"المجموع مش كل حاجة".. كيف يمكن لطلاب الثانوية العامة اختيار الكلية المناسبة؟

بعد انتهاء شبح الثانوية العامة وظهور النتيجة ما اعتبره الكثيرون "المولد الذي انفض"، يبدأ شبح آخر مرتبط به ولا يقل أهمية عنه، وهو "اختيار الكلية"، والذي قد يتسبب كثيرًا في موجات من الجدال الواسع وربما الشجارات داخل الأسرة الواحدة، ولكنها حتمًا تنتهي إما بالرضا أو بالإجبار باختيار الكلية أو المعهد.

ولكن هل تفيد تلك النظرة التقليدية القديمة إلى الكليات التي ينبغي الالتحاق بها طالب الثانوية العامة 2023  الحالي؟

خبير تربوي: يجب اختيار كليات تتفق وسوق العمل “ليس الهدف شهادة”

"النظرة التقليدية إلى المجموع فقط، والاكتفاء بالاختيار بين عدد من الكليات التي كان من المعتاد في الماضي الالتحاق بها أمر غير صحيح ويجب أن يتغير"، هذا ما يؤكده الخبير التربوي حسن شحاتة في حديثه لـ"الدستور"، موضحًا أنه حتى في حال انخفضت المجاميع التي تقبل منها كليات الجامعات الحكومية هذا العام، يجب أن تختلف طريقة الطالب وذويه عند اختيار الكلية الملائمة له، إذ يجب اختيار كلية مناسبة لسوق العمل الحالي، وهذا السوق قد اختلف حاليًا رأسًا على عقب عن السابق.

وتابع أنه لابد وأن يتأكد الطالب وذويه أن المطلوب من دخوله الكلية ليس الحصول على شهادة فقط دون عمل حتى ولو كانت واحدة من كليات القمة، بل المطلوب هو الحصول على عمل، وأن يكون عمل جيد، ملائم لرغباته أولًا وكذلك متفق مع متطلبات سوق العمل ثانيًا وليس مجموعه فقط هو المتسبب فيه.

وأضاف أنه في الوقت الحالي أصبح هناك المزيد من الخيارات المتاحة أمام الطلبة مثل تلك التخصصات التي توفرها الجامعات الأهلية الجديدة والتي تتسم بتكاليفها المنخفضة فهي كذلك تتسم بتوافقها التام مع متطلبات العمل وسوقه الحالي، وهو ما يعني تخريج أجيالًا مدربة على أحدث سبل التكنولوجيا العصر في جميع المجالات، مما يتيح فرص عمل للطالب مباشرة عقب تخرجه.

وأضاف شحاتة أنه في عصر الذكاء الاصطناعي الذي نعيشه الوقت الحالي لم يعد المجموع على حسب ما يعتقد الكثيرون هو المحدد لمستقبل الطالب بل أن هناك العديد من المجالات الحديثة التي يستطيع بها الطالب صنع مستقبله بما لا يبتعد كثيرًا عن رغباته، وفي الوقت نفسه يمثل المواكبة الفعلية لما يحدث في العالم، مشيرًا إلى أن ذلك هو الهدف الرئيسي من التعليم. 

جمال فرويز:  المصارحة مع النفس وتحديد الرغبات الحقيقية بعيدًا عن المجموع

من جهة أخرى؛ يرى الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن هناك من الطلاب عقب ظهور نتيجة الثانوية العامة يعتمدون في تحديد الكلية التي سيلتحقون بها بشكل كامل على رأى الأهل أو الأصدقاء دون المصارحة مع النفس عن تحديد الرغبة الحقيقية في الالتحاق بكلية عن غيرها، مشيرًا إلى أن هؤلاء هم أشخاص اعتمادية وليس لديهم رغبات حقيقية، ويجب معالجتهم.

وتابع أن هناك أشخاصًا أخرين ينظرون بنظرات تشاؤمية عقب ظهور النتيجة وعدم توافقها مع رغباتهم ويعتبرون أنها "نهاية الدنيا"، موضحًا أن هؤلاء هم أشخاصًا ينظرون إلى الحياة بنظرات متشائمة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر غير صحيح أيضًا فالحياة لا تتوقف على مجموع أو كلية أو شئ، بل قد يكون المجموع الضعيف هو بداية جديدة لنجاح كبير.

وضرب المثل بأن هناك الكثيرين ممن لم يوفقوا بالحصول على مجاميع كبيرة في الثانوية العامة، ولكنهم التحقوا بكليات أخرى، ومعاهد متقدمة وأصبحوا خبراء في تخصصات عديدة مطلوبة ومنها النادرة، واستطاعوا تحقيق نجاحات كبيرة بها.

وأضاف أنه لذلك يجب أن يكون قرار اختيار الكلية قرارًا ديمقراطيًا بين الطالب وذويه، ولا يتم إجبار الطالب على رأي بعينه بل يكون ذلك القرار في النهاية هو الأقرب لرغباته وسوق العمل، وكذلك الأقرب لما يتوافق مع قدرات الأسرة المادية.

وكانت قد ظهرت نتيجة الثانوية العامة 2023 رسميًا يوم الاثنين الموافق 31 يوليو 2023 وذلك خلال مؤتمر وزير التربية والتعليم، بعد أن تم اعتمادها بنسبة النجاح 78.8% لهذا العام، ويحصل الطالب عليها بعد إعلانها رسميًا بنفس عبر رابط وزارة التربية والتعليم.