خلال صالونه الشهرى.. «الأزهر العالمى للفتوى» يُناقش آثار التمييز بين الأبناء
عقد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، اليوم الثلاثاء، صالونه الثقافي والفكري الشهري، بمشيخة الأزهر، تحت عنوان: "التمييز بين الأبناء وأثره في السلوك المجتمعي".
حاضر فيه الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، والدكتور محمد الجبة، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والدكتورة مروه لطفي عبد الهادي، الأخصائية النفسية، وأداره الشيخ محمد عماد أبوالهدى، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بمشاركة مجموعة من متدربي برنامج المقبلين على الزواج.
التمييز بين الأبناء سبب الاضطرابات السلوكية
وقال الدكتور محمد المهدي، إن التمييز بين الأبناء ينتج عنه الكثير من الاضطرابات السلوكية لدى الأبناء، مثل الكذب والعدوانية والغيرة، وأن العدالة والمساواة بينهم هي بمثابة العلاج والوقاية من هذه السلوكيات المضطربة، مشددًا على ضرورة أن يساوي أولياء الأمور بين أبنائهم في مدح صفاتهم الحسنة، حيث إن لكل طفل ذكاءه الخاص، فمنهم من يتميز بالذكاء اللغوي، وآخر يتميز بالذكاء الاجتماعي، وثالث يتميز بالذكاء الوجداني، وعلى الآباء إدراك نقاط القوة لدى أبنائهم والمساواة بينهم في المدح لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي لديهم.
وأوضح المهدي أنه وفي حال ما لو كان هناك تفضيل من الآباء لأحد أبنائهم لتميزه عن إخوته، فمن الواجب عليهم السيطرة على تلك المشاعر وعدم إظهارها، لمنع أي غيرة أو ضغينة بينهم، مشيرًا إلى أن المساواة بينهم في العطايا والهدايا هي أيضا من أهم طرق العلاج التي تمنع الإحساس بالقهرة والظلم، لافتا إلى أن الاهتمام الزائد من قبل الآباء بأبنائهم، وتلبية جميع متطلباتهم، قد تكون سببا في ظهور بعض السلوكيات المرفوضة لديهم مثل الطمع والأنانية، وهو ما يجب الحرص على تجنبه.
وجوب تحقيق العدل بين الأبناء
من جانبه، قال الدكتور محمد الجبة، إن للإسلام موقف واضح من التمييز، حيث تشير جميع الأدلة الشرعية إلى وجوب تحقيق العدل بين الأبناء، وعدم التمييز بينهم، ومن ذلك قوله تعالى "يوصيكم الله في أولادكم"، ولم يقل في أبنائكم، في دلالة واضحة على المساواة بين الإناث والذكور، ومنه أيضا قصة عمرة بنت رواحة مع زوجها بشير بن سعد، حين سألته بعض الموهبة من ماله لابنها، فأجابها بذلك.
وقالت: لا أرضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور، وقال اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وشدد محمد الجبة، على أن التمييز ليس مسوغ لعقوق الوالدين، موصيًا الآباء بضرورة الاهتمام الشديد بتحقيق العدالة والمساواة بين أبنائهم منعا لأي كراهية من أبنائهم تجاههم أو تجاه إخوتهم، تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "رحم الله والدا أعان ولده على بره"، مؤكدًا ضرورة أن لا يكون الآباء سببا في عقوق أبنائهم لهم، وأن العدالة والمساواة هي المنهج القويم والأساس للتربية السليمة، طبقا لتعاليم ديننا الحنيف.
الأسرة النواة الأساسية للتربية
وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة مروة لطفي عبدالهادي، الأخصائية النفسية، أن الأسرة هي النواة الأساسية لتربية الأبناء بالشكل السليم والصحي، عبر الاعتماد على الطرق التربوية السليمة البعيدة عن التمييز.
وأضافت عبدالهادي أن التمييز نوعان، السلبي والإيجابي، وأن له الكثير من الأسس التي يقوم عليها ومن أهمها التمييز القائم على الجنس (مثل التمييز بين الذكور والإناث)، والتمييز القائم على المعاملة (كالتفضيل في الميراث)، والتمييز القائم على الهبات الربانية (كالتفضيل القائم على الجمال أو الذكاء) أو غير ذلك من الهبات الربانية، والتي يجب على جميع الآباء الوعي بها وعدم الوقوع فيها.
وقالت الدكتورة مروة لطفي، إن التمييز ينتج عنه الكثير من الأمراض النفسية مثل "الانطواء" و"الوسواس القهري" وغيرها، والتي قد ينتج عنها لجوء الأبناء للسلوكيات السيئة والمرفوضة، بالإضافة لتسببه في الكثير من المشكلات الاجتماعية والاضطرابات السلوكية، مشيرة إلى أن شخصية الطفل تتكون وهو في عمر 2-5 سنوات، وعلى الأهل في هذه المرحلة العمرية دور كبير في أن تتكون لدى أبنائهم شخصيات سوية.
جدير بالذكر أن مركز الأزهر العالمي للفتوىٰ الإلكترونية بدأ فعاليات صالونه الثقافي والفكري لمناقشة مشكلات الأسرة المصرية في سبتمبر من عام 2021م، والذي يعتبر معالجة ميدانية وفكرية لما رصده المركز من مشكلات أسرية وظواهر مجتمعية سلبية، وتعزيزا لتعاونه مع كافة المؤسسات والمراكز المتخصصة والهيئات الفاعلة في المجتمع المصري؛ لتحقيق استقرار الأسرة المصرية، بما يسهم في استقرار المجتمع وتقدمه، ويسهم في تحقيق أهداف رؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة 2030م.