك بأنه أكثر صوتٍ فعالٍ في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وفي التقرير التالي، نتعرف على أبرز ما جاء في كتابه "القضية الفلسطينية والمجتمع الأمريكي" الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
يرتكز الكتاب على محاضرة ألقاها الدكتور إدوارد سعيد في سياق سلسلة المحاضرات والندوات التي قدمها خلال وجوده كزائر باحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في شهري يوليو وأغسطس 1979. وقد تناول من خلال هذه الدراسة الإطار العام للآراء المختلفة في الولايات المتحدة بصدد القضية الفلسطينية.
يشير إدوار سعيد إلى أن ثمة حقيقة لا جدال فيها، وهي أن أمريكا والمصالح الأمريكية تمس حياة العرب وتقتحمها بصورة مباشرة، وفي نفس الوقت يرى سعيد أن هذه الحقيقة وتقدير العرب لأهمية أمريكا غالبًا ما يتخذ رد فعل مبالغًا فيه ينبع في اعتقاده من افتقاد التحليل والدراسة الجادين لما آل إليه حال المجتمع الأمريكي، ولاتجاه مساره، وللدور الذي يستطيع أو لا يستطيع أن يقوم به، في مجال السياسة الخارجية.
ويرى سعيد أن أمريكا هي مجتمع له تاريخه الخاص ومؤسساته الخاصة، وكذلك له قواه وتشكيلاته الاجتماعية والثقافية، وهذه كلها مجتمعة تؤثر في العالم وتعمل فيه بطرق عديدة مختلفة، كثيرًا ما تكون محيرة ومتناقضة.
ويشير الكاتب الفلسطيني إلى أن ثمة فروقات يجب التوقف عندها وهي أن المجتمع السياسي الأمريكي الذي تجسده الدولة وتحتويه، يقابله المجتمع المدني الأمريكي الذي يتجسد في جميع المؤسسات الخاصة نسبيًا مثل العائلة والدين والمدارس والجامعات ووسائل الإنتاج والثقافة.. إلخ.
ويرى أن علينا فهم أمرين عن المجتمع الأمريكي المدني والسياسي: الأول، أن قوة الأمة لا تنبع من الحكومة المركزية أو من حكومات الولايات بصفتها حكومات من نوع ما، وإنما تنبع من مؤسساته المدنية، وهذ أمر ينطبق على الدول الصناعية الغربية عامة.
ويؤكد أن المجتمعين السياسي والمدني متداخلان إلى درجة كبيرة، لكن الحقيقة، هي أن أيًا منهما لا يعمل ببساطة أو وفقًا لمرسوم دكتاتوري، وأن أمريكا شأنها شأن جميع الدول، يتولى أمرها جهاز حاكم، يتميز أفراده في حالات كثيرة عن المحكومين .. ويحتكر الفرع التنفيذي للمجتمع السياسي ورمزه رئيس الجمهورية اسميًا، السلطات القائمة على الإكراه، وهذا بدوره ينتج سمة ظاهرة في المجتمع السياسي يمكن أن نسميها التسلط، إذًا هناك قوانين مفروضة وقوات أمن "الشرطة والجيش وأمثالهما " وبيرقراطية حكومية واسعة، غير أن هذا كله لا يشكل بأي حال من الأحوال الجانب الرئيس من الحياة الأمريكية؛ فإن التأثير المتنامي بل الحاسم الذي يهيئه المجتمع المدني يقوم بدور أكثر أهمية من الدور الذي يقوم به الحكم القائم على السيطرة.
ويلفت سعيد إلى أن اعتبار المجتمع السياسي أو الدولة معبرًا عن أمريكا بمجملها، هو اعتبار صحيح، لكن إلى حد ما فحسب، إذ هناك مصالح وتقاليد وأشخاص ومؤسسات تعتمد الدولة عليها إلى جانب ذلك مؤسسات أخرى تأخذ موقف المعارض، ومن أمثلة ذلك قيام الجامعات كافة، في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، بإثارة المجتمع المدني الأمريكي ضد المجتمع السياسي، كما كان هذا المجتمع الأخير يعبر عن نفسه في فيتنام.
ويؤكد سعيد أن الدولة الأمريكية والمجتمع السياسي يشير إلى دولة إمبريالية لا يماثل سجلها في العنف والدمار سجل أية دولة أخرى في التاريخ البشري.