عالمة وراثة: العيوب الخلقية مسئولة عن 495 ألف حالة وفاة سنويًا فى العالم
قالت الدكتورة نجوى عبدالمجيد، أستاذة علم الوراثة البشرية والاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث، إن العيوب الخلقية عند الأجنة والأطفال الرضع مسئولة عن نحو 495 ألف حالة وفاة سنويًا في جميع أنحاء العالم.
وأكدت عبدالمجيد، أن ارتفاع معدلات زواج الأقارب في مصر والدول العربية تشكل ظروفًا تسهل ظهور واكتشاف المتلازمات الوراثية النادرة، مشيرة إلى أن الدراسات كشفت عن تكرار قرابة الأبوين في مصر بنسبة تتراوح من 33% إلى 42%. وذلك وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وأوضحت أن مصر حققت تقدمًا كبيرًا في الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها، ولكن تظل الاضطرابات الوراثية النادرة مشكلة صحية كبيرة تحتاج المزيد من الجهود، أهمها الحد من ارتفاع نسبة زواج الأقارب إلى جانب الحد من ارتفاع سن الإنجاب سواء للمرأة أو للرجل.
وشددت على ضرورة الاهتمام بمجال الإرشاد الوراثي الذي يتضمن إجراء فحوص ما قبل الزواج للكشف عن الأمراض الوراثية والأمراض المرافقة للحمل مثل القلب والقصور الكلوي وللأمراض المزمنة مثل الصرع وغيرها.
وطالبت بتطبيق برامج المسح الشامل للمواليد للعمل على الاكتشاف المبكر للأمراض، ما ينعكس بشكل إيجابي على صحة الأجيال المقبلة، إلى جانب تشجيع إجراء البحوث التطبيقية والمتخصصة في مجال الإعاقة الذهنية.
وعن أهم النتائج العملية التي توصلت إليها في مجال الوراثة البشرية، قالت الدكتورة نجوى عبدالمجيد إنها نجحت في إثبات زيادة حدوث الخلل الجيني في حالات زواج الأقارب المنتشرة في المجتمع المصري وخاصة في المناطق الريفية، وأسهمت في تحديد الطفرات الوراثية الشائعة المسببة لعدة متلازمات، مثل التوحد، ومتلازمة "الكروموسوم X الهش" لأول مرة بمصر مما ساعد في التوعية بهذا المرض الذي كان يشخص على أنه مرض التوحد لتشابه الأعراض الإكلينيكية.
وأضافت أنها أسهمت أيضًا، من خلال أبحاثها، في اكتشاف وتحديد ووصف العديد من المتلازمات الجينية الجديدة، وبناء مكتبة لحالات الاضطرابات الوراثية والنفسية، والتي يستفيد منها العلماء حاليًا في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى نشر أكثر من 100 بحث في العديد من المجلات الدولية المهمة.
وأشارت عبدالمجيد إلى نجاحها في إعداد قاعدة بيانات جينية لمرضى التوحد ومرضى الصمم الوراثي، إلى جانب مشاركتها في اكتشاف طفرات جينية في مرضي الإعاقة الذهنية، وبالفعل تم تثبيط أحد هذه الجينات في شكل قابل للعلاج.
وبالنسبة لدورها كرئيس لجنة تحكيم منحة برنامج "لوريال -يونسكو من أجل المرأة في العلم للزمالة مصر"، قالت الدكتورة نجوى عبدالمجيد إن البرنامج يهدف لتعزيز تمثيل المرأة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، من خلال دفع المشاركات في البرنامج وتمكينهن من التميز في مراحل مختلفة من حياتهن المهنية، فضلًا عن أنه يشجع المشاركات على مواجهة التحديات الحالية بما يصب في مصلحة المجتمع.
وأضافت أنه منذ تدشين البرنامج في عام 1998 كان له تأثير واضح على المشاركات فيه، وكرم البرنامج أكثر من 4100 عالمة بما في ذلك 127 فائزة دولية من خلال 52 برنامجًا، تم تقديمهم في أكثر من 110 دول وبمشاركة أكثر من 500 عالمة كل عام.
وكشفت عن مساهمة البرنامج منذ إطلاقه في مصر عام 2018، بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ومكتب اليونسكو الإقليمي، في دعم وتقدير 15 عالمة مصرية استثنائية، من بينهن ثلاث فائزات تم تكريمهن دوليًا من البرنامج.
وأوضحت أنه يتم سنوًيا اختيار ثلاث باحثات مصريات متميزات في مجال البحث العلمي، ويتم منح درجة الزمالة لباحثتين في مرحلة ما بعد الدكتوراه، وتصل قيمة كل منحة منهما عشرة آلاف يورو، ويتم تقديم الزمالة الأخرى لباحثه مصرية في مرحلة الدكتوراه قيمتها ستة الاف يورو.
وأكدت أن البرنامج نجح في تسليط الضوء على إنجازات العالمات والباحثات المصريات المتميزات ممن يصلن إلى المراحل الأولى في حياتهن المهنية كل عام، وتوفير كل الإمكانات المتاحة لتسهيل مشاركة المتسابقات لتقديم أفضل ما لديهن من البحوث العلمية والابتكارات الجديدة التي تخدم المجتمع.
وحول مشاركتها في احتفال مؤسسة لوريال واليونسكو بمرور 25 عامًا من النجاح الرائد في تمكين المرأة في مجال العلوم، قالت الدكتورة نجوى عبدالمجيد إنها شاركت كرئيس لجنة تحكيم منحة لوريال -يونسكو من اجل المرأة في العلم للزمالة مصر، في تلك الاحتفالية التي أقيمت مؤخرًا بمقر منظمة اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس.
وأضافت أنه على هامش الحفل تم تكريم ثلاث باحثات استطعن متابعة مسيرتهن العلمية على الرغم من التحديات التي واجهنها في بلدانهن، وهن الدكتورة مرسال داوودي من أفغانستان، والدكتورة آن الساوور من العراق، والدكتورة ماريسيلين بابا من نيجيريا.
ووجهت الدكتورة نجوى عبدالمجيد في ختام حوارها رسالة للباحثات المصرية، قائلة "إن السعي والاجتهاد يمكن أي سيدة أو فتاة من الوصول إلى ما ترغب في تحقيقه على المستوى العلمي، فالتعليم والبحث العلمي أساس تقدم أي مجتمع وركيزة لتحقيق أي حلم"، موصية الجميع، سيدات وشباب، بالاستمرار في التعليم واقتناص كل الفرص الممكنة من المنح التي تقدمها الجهات المختلفة في مصر وخارجها.
والدكتورة نجوى عبدالمجيد حاصلة على درجة الدكتوراة في علم الوراثة البشرية، وهي كبيرة علماء الوراثة في معهد علم الوراثة، في باسادينا، كاليفورنيا، وزميل جامعة أوبسالا بالسويد، وجامعة ييل في الولايات المتحدة، وكانت واحدة من خمس عالمات تم اختيارهن للفوز بجائزة "لوريال يونسكو للمرأة في العلم" لإفريقيا والشرق الأوسط.
وحازت على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة الوطنية للتميز في العلوم الطبية المتقدمة والتكنولوجيا، وجائزة العالمة العربية المميزة، وجائزة المرأة المبدعة في علم الوراثة من جامعة الخليج العربي، وجائزة الدولة الوطنية للتميز في تكنولوجيا العلوم الطبية المتقدمة في 2016.