دونالد ترامب.. هل تنهى «اتهامات جورجيا» أسطورة الملياردير العجوز؟
لا ينفك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يتصدر عناوين الأخبار في الإعلام الأمريكي وحول العالم، بعد توجيه عشرات الاتهامات للملياردير الأمريكي العجوز، الذي يطمح للفوز بولاية رئاسية ثانية تعيده إلى البيت الأبيض، غير عابئ بالمحاكمات التي يعتبرها أنصاره اضطهادًا من إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، فيما يرى آخرون أن ترامب مخطئ في حق الدستور والمبادئ الأمريكية، خصوصًا مع محاكمة جورجيا المتهم فيها الرئيس السابق بمحاولة تزوير الانتخابات الرئاسة في 2020.
وكانت المدعية العامة في قضية محاولة ترامب التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا، طلبت تحديد الرابع من مارس المقبل موعدا لبدء محاكمته، ومن المرجح أن يطلب فريق الدفاع تحديد موعد أبعد زمنيًا إذ يواجه الرئيس الأمريكي السابق أربع محاكمات جنائية وسط حملته الرئاسية لانتخابات 2024.
وقال المحلل السياسي الأمريكي ماك شرقاوي، إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية دخلت منحنى حادًا جدًا، وأصبحت الأمور أكثر تعقيدًا بعد توجيه الاتهام الرابع للرئيس السابق دونالد ترامب، والمتعلق بولاية جورجيا، فالتهمة خطيرة، وهي تشكيل عصابة إجرامية من 18 فردًا، تخضع لقانون "ريكو" الذي يتم تطبيقه على الجماعات الإجرامية المنظمة.
اضطهاد ترامب
وأضاف شرقاوي في تصريحات أدلى بها لـ"الدستور"، أن هناك 3 اتهامات رئيسية موجهة للرئيس السابق دونالد ترامب، في مسألة جورجيا، أولها طلب تدبير 12 ألف صوت للفوز بالانتخابات، والثاني مجموعة استخدمت شركة تكنولوجية لتغيير نتائج الانتخابات لصالح ترامب، والثالث تقديم شهادة مزورة لتقديمها للجلسة المشتركة في الكونجرس، وهي أمور في منتهى الخطورة، لكن من الصعب إثباتها، وينظر إليها على أنها مبنية على الاضطهاد السياسي الواقع على ترامب من قبل الرئيس جو بايدن الذي يستخدم جميع أدوات السلطة ضد خصمه الجمهوري.
وأشار المحلل الأمريكي إلى أن هناك الكثير من الأمور تشوب هذه الاتهامات التي تشمل 91 قضية مقدمة ضد ترامب، لشغل وقته حتى لا يتفرغ لحملته الانتخابية، وبات واضحًا الآن حالة الاضطهاد التي يمارسها بايدن ضد ترامب، والولايات المتحدة أصبحت تمارس أمورًا لا نراها حتى في "جمهوريات الموز"، لكن على الرغم من كل هذا فإن فرص الرئيس السابق في النجاة من كل هذه الاتهامات كبيرة؛ لأن القضاء الأمريكي يقوم على اليقين وليس التخمين، وكثير من الاتهامات يمكن ضحدها في إجراءات المحاكمة.
وشدد على أن هذه الاتهامات والمحاكمات لن تنتهي بالسجن كما يصور الديمقراطيون هذا الأمر، والقضاء الأمريكي لا يبني أحكامه على التخمين، وأي شك في الإجراءات أو الوثائق يستخدم كعدم كفاية أدلة لصالح المتهم.
وتابع: ما يفعله الديمقراطيون يرجح كفة ترامب أكثر في الانتخابات التمهيدية بالحزب الجمهوري، وهو متقدم على أقرب منافسيه بـ20 نقطة، وكلها أمور تصب في صالح ترامب الذي قال صراحة "أنا أحتاج اتهامات رابعة حتى أفوز بالانتخابات الرئاسية"، وحتى استطلاعات الرأي تظهر تقدمه على بايدن.
ونوه بأن أسطورة ترامب لن تنتهي بهذه الإجراءات، وإنما تزيد من شعبيته، فما زال هناك الكثير من المفاجآت تتعلق بتهم هانتر بايدن نجل الرئيس الحالي، المتوقع محاكمته بالتهرب الضريبي وغسل الأموال، وكذلك شراء السلاح بمعلومات مغلوطة تهدد أسرة بايدن.
واستطرد: الحزب الجمهوري يعد العدة لفتح تحقيقات تتعلق بجايمس بايدن شقيق الرئيس، ونجله هانتر، منها التربح من الصين في صفقات يسرها هانتر حين كان جو نائبًا للرئيس الأسبق باراك أوباما.
فرص نجاة الرئيس السابق
من ناحيته، قال المحلل السياسي الأمريكي مايكل مورجان، إن فرص نجاة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من المحاكمات والإدانة تختلف من قضية إلى أخرى؛ لافتًا إلى أن القضية الأخيرة في جورجيا هي الأسوأ بالنسبة للملياردير الجمهوري.
وأضاف "مورجان" في تصريحات أدلى بها لـ"الدستور"، أن هناك أسبابًا تدفعنا لهذا القول، أهمها وجود أكثر من متهم (18) في القضية، ما يمنح المدعي العام أوراقًا للضغط على المتهمين الآخرين لمحاولة إنقاذ أنفسهم وإدانة ترامب، مُشيرًا إلى أن التسجيلات الصوتية لـ"ترامب" التي حاول فيها التلويح بمحاولة إيجاد أصوات لصالحه حتى يتسنى له الفوز بالولاية الثانية.
وتابع: يمكن أن تكون الأدلة غير قوية، ومن الممكن أن يشكك محامي ترامب في نزاهة القضايا، والضغط على مرشح رئاسي للعدول عن ترشحه، وهو أمر يستاء منه الشعب الأمريكي، خاصة الجمهوريين، وبعض الديمقراطيين المعتدلين، في ظل تهاون وزارة العدل في التحقيق في اتهامات أخرى بحق نجل الرئيس الحالي جو بايدن، وعلاقاته المشبوهة بالصين، وهي العدو الحقيقي للولايات المتحدة ومصالحه المادية مع الدول الأخرى وتهربه الضريبي، وحيازته المخدرات، وغيرها من الانتهاكات القانونية حتى داخل البيت الأبيض.
وأشار "مورجان" إلى أن الديمقراطيين سيحاولون منع "ترامب" من الترشح للفترة الرئاسية المقبلة مستندين علي المادة 3 من التعديل الـ14 للدستور الأمريكي، بأنه لا يحب أن يشغل المنصب شخص اشترك في محاولة تخريب أو دعم أجندات مخالفة للدستور، ما يصعب الطريق على "ترامب" في الترشح حال التصويت بالأغلبية، وهو أمر غير متوقع، ولكن مجرد أداة ضغط على الجمهوريين للتخلي عن "ترامب".
وشدد المحلل الأمريكي على أن كل هذه محاولات لتعطيل وعدم تمكين ترامب من الترشح، ولكن إذا نظرنا إليها من ناحية أخرى سنجد أنها بمثابة اعتراف ضمني بأن "ترامب" متقدم بشكل كبير، ومن الممكن أن ينجح في الانتخابات المقبلة.
وأوضح أن مسألة محاكمة ترامب وقت كانت بعض الاتهامات تقلق العديد من الجمهوريين لدرجه أن البعض كان يفضل أن يبتعد ترامب وبايدن كلاهما عن الحياة السياسية، ويتم ضخ دماء جديدة في عروق الدولة حتى تنتهي الصراعات الداخلية ويتم التعامل مع الملفات المهمة مثل الاقتصاد والصراع مع الصين وروسيا، لكن بعد التصعيد السريع ضد ترامب أدرك الناخب الأمريكي أن الرئيس السابق تتم عرقلته، وأن شعبيته تزداد يومًا بعد يوم، كلما تم توجيه اتهامات جديدة ضده.
جورجيا أخطر المحاكمات
في المقابل، قال الكاتب الصحفي المقيم في واشنطن محمد البديوي، إن المحاكمة الأخيرة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ولاية جورجيا سوف تؤثر بشكل كبير على فرصه في الانتخابات المقبلة، وهي أخطر المحاكمات التي يواجهها الرئيس السابق.
وأضاف "البديوي" في تصريحات أدلى بها لـ"الدستور"، أن المحاكمات الأخرى لم تؤثر في شعبية ترامب، لكن قضية جورجيا والتسجيل الصوتي الذي يقول فيه إنه يريد 11 ألفًا و800 صوت هي العدد المطلوب ليفوز بأصوات المجمع الانتخابي في ولاية جورجيا كارثي، لذلك لن تسهم هذه المحاكمة في زيادة شعبيته.
وأشار إلى أن هناك عددًا من المرشحين المنافسين لترامب أهمهم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس، وحتى الآن لا يوجد مرشح جمهوري قادر على الإطاحة بالملياردير العجوز الذي تبقى مشكلته مع المستقلين وقسم من الحزب الجمهوري معضلة كبيرة.
وأوضح "البديوي"، أن ترامب تواجهه مشكلتان، الأولى لها علاقة بهؤلاء داخل الحزب الجمهوري الذين قرروا أنهم لن ينتخبوه مهما حدث، والمستقلون الذين يعتبرونه خطرًا على الدولة.
وتابع بقوله: حتى إذا فاز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري له، فإنه لن يكون قادرًا على كسب كل الجمهوريين، وهناك ناخبون حددوا مسبقًا موقفهم من الانتخابات، وهذه النسبة يحتاج ترامب إلى تعويضها، أخذًا في الاعتبار أن كل المرشحين الكبار الذين دعمهم الرئيس السابق في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي خسروا مقاعدهم الانتخابية رغم أنهم كانوا في معاقل جمهورية.