قالوا له أنت ذو القرنين.. حكايات اليهود مع الإسكندر الأكبر
في كتابه "يهود مصر القديمة" الصادر عن دار الرواق للنشر والتوزيع تحدث الدكتور شريف شعبان، المحاضر بكلية الآثار جامعة القاهرة والمسئول الأثري بالإدارة المركزية للمعلومات بوزارة السياحة والآثار عن دخول الإسكندر الأكبر لفلسطين ومصر..
ويقول شريف شعبان:" شمس جديدة سطعت على العالم القديم، بزغ نورها من بين جبال بحر إيجة ولمع وهجها من مقدونيا ببلاد الإغريق، خرج الإسكندر المقدوني بجيوشه المدججة بالدروع البرونزية والرماح الباسقة ليواجه الإمبراطورية الفارسية الإخمينية، تلك الدولة العتيدة مترامية الأطراف والتي سيطرة على كل قوى العالم القديم وأخضعت كافة الحضارات العريقة من النيل وحتى مرتفعات زاجروس.
ويضيف:" إلا أن ذلك الشاب الذي لم يتعد عمره الثلاثين قد كسر شوكتهم بعد أن عبر مضيق الدردنيل وسط 48 ألف جندي وأسطول مكون من 120 سفينة حربية مجهزة، واشتبك معهم لأول مرة، فأخذ يحطم حامياتهم الواحدة تلو الاخرى ويلتهم الأرض من أسفل أقدامهم حتى استولى على أراضي الأناضول كافة.
مواجهة حامية الوطيس
ويواصل:" وجاءت المواجهة الأكبر في "إيسوس" بين الإسكندر الأكبر وجيش دارا الثالث في عام 333 ق.م، وكانت مواجهة حامية الوطيس حقق فيها الإسكندر النصر الحاسم وشق وثاق الجيش الفارسي، ماديًا ومعنويًا، حتى هرب الشاه من أرض المعركة لينجو بحياته ويلملم ما بقي له من ممتلكات، وأصبحت المدن الفينيقية التي كانت تحت نير الاحتلال الفارسي مفتوحة أمام جيش الإسكندر، فدخلت قواته مدينة صور بعد مقاومة عنيفة من أهلها ومنها دخل غزة ثم فتحت له أورشليم أبوابها بهدوء، حينها أقبل عليه أحبار اليهود وأخبروه بما يذكره سفر دانيال بقدوم ملك إغريقي سيغزو أراضي الفرس، ولن يقوى امبراطورها على مجابهته، فقد كانت رؤيا النبي تبشر بوجود كبش ذا قرنين ينطح غربًا وشمالًا وجنوبًا لا منقذ من يده، وأنه حسب الرؤيا هو ذو القرنين، ففتحوا له أبواب المدينة واستقبلوه بملابس بيضاء. وسار مع كبير الأحبار نحو هيكل أورشليم، فقدم القرابين باسم الرب يهوه.
ويكمل:" وجاء الدور للظفر بالجائزة الكبرى، مصر. فما أن وصل بجيشه إلى الفرما لم يجد أي مقاومة تذكر سواء من قبل المصريين أو حتى حاميات فارس التي عسكرت على أرضها أكثر من 11 عامًا، ثم عبر النيل ووصل إلى العاصمة منف، فاستقبله أهلها كمحرر منتصر بعد أن عاشوا عقودًا في ذل حكم الفرس، ورأوا في الإسكندر الفارس المخلص خاصة بعدما انتشرت أسطورة أن روح الملك المصري نختنبو الثاني والذي اختفى بعد احتلال فارس لمصر قد حلت داخل الإسكندر.
ويستطرد:" بعد ذلك سار بقواته بحذا الفرع الكانوبي للنيل، متجهًا نحو ساحل البحر المتوسط، وهناك استقر بمنطقة محصورة بين بحيرة مريوط والبحر المتوسط، عند جزيرة صغيرة قريبة من الشاطئ تُسمى فاروس، حينها قرر أن يبني مدينة تحمل اسمه وتكون حاضرة العالم القديم كله ومنارة للفكر والثقافة الإغريقية وبوتقة يختلط فيها الإغريق والمتاغرقين وأفكارهم بالسكان الأصليين، فكانت الإسكندرية عاصمة دولة البطالمة من بعده.
ويختتم:" وادعى عدد من المؤرخين اليهود أمثال يوسيفوس بأن الإسكندر قد اصطحب من أورشليم مجموعة كبيرة من الجند اليهود إلى مصر بعدها اقنعهم بالخدمة في جيشه، وكعادتهم اشتموا في عنفوانه فرصة لا تعوض للعيش تحت جنح المنتصر إلا أنهم لم يستقروا فيها وعاد بعضهم إلى بلاد الشام مرة أخرى.