كان "الأمفترون" مقهاه المفضل.. حكايات ومواقف من حياة مجيد طوبيا
كشف الكاتب محمد جبريل في كتاب "ناس من مصر" عن علاقته بالكاتب الراحل مجيد طوبيا، فقال: "لم أكن التقيت مجيد طوبيا قبل أن يزورني في بيتي ويهدي لي نسخة من مجموعته القصصية "خمس جرائد لم تقرأ"، تماهي، من يومها، حبي لإبداعه ولشخصه.
وأضاف جبريل، تواصلت صداقتنا حتى الآن نتبادل إهداءات الكتب نلتقي بمناسبة وبلا مناسبة نتحاور في الهاتف أشاركه أحيانا جلسته في مقهى "الأمفترون" بمصر الجديدة، أدرك مثلما أدرك أستاذنا نجيب محفوظ من قبل أني لا أميل إلى قاعدة القهاوي فإن جالست أصدقاء على مقهى لظرف ماء فضلت ألا أجلس في زحمة.
وأوضح جبريل، كنت ألتقي نجيب محفوظ في مواعيد تسبق أو تلي موعيده الأخرى أو حيث يعمل في مؤسسة دعم السينما، أو قصر عائشة فهمي، أو الأهرام أو يصل الهاتف بيننا في مناقشات أسأل ويهبني بردوده ما لم أكن أعلم.
صداقة وأخوة حقيقية
وقال جبريل: ذلك ما تواصلت به صداقتنا مجيد طوبيا وأنا تحولت إلى أخوه حقيقية من خلال جيرة المسكن والهموم المشتركة والكلمات التي لا تقال إلا لصديق وظل الحال على ما هو عليه وإن تباعدت لقاءاتنا تستغرقنا حوارات الهاتف نتبادل التهنئة بالأعياد ربما فاجأته بزيارة في البيت أو الإمفتريون يسبقنا الاعتذار بانشغالي فيما قد لا يكون له قيمة.
وتابع: "فاجأني الصديق الكاتب الصحفي مصطفى عبد الله بمقالة في الأخبار تتناول مآساة مجيد طوبيا الذي شخص طبيب حالته بأنها زهايمر، استعدت ما عاناه صديقي كاتب السيناريو الراحل أحمد عبد الوهاب من أعراض المرض حتى مات، الشرود والانغلاق على النفس وعدم التعرف حتى إلى الأقربين من أفراد الأسرة والأصدقاء".
وأسرعت ملهوفا إلى بيت مجيد بدا التحفظ على أصحاب الشقة المقابلة اكتفوا بالإشارة إلى حيث يسكن وأغلق الباب، طالعني مجيد بذقن مهوشة وملامح متعبة أهلا محمد أهلا زينب، يقصد زوجتي الدكتورة زينب العسال وقد تناولته في العديد من كتاباتها، قلت، أنا محمد جبريل.
قال: قلت لك أهلا محمد فأنا إذن أعرف من أنت اعتذرت، بيني وبين نفسي، أني أشفقت من الذاكرة التي ربما يغيبها المرض فلا يعرفني، روى لى عن عزلته الاختيارية وإن لم يوضح أسبابها زائره الوحيد طبيب أسنان بلدياته من المنيا يعينه على استمرار حياته على أي نحو وزاره الدكتور صابر عرب وزير الثقافة واستفسر عن حالته وطلب عرضه على أطباء مستشفى المعادي، وأهداه جهاز تلفزيون بدلا من الجهاز المعطوب.
اكتئاب شديد
شخّص أطباء المستشفى حالته بأنها حالة اكتئاب شديد وعاد إلى البيت بأدوية ونصائح، اتصلت بشقيق مجيد في شبرا وسبق مجدي ابن الشقيق أسرته وأمضوا مع الشقيق والعم يوما طيبا، استعدت من خلاله حكايات مجيد وذكريات الستينيات وما حفلت به من مشروع قومي وأحلام وتطلعات وانتصارات وهزيمة قاسية، روي لى حكاية أول قصة قصيرة كتبها ضاق بظروف عمله الوظيفي فكتب استقالته.
بداية مجيد طوبيا في الإبداع
وتلك البداية المصادفة لم تكن، بالطبع، أولى خطوات مجيد طوبيا في طريق الإبداع قرأ روايات أرسيل لوبين وشورلك هولمز ورويات الجيب ثم بدأ في التردد على المكتبة العامة بمدينة المنيا، لاحظ أمين المكتبة قضاء الشاب مجيد وقتا طويلا في المكتبة فأهداه كتاب سليم حسن عن مصر الفرعونية واجه مجيد في قراءة الكتاب ما واجهته شخصيا وأنا أقرأ في سن باكرة أيام طه حسين لم يفهم الكثير مما يتضمنه الكتاب فساعده الأمين على فهم ما غمض، وكما يقول مجيد فقد قرر يومها أن يصبح كاتبا.
مجيد طوبيا وقراءة في أعماله الأدبية
تعددت قراءات مجيد طوبيا بإهداءات أمين المكتبة وإعاراته واقعه مشابهة روتها زينب عفيفي في روايتها الأخيرة "أحلم وأنا بجوارك" عندما لاحظ اهتمام الفتاة مي بالقراءة فزودها بما وجد فيه إثراء لحصيلتها المعرفية ووجدانها قرأ طوبيا من كتب الأمين عودة الروح للحكيم، خان الخليلى لنجيب محفوظ.
وقرأ لمحمود تيمور يحيى حقي ومحمود البدوي ويوسف جوهر وسعد مكاوي وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم ثم زواج مجيد في التردد على المكتبة العامة ومكتبة فرع جمعية الشبان المسيحية بالمنيا، تزامن ذلك مع انتظام مجيد في كتابة خواطره الورقية.
وللوحدة التي اختارها فقد شغل نفسه بالقراءة، فالكتابة أضاف إليهما انشغاله بالسينما والدراما العامة وأمضى سنوات يشاهد ثلاثة أفلام هي في الأقل أسبوعيا إلى جانب العروض المسرحية التي قدمت أروع إبداعات المسرح المصري لنعمان عاشور وميخائيل رومان وسعد الدين وهبة ومحمود دياب ولطفي الخولي.