58 % من المدمنين يعيشون مع ذويهم.. هل تراجع دور الأسرة في دعم الأبناء؟

قبل أن تُكمل “كريمة.س” عامها الثالث عشر، عقدت والدتها العزم على تزويجها أول رجل يطرق بابها، حتى تتخلص من حِملها الثقيل، رواية قد تكون عادية في نظر الكثير من الأسر خاصة في القرى الفقيرة، ولكن ما يجعلها أشد خطورة وخصوصية هو أن هذا الزوج كان تاجرًا لمخدر "الشابو". 

تقول “كريمة” التي تبلغ من العمر 18 عامًا، إنها خاضت تجربة الزواج لأول مرة وهي طفلة لم يتجاوز عمرها الـ13 بعد، ووجدت نفسها بعد أيام قليلة بين أحضان تاجر مخدرات، ترى وتسمع عن قرب كل ما يدور في هذا العالم المشبوه. 

وروت كريمة لـ"الدستور" تجربتها المريرة في عالم تجارة المخدرة، قائلًة إن اليأس تسلل إليها ذات يوم، وقررت أن تُجرب مخدر الشابو بعد أن جمعتها الصدفة بكمية مبيرة منه داخل منزل زوجها، فقررت أن تخوض التجربة.

وتابعت: “شعرت بسعادة لا أعلم مصدرها، اخترق المخدر عقلي وجعلني أتجاوز الواقع المرير الذي أعيشه، فكررت التجربة مرات عديدة، حتى أدمنت المخدر القاتل”. 

إدمان “كريمة” على مخدر الشابو أزعج زوجها الذي لاحظ نقص كميات كبيرة منه، حتى مل من وجودها في حياته بعد أن أصبح مكلفا، ومثلت عبء إضافيًا، فقرر تطليقها وهي في عمر السادسة عشر. 

ارتمت كريمة في أحضان تاجر “شابو” آخر، كانت تعرفت عليه من خلال زوجها الأول، تزوجها مقابل بعض جرعات من مخدرها المفضل، وبعد مدة قليلة من الزواج طلقها وطردها من المنزل.

حبس 6 عناصر إجرامية بالخانكة وشبين القناطر لحيازتهم مخدرات

أوضحت كريمة أنها خاضت تجربة الزواج للمرة الثالثة، ولكن في هذه المرة رزقت بمولوده، وبعد مدة قصيرة تركها الزوج الثالث، هي وطفلتها، فاضطرت إلى سكن المقابر ليلًا والبحث نهارًا عن المال الذي يوفر لها الجرعة المعتادة من “الشابو” والتي تزيد يومًا بعد الآخر. 

استغاثة قدمتها الفتاة الصغيرة إلى شيخ قريتها؛ لينقذها هي وطفلتها الرضيعة من الضياع وهي الآن في محاولات استكمال مسيرة علاجها بمساعدات أهالي الخير في القرية. 

كريمة وغيرها الكثيرين ممن يشكلون نسبة 5.9% من قوام المجتمع المصري بحسب ما أعلن مدير صندوق علاج ومكافحة الإدمان، يقعون تحت وطأة وخطر الإدمان بصوره المختلفة، وما يجعل الأمر أشد خطورة هو وجود قرابة الـ58% من هذه النسبة بين أحضان أسرهم لا يدرون عنهم شيء.

طبيب نفسي: تناول المخدرات مقبول اجتماعيًا أكثر من الأدوية النفسية

على النبوي، طبيب نفسي، قال إن المدمنين الذين يتواجدون إلى جوار أسرهم بصورة طبيعية في أثناء فترة تناولهم للمخدرات، غالبًا ما يكونون في المراحل الأولى منه ولم يصلوا للمراحل المتدهورة بعد. 

وتابع النبوي في تصريحات لـ"الدستور" أن هؤلاء غالبًا ما يتناولون أنواع مخدرات منها الحشيش والترامدول الذي لا يزيد عن نصف قرص يوميًا فهي أنواع مقبوله اجتماعيًا، بسبب اعتقاد البعض أنها تعالج أمراض القلق والاكتئاب ولها قبول عن الأطباء والمستشفيات والأدوية النفسية.

وفاة بجرعة مخدرات فى أبوالنمرس.. وحادثة تودى بمواطن فى كرداسة

وتابع: الأشخاص الذين يعانون من القلق يفضلون تعاطي مخدر الحشيش مثلًا، حيث يرون فيه الصديق الذي يهون عليهم المعاناة دون أية محاولات للاستعانة بالطبيب النفسي، فنفسيًا يعتبر الحشيش أكثر أمانًا من أن يذهب إلى طبيب نفسي ويعطيه أدوية المرضى النفسين ذات الوصمة المجتمعية.

وأضاف الطبيب النفسي: لا يخلو منزل من متعاطين الحشيش أو المخدرات الحديثة أو على الأقل التدخين لأنه البوابة الأولى لتعاطى المخدرات فمن الصعب أن تجد مدمنًا لا يدخن".

واعتبر “النبوي” أن الأعمال الفنية، هي أحد العوامل المهيئة لأنه لا يوجد تقريبًا فيلم عربي لم يلجأ فيه البطل لحل أزمته بأن يذهب لغرزة حشاشين ويدخن عن طريق السجائر أو الشيشة. 

ضبط 334 قضية مخدرات و79 سلاحا ناريا.. وتحرير 78 ألف مخالفة مرورية

والأسرة إذا أرادت علامة مميزة لاكتشاف أن لديها مدمن تنظر إلى تغير في سلوكه ينام كثيرًا ينطوي يخرج بمفرده يختلي بنفسه، أو يوجد داخل دولابه أو مكتبه أقراص مخدرة، رائحته تدخين، وأنه لا يبالي بالأنشطة والاهتمامات اليوميه للأسرة، مهمل في نظافته الشخصيه وتغذيته.

فالإدمان يعطي علامة مميزة للعقل البشري أنه يتجاهل كل الأشياء ولا ينظر إلا للمخدر ويشغله طول الوقت المادة التي يحصل من خلالها على المخدر.