"الصورة التى لم تُنقل".. "وائل الدحدوح" ودع حلمًا انتهى وأملًا انطفأ
في ليلة مظلمة من ليالي الحرب، كان الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، يحمل كاميرته ويسير بخطى حذرة في شوارع غزة المدمرة، كان يريد أن يوثق الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وهو يعلم جيدًا أن حياته في خطر، لكنه لم يخف من الموت، كان يحب عائلته التي تنتظره بعد عودته من العمل، ويحب وطنه الذي يقاوم الظلم.
يوم الأربعاء الموافق ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٣، تلقى الدحدوح، خبرًا صادمًا ومفجعًا، حين استشهدت زوجته وابنه وابنته في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، كان الدحدوح في تغطية مباشرة للقصف الإسرائيلي العنيف على مدينة غزة، وينقل شهادات مباشرة على وحشية الاحتلال، عندما جاءه نبأ القصف ليقطع التغطية ليتابع ما حدث مع عائلته.
لم يكن يتوقع أن يكون ذلك اليوم هو آخر يوم يراهم فيه، ولكن القدر كان له رأي آخر، ففي لحظة من لحظات القصف الإسرائيلي العشوائي، تحولت حياته إلى جحيم، وحين وصل إلى المستشفى، رأى مشهدًا لا يطاق، رأى جثث زوجته وابنه وابنته ملقاة على سرير المشرحة، مغطاة بالدماء والغبار، رأى جروحًا عميقة في أجسادهم، وآثار حروق في أجزاء منها، رأى حلمًا انتهى، وأملًا انطفأ.
انهار على ركبتيه، وبكى بكاءً مؤلمًا، حاول أن يُقبل جباههم، وأن يودعهم بكلمات مؤثرة، ظهر فيديو لـ"الدحدوح" وهو يودع ابنه باكيًا، قائلًا: "بينتقموا منا في الأولاد! إنا لله وإنا إليه راجعون"، ابنه الذي كان يحلم دائمًا بأن يسير على خطى والده، ويوثق أحداث بلاده في الصحافة.
غرس الدحدوح حب الصحافة لدى أبنائه، وكان يأخذهم معه في تغطية الأحداث في غزة، لينقلوا الصورة معه عن الحرب الدائرة في غزة إلى العالم، فهو يدرك تمامًا أن هذه هي مهمته ومسئوليته كصحفي فلسطيني، لكنه سيكمل المهمة وحيدًا الآن.
الصحافة تَنزِف
وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: إن "الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق عائلة الزميل الصحفي وائل الدحدوح تعد حلقة من حلقات المحرقة الصهيونية النازية التي تمارس ضد أهالي قطاع غزة، والصحفيين الذين يستهدفهم بشكل مباشر".
ارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى ٦٥٤٦ شهيدًا على الأقل، بينهم ٢٧٠٤ أطفال، و١٥٨٤ امرأة، و٣٦٤ مسنًا، بالإضافة إلى أكثر من ١٧ ألف جريح، ويواصل الاحتلال قصفه للمنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد والمزارع والبنية التحتية في القطاع، مخلفًا دمارًا هائلًا وأزمة إنسانية خانقة.