بعد انضمام مصر والعرب.. "بريكس" يتفوق على مجموعة السبع ويهدد هيمنة الدولار
سلّطت الصحف العالمية الضوء على قرار تكتل البريكس لدعوة مصر والسعودية والإمارات و3 دول أخرى للانضمام للتكتل، في ختام القمة الـ15 التي عقدت اليوم في عاصمة جنوب إفريقيا جوهانسبرج، حيث أكدت أن انضمام العرب يمنح البريكس ثقلا اقتصاديا وجيوسياسيا كبيرا، ويجعل التكتل يتفوق على مجموعة السبع، كما أن انضمام أكبر مصنعي الطاقة في العالم مع أكبر المستوردين يهدد هيمنة الدولار على الأسواق الدولية.
وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الخميس، إن السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، مدعوة لتصبح عضوا كامل العضوية في كتلة البريكس الاقتصادية، إلى جانب إيران والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين ومصر وإثيوبيا، حيث أعرب جميع المدعوين بالفعل عن رغبتهم في الانضمام.
وقال رامافوزا: "ستدخل العضوية حيز التنفيذ اعتبارًا من الأول من يناير 2024".
إنهاء هيمنة الدولار
وأفادت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، بأن هذه القرارات تم اتخاذها في اليوم الأخير من قمة مجموعة البريكس السنوية لهذا العام للاقتصادات الناشئة الكبرى في جوهانسبرج، بجنوب إفريقيا، وتمثل التوسع الأول للمجموعة منذ عام 2010، وتضم المجموعة حاليا البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وتابعت أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هنّأ أعضاء البريكس الجدد، قائلاً: "النفوذ العالمي للكتلة سيستمر في النمو، أود أن أهنئ الأعضاء الجدد الذين سيعملون بشكل واسع النطاق العام المقبل".
كما رحب رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بالتوسيع، قائلا إن بلاده تعتقد دائما أن إضافة أعضاء جدد من شأنها أن تعزز الكتلة.
وأوضحت الشبكة الأمريكية أن هذا القرار يضع المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، في نفس الكتلة الاقتصادية مع الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
وتابعت أن التوسع يثير التساؤلات حول احتمالية تراجع هيمنة الدولار على العالم، على الرغم من أن المحللين قالوا إن عملة البريكس "غير مرجحة" في المستقبل القريب.
التوسع الأكبر للبريكس وأقوى منافس لمجموعة السبع
وأكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن التوسع الجديد للبريكس يعد الأول الأكبر للتكتل منذ انضمام جنوب إفريقيا في عام 2010، وهو ما يمثل انتصارًا قويًا للصين التي دعت إلى التوسع السريع للمجموعة قبل القمة من أجل صياغة منافس أكبر لمجموعة السبع للاقتصادات المتقدمة.
وتابعت أن إدراج إيران والمملكة العربية السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم خارج الولايات المتحدة، من بين الأعضاء الأوائل في منطقة البريكس في الشرق الأوسط يأتي أيضًا في أعقاب وساطة بكين لتطبيع العلاقات بين الرياض وطهران هذا العام، بينما كانت الهند أكثر ترددا بشأن توسيع البريكس، لكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أشار إلى دعمه لأعضاء جدد على أساس الإجماع يوم الأربعاء.
وتشمل الدول الست الجديدة بعض شركاء الدفاع الاستراتيجي لنيودلهي، مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر، وقال مودي: "إن إضافة أعضاء جدد ستزيد من قوة البريكس وتعطيها زخمًا جديدًا".
تحالف تجاري قوي
بينما أكدت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، أن تكتل البريكس وافق على عضوية 6 دول فقط من بين 23 دولة تقدمت رسميًا بطلب للانضمام، حيث أعرب لاعبون أفارقة رئيسيون آخرون، مثل نيجيريا وغانا، عن اهتمامهم بشكل غير رسمي.
وأشار لولا دا سيلفا، الرئيس البرازيلي، إلى أن مجموعة البريكس تواصل دراسة إمكانية إنشاء عملة للكتلة، قائلاً: "يمكن أن تزيد خياراتنا لوسائل الدفع وتقلل من نقاط الضعف لدينا".
وقال جوستافو دي كارفاليو، محلل السياسات وكبير الباحثين في معهد جنوب إفريقيا للشئون الدولية، إن الأعضاء الجدد المحتملين لن يزيدوا من ظهور كتلة البريكس فحسب، بل سيوفرون أيضًا فرصة للمشاركين في التحالف للتجارة مع بعضهم البعض، بالعملات المحلية.
وتابع: "لا يزال من غير المؤكد ما سيحدث لديناميات المجموعة، ولكن من الواضح أنها توفر مساحة جديدة للتجارة داخل الجنوب العالمي".
وأشار دي كارفاليو إلى أن الكثير من الحجج الواردة في البيان تعكس الصوت الجماعي بشأن الحاجة إلى تغيير المؤسسات الدولية، خاصة المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
وأوضحت الشبكة أن دول البريكس تبنت نبرة مختلفة بشأن علاقتها مع الغرب، حيث تصاعدت التوترات التجارية والدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، في حين أن روسيا تتعرض لموجة من التوترات الغربية عقب اندلاع الأزمة العسكرية في أوكرانيا.
وتابعت أن أعضاء مجموعة البريكس الجدد يتعاملون مع تحدياتهم الخاصة، حيث تواجه إيران العقوبات الأميركية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، في حين أثارت الاشتباكات الجديدة في إثيوبيا مخاوف بشأن الاستقرار الداخلي، بينما تواجه مصر تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، كما قامت الأرجنتين مؤخرا بتخفيض قيمة عملتها الوطنية- البيزو- بشكل حاد ورفعت أسعار الفائدة في أعقاب الفوز المفاجئ في الانتخابات التمهيدية الذي حققه الليبرالي اليميني المتطرف خافيير مايلي، بينما تسعى كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بنشاط إلى تحقيق النمو في القطاعات غير النفطية.
تطور كبير وقمة هامة
وأفادت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، بأنه لطالما دعت الصين إلى توسيع الكتلة لمواجهة المنتديات الغربية المتعددة الأطراف في وقت يتزايد فيه الاستقطاب الجيوسياسي في العالم.
وتابعت أنه تم تأطير هذه الخطوة كوسيلة لتضخيم صوت الدول النامية، لكن بعض الأعضاء أبدوا ترددًا في السابق وسط مخاوف من أن التحول في التركيبة قد يساعد البريكس في خدمة المصالح الجيوسياسية لبكين وموسكو.
وقال مصدر حكومي هندي إن "التطورات المهمة بشأن مسألة التوسع جاءت خلال اليوم الأول من القمة يوم الثلاثاء، عندما أجرى الزعماء اجتماعا مغلقا وسريا".
وتابع: "الهند أخذت زمام المبادرة في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن معايير العضوية واختيار الأعضاء الجدد"، مضيفا أن هدف الهند في المحادثات كان دمج الشركاء الاستراتيجيين كأعضاء جدد، ومن بين الدول الست المدعوة تعد الإمارات العربية المتحدة ومصر من أقرب حلفاء الهند.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن السياسة الملموسة الأخرى التي خرجت بها قمة بريكس الحالية هي الاتفاق على التحول من استخدام الدولار الأمريكي في التجارة بين دول البريكس إلى التجارة بالعملات المحلية بدلاً من ذلك.
وكانت جنوب إفريقيا قد قالت إن أكثر من 40 دولة أبدت اهتمامها بالانضمام إلى البريكس، بينما طلبت 22 دولة رسميا قبولها.
وتابعت الصحيفة أنه من المتوقع أن يؤدي توسع البريكس ليشمل المملكة العربية السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر شريك تجاري للكتلة في الشرق الأوسط، إلى تفوق الكتلة على الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة السبع.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أهمية قمة البريكس الحالية، التي حازت على اهتمام وسائل الإعلام العالمية بشكل كبير، فقد حاولت القيادة الأمريكية التقليل من أهمية القمة، حيث قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، يوم الثلاثاء، إن إدارة بايدن "لا تنظر إلى دول البريكس على أنها تتطور إلى نوع من المنافس الجيوسياسي للولايات المتحدة".
توازن عالمي جديد
فيما أكدت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، أن التوسع الجديد والأكبر للبريكس يمهد الطريق أمام عشرات الدول للانضمام للتكتل الأشهر، في وقت يحفز فيه الاستقطاب الجيوسياسي الجهود التي تبذلها بكين وموسكو لإيجاد توازن عالمي جديد أمام الهيمنة الغربية.
وأضافت أن تكتل البريكس بأعضائه الجدد يمثلون مجموعة متباينة من المرشحين المحتملين، مدفوعين إلى حد كبير بالرغبة في تحقيق تكافؤ الفرص على مستوى العالم، والذي يعتبره الكثيرون هيمنة غربية غير عادلة على الاقتصاد العالمي.
وتابعت أن دول البريكس الحاليين يسعون وراء هدف التكتل وهو إعادة التوازن إلى الهيئات العالمية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية الغنية.
فشل غربي في القرارات أحادية الجانب
وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن نتائج قمة البريكس الحالية كشفت الانقسامات العالمية الكبرى وفشل الغرب في فرض رأيه على العالم بشأن الأزمة العسكرية الأوكرانية.
وتابعت أن الدعم الكبير الذي تجده روسيا من دول العالم عكس مدى فشل الغرب في عزلها عالميًا، فحتى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، جنوب إفريقيا والهند، رفضتا إدانة روسيا رسميًا أو فرض عقوبات عليها.
نظام عالمي متعدد الأقطاب
بينما أكدت صحيفة "ذا هيندو" الهندية، أن قرار بريكس بدعوة 6 دول رسميًا للانضمام للتكتل هو قرار تاريخي، لأن من شأنه تعزيز التكتل وزيادة الثقة في فكرة النظام العالمي متعدد الأقطاب.
وقدم الرئيس الحالي لمجموعة بريكس، رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، إعلان جوهانسبرج، وهو الوثيقة الختامية للقمة، وأشار بشكل غير مباشر إلى الصراع في أوكرانيا قائلا إن أعضاء المجموعة سعوا إلى "حل سلمي" للنزاعات.
وأوضحت الصحيفة أنه تم اتخاذ قرار توسيع البريكس بعد 13 عاما من آخر توسع للمنظمة بإضافة جنوب إفريقيا في عام 2010، وكانت البريكس تتألف في الأصل من البرازيل وروسيا والهند والصين، وكان من المتصور أن تكون مجموعة البريكس مجموعة على المستوى العالمي من الاقتصادات الكبرى التي تلعب دورا متزايد الأهمية في النظام العالمي ما بعد الحرب الباردة.